• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : دولة الحكومة لا حكومة الدولة .
                          • الكاتب : ماجد الكعبي .

دولة الحكومة لا حكومة الدولة

  إذا كان المفكر جان جاك روسو في كتابه عن نظرية العقد الاجتماعي قد اوضح بجلاء الفوارق القانونية والسياسية والاجتماعية بين الدولة التي لا تقوم الا على المؤسسات والفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وحاصل بتحصيل التطور الفكري للدول ورقيها وبنائها على اساس جغرافية سياسية ( جيبولتك ) بنسيج اجتماعي قد يكون من عدة مكونات تربطها روابط المواطنة التي تنتظم في سداها الى القوانين التي تستمد شرعيتها من الدستور , لذلك فان اول مايواجه طالب القانون وعالمه هو ( القانون الدستوري ) ويعرض اي القانون او ماسواه من نظام او قرارات او تعليمات وتوجيهات واوامر على الدستور فاذا انسجمت معه كان ذلك دسنوريا والا فلا يكون كذلك ويهمل لعدم دستوريته او لعدم شرعيته بالمصطلح الفكري .

 
واذا كان افلاطون ابو السياسة والفلسفة السياسية والمثل القانونية قد بدا كتابه ُ ( الجمهورية ) بسؤال عظيم وهو ( ما العدل ؟ ) فاستنتج بعد في جمهوريته الفاضلة بانه ( اعطاء كل ذي حق حقه ) بلا افراط ولا تفريط , وان الفضائل وسط بين رذيلتين والوسط هنا تعني الامر القويم بناء على قول القران الكريم (( وكذلك جعلناكم امة وسطا )) اي قومية ومعتدلة بلا اسرف ولا تقتير كالجود والكرم الذي هو وسط بين البذخ والاسراف وبين الشح والبخل المذموم , ومثل الظلم ( المؤذن بخراب البلدان ) الذي تقاومه كل الاديان السماوية والشرائع الارضية والمذاهب الانسانية  والافكار والامم والشعوب والمجتمعات الحضارية , حتى قرن القران الكريم الظلم بالشرك فقال تعالى ( ان الشرك لظلم عظيم ) .
 
وجعل له المؤرخ وعالم الاجتماع ابن خلدون بابا وسطا من ابواب كتابه القيم (( المقدمة )) وقد كانت للفارابي مهارة فكرية في النظرة الى الحكومة والدولة والسلطة في كتابه ( اراء اهل المدينة الفاضلة ) سبق فيها جان جاك روسو وغيره من المفكرين فذهب الى ان اهل المدينة الفاضلة والجمهورية الفاضلة القوا مقاليد امورهم الى شخص حاكم يتمتعون في دولته بحرياتهم على اساس المواطنة والاداء والولاء للوطن  لا على اساس اخر , ويقوم الحاكم المنتخب  الذي ولاه الناس مقاليد امورهم بتدبير امور سياستهم على احسن الوجوه بالعدل , فلا تتحول تلك الحرية الى فوضى ولا الى استبداد باقصى ما تكون هاتان الرذيلتان  بل يكون العدل قوامها لبناء الدولة لا باستعلاء وتسلط حكومة قد تذهب وتجيء بتغير الاشخاص او الخلافات العرضية بين المكونات والمجتمعات التي نجد فيها فسحة للحوار ولكن لا تعمل على الصراع , بل يجد هذا الحاكم مع حكومته واعوانه ومستشاريه والناصحين الصالحين من اهل الحل والعقد املا منتشرا كي يبني دولة يفتخر اهلها بانهم اهل تلك الحضارات القديمة التي سادت ثم بادت كي لا نظل متمسكين باننا اهل مسلة حمورابي بل فلنؤسس الاساس لبناء هذه الدولة الحالية ليبني فيها من شاء من البنائين المصلحين المخلصين ( لا النهازين ) من الذين يستعينون بمواطنيهم من ذوي الخبرة والكفاءة والاخلاص وبالتعاون بالحسنى والتعامل بالمثل مع من يريد الخير من المحيط الا قليمي والعربي والاسلامي والدولي على اساس سيادة العراق ووحدته واستقلاله وصيانة دستوره وقوانينه الدستورية ودولته المتجذرة الاعراق كالنخيل لا تنحني امام الريح او كمثل شجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء .
 
كل هذا يجيش في نفسي وفي اعماق قلبي المتعب وانا استمع بانصات بالغ الى كلمة السيد رئيس الوزراء المنتخب نوري كامل المالكي وهو يؤكد في كلمته قبل يوم من تكليفه بتشكيل مجلس الوزراء وتجديد الولاية له ومنحه الثقة لا الحكومية فقط بل الجماهيرية والاجتماعية والرئاسية والبرلمانية بقوله ( باننا نريد بناء دولة لا بناء حكومة ) وقد استبشرت الجماهير و السلطة الرابعة الصحافة صاحبة الجلالة بهذا المنطق الحضاري السديد الذي يوجب على الاحزاب والكتل والتحالفات ان تترك للمالكي حرية اختيار الوزراء ومن هم من ذوي الدرجات الخاصة لا ان يفرض هؤلاء عليه فرضا ولا بترشيحهم من احزابهم وكتلهم واحلافهم واطيافهم , حتى اذا ترك الامر لرئيس الوزراء باختيارهم ونجحت حكومته ودولته في بناء الدولة كما وعد وعهد بذلك , فان له حسناته وحسن تدبيره ولنا نحن العراقيين ثمرة نجاحه ونجاح حكومته التي تكفل بحسن اختيارها , اما اذا اصابها شيء من الفشل والتلكؤ في العمل وتراجع في الاداء – لا سامح الله – فهو مسؤول مسؤولية تاريخية وحكومية امام البرلمان وامام المواطنين والاحزاب والكتل  والخ من المسميات عما حصل , ويحق للناس الذين استودعوه ثقتهم ان يقفوا امام اخطاء وزرائه وعليه ان يتحمل بكل شرف المسؤولية امام البرلمان والراي العام ومنظمات المجتمع المدني والسلطات الثلاث وعلى راسها الصحافة صاحبة الجلالة السلطة الرابعة التي يشرفنا نحن الصحفيين والاعلاميين ان نبحث دائما عن متاعبها انريح الناس الذين تتبنى الصحافة والثقافة والاعلام اراءهم لنقلها للحكومة ومراقبة عملها عن كثب ونؤكد حكمة الشاعر : -
 
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
 
              ولا سراة اذا فسادهم سادوا
 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=2186
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 12 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15