زنوبيا التي اتحدث عنها ليست هي زنوبيا ملكة تدمر ... زنوبيا التي اقصدها تفترش الارض صباحا لتلتقط هي واربعة اطفال ما تجود به سيارات النفايات ... زنوبيا لم تحلم ان تجلس على كرسي كما حلمت زنوبيا ملكة تدمر ولم تفكر يوما ان يكون لها جيش تغزو به القسطنطينية ... زنوبيا تحاول ان تحصل على بعض الصفائح لكي تجلس عليها وتصنع هي واطفالها من علب البيبسي الفارغة جنودا لتحميها بعد طرقها وبيعها بابخس الاثمان ... زنوبيا كانت تشرب لبن العصفور حين الطلب وزنوبيا تحاول ان تجد بعض فتات الخبز من موائد المترفين .... زنوبيا استطاعت ان تركع الرجال تحت اقدامها وزنوبيا لم تستطع ان تحافظ على ابنها فقد اختطفه الموت باكرا والسبب  عبوة ناسفة  ... زنوبيا تذلل لها الملوك وزنوبيا فقدت زوجها اثر اصابته بالتدرن نتيجة استنشاقه اثيل الرصاص في بلد اصبح كل شيء فيه مباح ...

زنوبيا امراة من عشرات النسوة يخرجن يوميا الى مكبات النفايات في العاصمة وبعض المحافظات هن واطفالهن يحاولن ان يحصلن على قوت يوم والغد امره الى العلي القدير ..

تسكن زنوبيا في قصر ابوابه من ذهب وحيطانه من ياقوت وزنوبيا تسكن في بيت سقفه من قصب البردي وبعض المخلفات الصناعية من الورق وقطع من بقايا صفائح معدنية لا تقي من حر صيف  فزنوبيا لاتعرف الكهرباء ولاتعرف مبردات الشهرستاني ولا مكيفات المالكي ولم يصل الى بيتها غير ضوء فانوس خافت تهشمت زجاجته فينطفيء عند اول مهب ريح  وفي بعض الليالي تستعيض عنه بالضوء الرباني ..

مادعاني الى نقل هذه الحالة الماساوية هو حصول اعضاء البرلمان على امتياز جديد يضاف الى امتيازاتهم التي لاتعد ولاتحصى ... وهو شمولهم بقانون الرعاية الاجبارية المنزلية وحصولهم على ثلاثة ملايين دينار كبدل ايجار شهري  ... واعتقد ان المشرع الذي سن هذا القانون لاعضاء البرلمان والذي هو منهم كان ممن يعيشون جارا لزنوبيا ملكة تدمر ونسي زنوبيا التي افترشت الارض قرب مكبات النفايات ليخبروها انها متجاوزة وهددوها بالطرد ...

وتناسى عضو البرلمان ( المشرع ) ان يضيف الى الامتيازات الاخرى امتيازا جديدا لاعضاء البرلمان وهو بدل العدوى من العراقيين بمبلغ خمسة ملايين دينار فاغلبنا اما مصاب بالهستيريا نتيجة انقطاع الكهرباء او بالصلع نتيجة الاستحمام بالماء المالح لاتقاء حرارة الجو ...

دعوة منا لكل اعضاء البرلمان انتبهوا وضعوا ايديكم بايدي المشرع لامتيازاتكم ليضيف لكم امتيازا جديدا ...

فانتم الان ابغض خلق الله ولن تقدموا شيئا ... ولن تسطيعوا ان تحسنوا صورتكم في مخيلة زنوبيا حتى لو كان في مكب النفايات ذهبا من مخلفات موائدكم العفنة .

 منعم البصراوي