• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الصبر واحترام الجار ثروة لا تقيم !! .
                          • الكاتب : سيد صباح بهباني .

الصبر واحترام الجار ثروة لا تقيم !!

 بسم الله الرحمن الرحيم

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ آل عمران /200 .
﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ آل عمران /92 .
﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ النساء/36 .
الإحسان إلى الجار من أعظم علامات المؤمنين الأبرار لذا قال الإمام
زين العابدين عليه السلام في رسالة الحقوق بحق الجار :
وأما حق جارك فحفظه غائبا وإكرامه شاهدا ونصرته إذا كان مظلوما، ولا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوءا سترته عليه، وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة، وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوة إلا بالله.
فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ؛ أنَّ النبيَّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال : " ما مِن مسلمٍ يموتُ فيشهَدُ له أربعةُ أهلِ أبياتٍ مِن جيرانه الأدنَينَ أنَّهم لا يعلمونَ إلا خيرًا ؛ إلاَّ قالَ الله : قد قبِلتُ عِلمَكُم فيه ، وغَفرتُ له ما لا تعلَمون".
يذكر رجل يُسمى ابن جدعان وهذه القصة حدثت منذ أكثر من مائة سنة تقريبًا فهي واقعية...
يقول : خرجت في فصل الربيع ، وإذا بي أرى إبلي سماناً يكاد أن يُفجَر الربيع الحليب من ثديها ، كلما اقترب ابن الناقة من أمه دَرّت وانفجر الحليب منها من كثرة البركة والخير ، فنظرت إلى ناقة من نياقي وابنها خلفها وتذكرت جارًا لي له بُنيَّات سبع ، فقير الحال ،
فقلتُ والله لأتصدقن بهذه الناقة وولدها لجاري ، والله  تعالى يقول : (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) آل عمران / .92
وأحب مالي إلي هذه الناقة
 يقول : أخذت هذه الناقة وابنها وطرقت الباب على جاري وقلت خذها هدية مني لك...
 يقول : فرأيت الفرح في وجهه لا يدري ماذا يقول  فكان يشرب من لبنها
ويحتطب على ظهرها وينتظر وليدها يكبر ليبيعه وجاءه منها خيرٌ عظيم
فلما انتهى الربيع!!
وجاء الصيف بجفافه وقحطه، تشققت الأرض وبدأ البدو يرتحلون يبحثون عن الماء والكلأ ، يقول شددنا الرحال نبحث عن الماء في الدحول ،
والدحول : هي حفر في الأرض توصل إلى محابس مائية لها فتحات فوق الأرض يعرفها البدو .
يقول : فدخلت إلى هذا الدحل لأُحضر الماء حتى نشرب ـ
وأولاده الثلاثة خارج الدحل ينتظرون ـ فتهت تحت الدحل ولم أعرف الخروج !
وانتظر أبناؤه يومًا ويومين وثلاثة حتى يئسوا
وقالوا : لعل ثعبانًا لدغه ومات .. لعله تاه تحت الأرض وهلك ..
وكانوا والعياذ بالله ينتظرون هلاكه طمعًا في تقسيم المال والحلال،
فذهبوا إلى البيت وقسموا الميراث
فقام أوسطهم وقال: أتذكرون ناقة أبي التي أعطاها لجاره
 إن جارنا هذا لا يستحقها ، فلنأخذ بعيرًا أجربًا فنعطيه الجار ونسحب منه الناقة وابنها ، فذهبوا إلى المسكين وقرعوا عليه الدار
وقالوا: أخرج الناقة ...
قال : إن أباكم أهداها لي .. أتعشى وأتغدى من لبنها ،
فاللبن يُغني عن الطعام والشراب كما يُخبر النبي صلى الله عليه وآله، فقالوا : أعد لنا الناقة خيرٌ لك ،
وخذ هذا الجمل مكانها وإلا سنسحبها الآن عنوة ، ولن نعطك منها شيئًا !
قال : أشكوكم إلى أبيكم ...
!! قالوا : اشكِ إليه فإنه قد مات
 قال : مات .. كيف مات؟ ولما لا أدري؟
 قالوا : دخل دِحلاً في الصحراء ولم يخرج
 قال : اذهبوا بي إلى هذا الدحل ثم خذوا الناقة وافعلوا ما شئتم ولا أريد جملكم ، فلما ذهبوا به وراء المكان الذي دخل فيه صاحبه الوفي ذهب
 
وأحضر حبلاً وأشعل شعلةً ثم ربطه خارج الدحل فنزل يزحف على قفاه
 
حتى وصل إلى مكان يحبوا فيه وآخر يتدحرج ... ويشم رائحة الرطوبة تقترب ،
 
وإذا به يسمع أنينًا وأخذ يزحف ناحية الأنين في الظلام ويتلمس الأرض ،
 
ووقعت يده على طين ثم على الرجل فوضع يده فإذا هو حي يتنفس بعد أسبوع من الضياع 
 
فقام وجره وربط عينيه ثم أخرجه معه خارج الدحل وأعطاه التمر وسقاه
 
وحمله على ظهره وجاء به إلى داره ، ودبت الحياة في الرجل من جديد ،
 
وأولاده لا يعلمون
 
قال : أخبرني بالله عليك كيف بقيت أسبوعًا تحت الأرض وأنت لم تمت !!
 
 
 
قال: سأحدثك حديثاً عجيباً ، لما دخلت الدُحل وتشعبت بي الطرق
 
فقلت آوي إلى الماء الذي وصلت إليه وأخذت أشرب منه ولكن الجوع لا يرحم ، فالماء لا يكفي ...
 
 
 
يقول : وبعد ثلاثة أيام وقد أخذ الجوع مني كل مأخذ ،
 
وبينما أنا مستلقٍ على قفاي سلمت أمري إلى الله وإذا بي أحس بلبن يتدفق على لساني
 
 فاعتدلت فإذا بإناء في الظلام لا أراه يقترب من فمي فأرتوي ثم يذهب ،
 
 فأخذ يأتيني في الظلام كل يوم ثلاث مرات ، ولكن منذ يومين انقطع ...
 
 لا أدري ما سبب انقطاعه ؟
 
 
 
يقول : فقلت له لو تعلم سبب انقطاعه لتعجبت !
 
ظن أولادك أنك مت جاءوا إلي فسحبوا الناقة التي كان يسقيك الله منها ..
 
والمسلم في ظل صدقته ، وكما قال :
 
( صنائع المعروف تقي مصارع السوء )
 
فجمع أولاده وقال لهم :
 
 اخسئوا .. لقد قسمت مالي نصفين نصفه لي ،
 
ونصفه لجاري !
 
أريتم كيف تخرج الرحمة وقت الشدة!..
 
وقال الرجل لجاره وصديقه هذه الأبيات :
 
 
 
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها * فرجت وكنت أظنهـا لا تفرج
 
وقال لجاره سمعت من أبي وهو يوصيني بمقالات مأثورة للإمام زين العابدين عليه السلام  وقال لا تنسى  أيضاً بشاشة الوجه بـصحبة الجار وقال ، وقال الإمام زين العابدين في رسالة الحقوق بحق الجار :  
 
 
 
وأما حق جارك فحفظه غائبا وإكرامه شاهدا ونصرته إذا كان مظلوما، ولا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوءا سترته عليه، وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة، وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوة إلا بالله .
 
وحث الإسلام على أن تكون العلاقة بين كل أفراد المجتمع قوية ومتينة يسودها الإخاء والمحبة ، لذلك أعطي كل فرد في المجتمع حقوقا تشعره بأهمية وجوده ، ويجب على الآخرين احترامها ، كما ألزمه بواجبات يؤديها للآخرين . ومن الحقوق التي أوجبها الإسلام حقوق الجار . فمن الجار ؟ وما حقوقه؟ وما آثر مراعاتها ؟
 
أن للجار حقوقا كثيرة أكد عليها جبريل عليه السلام حتى ظن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الجار سيعطى نصيبا من الميراث : عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)
 
ومن هذه الحقوق :
 
1ـ حفظه في نفسه وماله وعرضه ؛ فلا يجوز الاعتداء عليه ولا على ماله , ولا مضايقته أهله بنظرات السوء .
 
2ـ كتمان سره
 
3ـ مساعدته عند الحاجة .
 
4ـ نصرته في الحق .
 
5 ـ العفو عن زلته ،والصفح عن خطيئته .
 
. 6 ـ زيارته وبخاصة عند المرض
 
. 7ـ تهنئته عند الفرح , ومواساته عند المصيبة
 
8 ـ مراعاة شعوره وشعور لبنائه , فقد قال رسول الله صلى الله عليه  وآله وسلم : ( ولا تؤذيه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها , وان اشتريت فاكهه فاهد له فان لم تفعل فأدخلها سرا , ولا يخرج بها ولدك ليغيظ ولده ).
 
حقوق الجار بعد وفاته :
 
وفاته , ومن الحقوق التي تراعى في ذلك :
 
. 1ـ اتباع جنازته إذا مات
 
. 2ـ ألاح سانان لمراعاة حقوق الجار آثرا منها
 
. ـ نشر الوئام والمودة بين أفراد المجتمع بأسره 1
 
. 2 ـ  تقوية التعاون والمساعدة
 
وأن آثار مراعاة حقوق الجار هي من الواجبات...
 
وهكذا فان المسلم يشعر بضرورة الإحسان إلى الجار ؛ لأن في ذلك اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يحسن إلى جيرانه ، ويمازحهم ويداعب أطفالهم ، ويصبر على أذاهم ؛ فقد كان له في مكة المكرمة جيران سوء آذوه حتى وصل لهم الأمر إلى أن سدوا عليه الطريق إلى بيته , ووضعوا القاذورات على بابه , فكان يزيلها ,ولا يزيد عن ذلك . كما كان له جيران في المدينة  يضمرون له العداوة والبغضاء , إلا أنه كان يرفق بهم , ويأمر أصحابه أن يحسنوا إليهم .
 
لأهله وأبنائه وأصدقائه
 
أحسن على الناس تستعبد قلوبهمُ فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
 
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم :" إنَّكم لن تَسَعوا الناسَ بأموالكم ، ولكن يسعهم منكم بسطُ الوجه ، وحُسنُ الخُلُق ".
 
وهنا يجب علينا أن نكون أخوة في الوطن ونحمي جارنا قبل دارنا ونتكاتف ونكون يداً واحدة ضد أي عدو ويداً بيد للتعاون والتآخي وبمناسبة عيد الفطر المبارك أتقدم بالتهاني بمناسبة عيد الفطر المبارك أعاده الله على الجميع باليمن واليسر على الأمة والعراق وشعبه والمنطقة كلها وشعوبها وأخزى الله الإرهابيين والقاعدة والساعين بالطل منهم؛ وكل عام وأنتم بخير والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=20841
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 08 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13