ما يقوم به الموظف العمومي طيلة العام يصلح مثلاً يضرب في معرفة أسباب الفشل الذريع في إدارة الأزمات وإيجاد الحلول. ولكن كيف يكون ذلك ؟.
يتكاسل الموظف في أداء واجباته وينشغل بالتفاهات ويعجز في إنجاز معاملات الناس التي ترد إليه يومياً ويكدس الملفات واحداً تلو الآخر ثم تتراكم عنده ويضعها في زاوية من زوايا غرفته ويتماهل ، وكلما جاء إليه مواطن مراجع بملف قال له : تعال في الغد ، أو تعال بعد شهر من الآن ، وقد يتواضع ويقول له ، بعد أسبوع ويقول لنفسه سأنجز المعاملات تباعاً حتى لا يتبقى منها شيء وأرتاح منها تماماً وبعد مرور عام سيجد أن ما لديه ، وما لدى زملائه الآخرين في المؤسسة تجاوز المئات من الملفات غير المنجزة وهذه سنة الحياة في الدوائر العمومية ثم تجمع في حاوية زبالة كبيرة وتضرم فيها النار وتحترق بينما الناس تنتظر..!
في السياسة العربية إعتمد الرجال على الطريقة التي إعتمدها قبلهم ذلك الموظف الحكومي المحترم وزملاؤه المحترمون هم ايضاً ، فصاروا يراكمون المشاكل واحدة تلو الاخرى ويضعونها على الادراج أو الخزانات المغلقة بإحكام أو على طاولاتهم أو يأتمنون عليها من يتناساها حتى تكون عنده في المقام الأخير لكثرة ما تلاها من مشاكل وقضايا وكلها لم تجد الحل ولم تنجز تحت شعار ... ترحيل المشكلة ، تأجيل الحل .. الإنتظار لمزيد من الوقت .. معرفة ردود فعل الآخرين .. حتى يتنازل الخصوم .. حتى ينزل المطر في الصيف .. إحتراما للكرامة ونزولاً عند رغبات الجمهور والأنصار ... أهداف وشعارات أخرى.
تمر فترة طويلة من الزمن ويدفع الناس أثماناً باهظة من المعاناة وقلة ما يتحقق لهم من منجزات ولا يأتيهم من الوعود المتحققة إلا النزر اليسير ثم يجد السياسيون أن ما ركنوه من مشكلات تماهلوا في حلها أو تعاندوا فيه بلغ رقماً قياسيا فاق ما ركمه الموظف العمومي في غرفته طيلة العام.
الموظف والسياسي والملفات العالقة والمركونة جانباً تجتمع لتعطي وصفة جاهزة لفساد ينتشر ويغطي كما الضباب الدروب ولايعود أحد يرى غيره ولانفسه .
مالم يغادر السياسي عقلية سائق التاكسي وموظف الخدمة العامة فلن يكون قادرا على فعل يعيد للناس رغبتهم في التواصل والشعور بأمل في المستقبل.
|