كما قلنا في مقالات سابقة عن تواتر الحديث بخصوص الامام المهدي المنتظر لدى كل المذاهب الاسلامية وهذا التواتر جاء منذ ان قال رسول الله (ص) اول حديث عن الامام المهدي الى يومنا هذا ، بقي ان نعلم هل الشبهات التي اثيرت والتي تثار بين الفترة والاخرى بخصوص الفكرة المهدوية هل هي متواترة الاخرى ام ان لها بداية ومتى كانت هذه البداية ؟
عند دراسة الظروف التي احاطت بالاحاديث الخاصة بالامام المهدي تتضح لنا امور نستدل منها استدلال عقلي عن ابعاد هذه الشبهات التي يطرحها القوم ، وتبقى الشبهة الابرز هي المولد وطول العمر ومن ثم الهوية اما بقية الامور من علامات الظهور والظهور ومدة الظهور وكيفية الحكم كلها امور وليدة ساعتها وتاثيرها لا يكون على الفكرة المهدوية بقدر تاثير المولد والهوية .
الحديث عن الغيبة وانكارها لم يكون مطروق منذ ان قال الرسول (ص) اول حديث يبشر به بدولة الامام المهدي لان الغيبة كانت من الامور الطبيعية جدا وهذه بعض الشواهد عليها .
الشاهد الاول: عندما توفى رسول الله (ص) أخذ عمر يقول : ( إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي ، إن رسول الله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى عن قومه وغاب أربعين يوما ، والله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي وأرجل من يزعمون أنه مات ) تاريخ الطبري ط أوربا ج 1 ص 1818 .
الشاهد الثاني : في معركة القادسية في زمن الخليفة الثاني حدث ان اتفق ابو محجن الثقفي مع زوجة سعد بن اي وقاص ان تسمح له بالقتال لانه كان سجين عند سعد فسمحت له على ان يرجع بعد انتهاء المعركة فخرج الى ساحة المعركة وقد شد على القوم بغارات قوية فقالوا: \" والله لولا محبس أبي محجن لقلت هذا أبو محجن وهذه البلقاء وقال بعض الناس إن كان الخضر يشهد الحروب فنظن صاحب البلقاء الخضر\" تاريخ الامم والملوك 2/416 ، هنا ان القوم ذكروا الخضر ليقينهم بغيبة الخضر وانه موجود ولكنهم لا يعرفونه
الشاهد الثالث : عندما اعتلى ابو العباس السفاح كرسي الحكم وقف يخطب في الكوفة قائلا: \" فأنا السفاح المبيح، والثائر المبير. . وكان موعوكا، فجلس على المنبر، فنهض عمه داود من بين يديه، فقال: إنّا - والله- ما خرجنا لنحفر نهرا، ولا لنبني قصرا، ولا لنكثر مالا، وإنما خرجنا أنفة من ابتزازهم حقنا، ولقد كانت أموركم تتصل بنا، لكم ذمة الله، وذمة رسوله، وذمة العباس، أن نحكم فيكم بما أنزل الله، ونسير فيكم بسنة رسول الله -صلى الله عليه ( واله) وسلم- فاعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج عنا، حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم\" الكامل في التاريخ لابن الاثير 5/ 66، وهذا يدل على ايمانهم بوجود عيسى وانه سيظهر وعلى هذه الرواية لنا تعقيب سيكون في وقته .
الشاهد الثالث : قصة زينب الكذابة يرويها جمال الدين بن يوسف بن الحسن بن محمد الزّرندي الحنفي المدني في كتابه (( درر السمطين )) ص301 قال :
نقل الاستاذ أبوسعيد عبد الملك بن أبي عثمان الواعظ في كتابه الذي في شرف النبي ( ص ) بسنده الى يحيى المنجم قال : ظهرت زينب الكذابة ، فزعمت أنها لبطن فاطمة وعلي ( ع ) فقال المتوكل لجلسائه : كيف لنا بصحة هذه المرأة وعند من نجده ؟ فقال الفتح بن خاكان : ابعث الى علي بن محمد الهادي حتى يحضر ويخبرك حقيقة أمرها ...الى نهاية القصة ، اخذنا من القصة محل الشاهد ان هذه المراة ادعت الغيبة والظهور فلم يستطع المتوكل انكار ذلك باعتباره بعيد عن العقل والمنطق بل انها كانت ثقافة موجودة ان الغيبة ممكنة .
بعد هذه الشواهد هل هنالك من ادعى الشبهات في زمن الائمة المعصومين عليهم السلام بخصوص المولد والغيبة ؟ لم اجد في المصادر من طعن بهوية المهدي او الغيبة كما وان المعلوم لدى الصحابة والمجتمع الاسلامي عندما يذكر حديث النبي بهذا الشكل تكثر الاستفسارات عن صفة وهوية المهدي فهل يا ترى سالوه واجابهم ام انهم يعلمون الهوية فسكتوا يتحينون الفرص كما تحينوا الفرصة بال محمد بعد وفاة محمد (ص) ؟ ام انهم كانوا مطمئنين بان الظهور لازال موعده بعيد ؟ وهذا الاطمئنان فيه اشكال شرعي وشركي اي انهم يعلمون ساعة الظهور وهي من اختصاص الله عز وجل ، كما وللائمة عليهم السلام اكثر من رواية تصف بها المهدي ونسب المهدي وقد كثرت هذه الروايات خصوصا مع قرب الغيبة اي في زمن الامام التاسع والعاشر والحادي عشر .
اما بالنسبة لاعتماد القوم على حديث منسوب الى رسول الله (ص) يقول : اسمه اسمي واسم ابيه اسم ابي \" سنتطرق اليه في مقالنا القادم
للحديث بقية
|