يقول رئيس مجلس النُوّاب ان مجلسه فضلا عما ضمه من فندق للنُوّام توسع ليضم وكر للنُهّاب يحتوي نوعيات متميزة منهم ، استطاعو ان يطوروا مواهبهم و يحرقوا المراحل الزمنية ليصلوا الى مستويات قياسية في تزوير مستندات الصرف و اوراق الحمايات الوهمية و ابتلاع رواتب افراد تلك الحمايات ، و حرصا من دولته على سلامة هذه المواهب و حفظهم من عيون الحاسدين فانه يتحفظ على اسمائهم ، و لا يرى حاجة لكشفها امام شعب جاهل لا يقدر المواهب التي انتخبها بنفسه .
انتهى حفل الديمقراطية الذي اقامته القوات الامريكية وانكشفت النوايا الحقيقية للهيمنة المغلفة بشعارات الديمقراطية مع عدم احترام واضح لتلك الشعارات ، و عرف الجميع ممن هم في السلطة او قريبين منها ان الفرصة قد لا تتكرر و الحياة فرص و الاغبياء فقط من يتركون الفرص تمر دون انتهازها ، و لكن بالتاكيد دون التجاوز على او حتى المساس بالخطوط الحمراء التي تحددها القوة الفاعلة الحقيقية في رسم السياسة العالمية ، وهو بالضبط ما عبر عنه سلوك النظام المصري الذي سمح بهامش محسوس من الممارسة الديمقراطية انسجاما مع تلك الشعارات المرفوعة انذاك ، قبل ان تتوضح له النوايا الامريكية من خلال الكثير من الممارسات التي كان التدخل الفج في نتائج الانتخابات العراقية احدى نماذجها ، ليعود النظام المصري الى ممارسة ابشع السلوكيات الدكتاتورية التي بلغت الذروة في تزوير انتخابات مجلس الشعب 2010 .
من يطلع على العملية السياسية الجارية حاليا في العراق سوف يرى انقلابا اقل وضوحا مما جرى لاحقا في الشقيقة الكبرى و ذلك ما تدل عليه المقارنة بين نتائج الانتخابات التي جرت في البلدين ، فالحالة العراقية اكثر تعقيدا حيث صيغ القانون الانتخابي بطريقة مراوغة تقلل الحاجة للتزوير و تسهل عملية الالتفاف لكل من استطاع الى ذلك سبيلا ، و النتيجة عملية سياسية مفتوحة على كل الاحتمالات .
لكن اغلب المؤشرات الاولية تعبر بوضوح عن طبيعة المرحلة القادمة في ادارة شؤون العراق ، فعلى الصعيد التشريعي تسود قاعدة بوكي و طمطم أي ان النُهّاب من حقهم التزوير و السرقة ، و ما على دولة رئيس مجلسهم الا طمطمة اوضاعهم ، اما على الصعيد القضائي و القانوني فان الامر لا يحتاج اكثر من غفوة بسيطة من اصحاب الشأن ليستيقظوا بعدها و قد اجرى اخرون اللازم ، و كما اعلنت انتخاباتنا بالامس على دفعات تعلن اليوم تشكيلتنا الوزارية بالاقساط و حسب الوزن النوعي للاحزاب و الوزارات و البعض رفع شعار ؛ الاقربون اولى بالمعروف .
مع كل هذا فان الاغلبية الساحقة من الشعب العراقي غير معترضين على ذلك لان ما يصيب نوابنا و نهابنا من خير لا يلبث ان يعود بعضه علينا و نحن ناس قنوعون علمتنا التجربة ان نرضى باقل القليل ، لكن للاسف كان لنا امنية بسيطة جدا ، و هي ان لا نرى من يذكرنا باذلالنا و هزيمتنا و تخلفنا و شتاتنا و تشردنا و تمزقنا و تمزيقنا ، و قد تصدروا المشهد السياسي .
لسنا مسكونين بروح الانتقام كما يقول الشمبانزي ، المطلق الوحيد في عمليتنا السياسية النسبية ، فمن حقه ان يعيش هو و بقية قردة البعث ، شيوخا او امراءَ او زعماء بين اتباعهم ، لكن ليس من حق الشمبانزي ان يتهم ضحايا حزبه المدحور بروح الانتقام ، عندما ترفض تلك الضحايا مشاهدة ذلك الوجه الاستفزازي الذي ابدع الباري في تشويه ملامحه البشعة التي تذكر باقذر جرائم صدام سابقا و الارهاب حاليا و هو يمتدح تلك المنظمة السرية الارهابية ، و تتمنى ان تعيش بعيدا عن تلك الذكريات المؤلمة .
لكن للاسف هُزم النسبيون امام المطلق الوحيد الذي ثبت على كل ما اعلنه منذ البداية لحد الان فلم يعترف بالتغيير الذي اتى بمن يسميهم بالانتقاميين و الطائفيين و لا برموزه ، ولم يتزحزح عن رفع العلم الصدامي الذي التزمت به فضائيته البابلية التي لم تنقطع عن الترويج للافكار البعثية و رموز البعث و استضافة نفاياته ، رغم كل الحقائق التي كشفتها محاكمة رموز النظام و الاعترافات الصريحة للبعض منهم ، حتى انه لم يكلف نفسه عناء الاعتذار الكاذب كما فعل رفاقه لضحايا البعث من العراقيين .
كل هذا مكفول بحمايته لمنظمة مجاهدي خلق ورفعه لشعارات العداء للجارة ايران التزاما امام السيد الامريكي ، الراعي المطلق للعملية السياسية الذي لن يجد خير من قردة البعث بقيادة الشمبانزي المطلق لحماية مصالحه الستراتيجية .
فهل ترى يا سيد معين ان قياداتنا الدينية و السياسية واعون للخطر الحقيقي ام ان صراعهم مع الرذيلة انساهم صراعهم مع الاراذل ؟ |