استوقفني البارحة حديث ذكره الخطيب عن رسول الله صلى الله عليه وآله يقول فيه : الغرباء في الدنيا أربعة : قرآن في جوف ظالم ، ومسجد في نادي قوم لا يصلى فيه ، ومصحف في بيت لا يقرأ فيه ، ورجل صالح مع قوم سوء . ( ميزان الحكمة ج٣ ) .
وأكثر ما لفت انتباهي هو غربة القرآن هنا ، وأردفها الخطيب بحادثة تاريخية تنطبق على هذا المعنى تمام الانطباق :
قال معاوية - مفتخراً - : فضّل الله قريشاً بثلاث ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ونحن الأقربون ، ﴿وإنه لذكر لك ولقومك﴾ ونحن قومه ، ( لايلاف قريش ) - ونحن قريش - .
فقال له رجل أنصاري : على رسلك يا معاوية ، قال الله : (وكذب به قومك ) وأنت من قومه ، ( إذا قومك منه يصدون ) وأنت من قومه ، ( إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) وأنت من قومه ، فهذه ثلاث بثلاث ولو زدتنا لزدناك فأفحمه . ( الصراط المستقيم ، علي بن يونس العاملي ، ج٣ ص٤٩ ) .
فلاحظ كيف استدل معاوية بالقرآن الكريم مفتخراً ، وكيف بيّن له الرجل أن ثمّة مسافة وغربة بين معاوية وفهم القرآن الكريم .
أقول : كلما ازددنا ظلماً كلما ازددنا مسافة بيننا وبين القرآن الكريم ، وكلما استوحشنا هذا الكتاب الكريم وزاد فينا غربة ..
والظلم درجات ، فكل منّا فيه درجة من درجات ظلم معاوية .. فبيننا وبين الظلم حدود الله ( ومن يتعد حدود الله فاولئك هم الظالمون ) .
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
|