• السلام عليكم شيخنا.
• وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
• شيخنا، ممكن أسأل سؤالًا؟
• تفضل، يا بُني.
• أود أن أسألك عن مسيرتك الحوزوية، وكم سنة درست قبل أن تصبح مرجعًا؟
• وُلدتُ عام 1214هـ في بلدة دزفول، ودرستُ المراحل الابتدائية، ثم بدأتُ دراسة الفقه والأصول لمدة ستّ سنوات. لكنني لم أكتفِ، فقد كنتُ أشعر أن هناك الكثير مما أجهله، لذا قررتُ مواصلة الدراسة. في أحد الأيام، قرر والدي السفر إلى العراق لزيارة العتبات المقدسة، فأصررتُ على مرافقته، وكان عمري آنذاك 18 سنة. بعد وصولنا إلى كربلاء، قررتُ البقاء هناك لمتابعة دراستي في حوزتها العلمية، التي كانت تزخر بالعلماء الكبار، ومنهم آية الله العظمى السيد محمد المجاهد، وآية الله العظمى الشيخ محمد شريف العاملي المازندراني، المعروف بـ "شريف العلماء". درستُ عندهما لمدة أربع سنوات، لكن عندما استولى والي بغداد على كربلاء، اضطررتُ إلى السفر إلى الكاظمية، حيث بقيتُ لمدة سنة واحدة. بعد ذلك، توجهتُ إلى النجف الأشرف، حيث كان من كبار علمائها آنذاك آية الله العظمى الشيخ موسى كاشف الغطاء، فدرستُ عنده لمدة سنتين، ثم عدتُ إلى مسقط رأسي في دزفول.
• عفوًا شيخنا، يعني كم سنة درست عند العلماء؟
• 13 سنة.
• ما شاء الله! وماذا بعد ذلك؟ هل واصلتَ دراستك أم أصبحتَ مرجعًا؟
• بالطبع، كنتُ لا أزال طالب علم أبحث عن المزيد، فقررتُ السفر إلى إيران لطلب العلم. أول محطة لي كانت بروجرد، حيث حضرتُ درس آية الله الشيخ أسد الله البروجردي لمدة شهر، ثم انتقلتُ إلى أصفهان، التي كانت حوزتها تحت زعامة آية الله العظمى السيد محمد باقر الشفتي. التقيتُ بالسيد الشفتي، ودار بيننا العديد من المناظرات والمباحثات. عرض عليَّ البقاء في أصفهان لتدريس الطلاب، لكنني اعتذرتُ لرغبتي في مواصلة رحلتي العلمية. بعد ذلك، سافرتُ إلى كاشان، حيث ترأّس الحوزة آنذاك آية الله العظمى الشيخ أحمد النراقي، صاحب كتاب مستند الشيعة. حضرتُ دروسه وأحببتُ أسلوبه كثيرًا، فمكثتُ عنده أربع سنوات، وخلالها ألّفتُ بعض الكتب. بعد هذه المدة، منحني الشيخ النراقي إجازة علمية مفصّلة، ثم قررتُ السفر إلى مشهد الإمام الرضا (عليه السلام)، حيث بقيتُ مدةً من الزمن، قبل أن أقرر العودة إلى العراق للالتحاق بحوزة النجف الأشرف، التي كانت من أعظم الحوزات العلمية وأفضلها آنذاك.
• وعند وصولك إلى النجف، كم كان عمرك شيخنا؟
• كنتُ في الثانية والثلاثين من عمري. في ذلك الوقت، كانت حوزة النجف بقيادة علمين كبيرين:
1. آية الله العظمى الشيخ علي بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء.
2. آية الله العظمى الشيخ محمد حسن الجواهري.
حضرتُ دروس الشيخ كاشف الغطاء لفترة، ثم بدأتُ التدريس في الحوزة واستقللتُ بالدرس، وكان عدرسي يُعقد في جامع الهندي، حيث كان يحضره أكثر من 400 طالب. وبعد فترة، توفي الشيخ كاشف الغطاء (رحمه الله)، وانتقلتُ إلى موقع الزعامة العلمية. خلال مسيرتي التدريسية، تخرّج من درسي 315 مجتهدًا وعالمًا، أصبح معظمهم من الشخصيات العلمية البارزة، سواء كعلماء أو كمراجع دين.
هذه نبذة موجزة ولمحة خاطفة عن مسيرة الشيخ الأنصاري (قدّس الله نفسه).
|