هي السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، وعلى هذا فإن السيدة خديجة تلتقي بنسبها مع النبي العظيم محمد(صلى الله عليه وآله الطاهرين عند الجد الأكبر (قصي).
وقفت إلى جانب النبي صل الله عليه وآله الطاهرين مساعدةً ومعاضدةً حتى أنفقت ثروتها الطائلة في نجاح الرسالة وتحقيق الأهداف التي كان يرومها، وكان رسول الله صل الله عليه وآله الطاهرين شديد الحب لها، ولم يفتأ يذكرها، ويثني عليها، وكان يردّ على من كانت تقول له إنّ الله أبدلك بخير منها:
قال «لا واللّه ما أبدلني اللّه خيراً منها، آمنت بي إذ كفر الناسُ، وصدّقتني وكذّبني الناسُ، وواستني في مالها، إذ حرمني الناس، ورزقني اللّه منها أولاداً، إذ حرمني أولاد النساء»
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية المكناة بأم هند، أم المؤمنين وأول الناس إسلاماً بإجماع المسلمين، ولدت السيدة خديجة قبل عام الفيل بخمس عشرة سنة، وكانت طاهرة حازمة شريفة وفي قومها لبيبة، ومن أوفر أهل مكة غنى، انتفع بمالها أكثر الناس، كنيتها أم الزهراء وأم المؤمنين، والطاهرة، وسيدة نساء قريش، وأم القاسم.
وكان لدعمها المادي الدور الكبير في غنى الرسول صل الله عليه وآله الطاهرين والرسالة عما في أيدي الآخرين حتى عُدّ ذلك من النعم التي أنعمها الله تعالى عليه صل الله عليه وآله الطاهرين ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾وكان صل الله عليه وآله يثمّن ذلك العطاء الوفير ويشيد بصاحبته قائلا: «ما نفعني مالٌ قطُّ، ما نفعني مالُ خديجة»
وكان صل الله عليه وآله وسلم يعتق بمالها الرقيق ويؤدي الديون عن الغارمين ويساعد الفقراء ويمدّ يد العون إلى المحتاجين وكان مصدر إنفاقه في شعب أبي طالب وعند المحاصرة مال خديجة (عليها السلام) ومال أبي طالب حتى سجلت ذلك لنا المصادر التاريخية قائلة «فأنفق أبو طالب وخديجة جميع مالهما»
الشواهد كثيرة على ذلك أن أبا جهل بن هشام كان- فيما يذكرون- لقي حكيم بن حزام بن خويلد ابن أسد، معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ، ومعه في الشّعب، فتعلّق به، وقال: أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة. فجاءه أبو البختري ابن هاشم بن الحارث بن أسد، فقال: مالك وله؟ فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال له أبو البختري: طعام كان لعمته – أي خديجة- عنده بعثت إليه فيه، أ فتمنعه أن يأتيها بطعامها!.
السيدة خديجة صلوات الله عليها شاركت رسول الله (صل الله عليه وآله) في تربية أمير المؤمنين (عليه السلام) ويكفي لها هذا الفخر العظيم حيث كانت حجراً لمولى الموحدين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) كما أنه لابد من أن يكون الحجر الذي يتكفل بتربية الإمام علي (عليه السلام) طاهراً مطهراً مهما كانت خصوصياته، كي يصبح قابلاً لهذا المعصوم أرواحنا فداه، وكما كانت فاطمة بنت أسد حجراً لرسول الله (صل الله عليه وآله) وكان لها حظ فخراً واعتزازاً بأنها كانت أهلاً في مقام المهمة الموجهة إليها، وكانت بمقام الأم للنبي (صل الله عليه وآله)، فلخديجة (عليها السلام) هذا الفخر كذلك ويدل على هذا ما ذكره ابن شهر آشوب (قدس سره) ثم إنه كان أبو طالب وفاطمة بنت أسد ربيبا النبي (صل الله عليه وآله) وربى النبي (صل الله عليه وآله) وخديجة (عليها السلام) علياً (عليه السلام) (تاريخ الطبري، والبلاذري، وتفسير الثعلبي، والواحدي، وشرف النبي، وأربعين الخوارزمي، ودرجات محفوظ السيني، ومغازي محمد بن إسحاق، ومعرفة أبي يوسف التستري) وأخذ رسول الله علياً وهو ابن ست سنين كسنه يوم أخذه أبو طالب، فربته خديجة والمصطفى إلى أن جاء الإسلام وتربيتهما أحسن من تربية أبي طالب وفاطمة بنت أسد، فكان مع النبي إلى أن مضى وبقي علي بعده.
صاحب كتاب شجرة طوبى يقول : ولما اشتد مرضها قالت: يا رسول الله اسمع وصاياي فإني أقولها لابنتي فاطمة وهي تقول لك فإني مستحية منك يا رسول الله، فقام النبي (صلى الله عليه وآله) وخرج من الحجرة فدعت بفاطمة وقالت: يا حبيبتي وقرة عيني قولي لأبيك إن أمي تقول أنا خائفة من القبر أريد منك رداءك الذي تلبسه حين نزوي الوحي تكفنني فيه، فخرجت فاطمة فقالت لأبيها ما قالت أمها خديجة صلوات الله عليهما ، فقام النبي (صلى الله عليه وآله) وسلم الرداء إلى فاطمة صلوات الله عليها وجاءت به إلى أمها فسرّت به سروراً عظيماً، فلما توفيت خديجة صلوات الله عليها أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تجهيزها وغسلها وحنطها، فلما أراد أن يكفنها هبط الأمين جبرائيل وقال: يا رسول الله إن الله يقرئك السلام ويخصك بالتحية والإكرام ويقول لك: يا محمد إن كفن خديجة من عندنا فإنها بذلت مالها في سبيلنا فجاء جبرائيل بكفن وقال: يا رسول الله هذا كفن خديجة وهو من أكفان الجنة أهدى الله إليها، فكفنها رسول الله بردائه الشريف أولاً وبما جاء به جبرائيل ثانياً، فكان لها كفنان، كفن من الله وكفن من رسول الله، فالسلام عليها يوم ولدت ويوم ماتت ويوم تبعث حيا.
|