• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هل أستطيعُ أن ألغيَ الخطأ وأحذفهُ من حياتي ؟ .
                          • الكاتب : حوراء خضير عبيس .

هل أستطيعُ أن ألغيَ الخطأ وأحذفهُ من حياتي ؟

    الأنسانُ عندما يخطئُ ويدركُ خطأه بعدَ  ذلك فيستطيعُ ببعضِ الوسائلِ والأساليبِ أن يلغي خطأهُ بالقدرِ الممكن، ويكمنُ ذلكَ عن طريقِ بعض الوسائلِ 

كالثّقةِ باللهِ سبحانَه والتّوكلِ عليهِ والتّوجهُ إليهِ بالدّعاءِ وطلبِ التّسديدِ والضّراعةِ إليهِ في كلِّ عملٍ نقدمُ عليه ( ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) (هود : ٨٨) .
فكلّ القابلياتِ الإنسانيّةِ ووسائلِ العملِ والتّغيير التي يملكُها الإنسان ماهي إلا أسبابٌ ووسائلٌ ليسَ بوسعِها أن تحقّقَ النتائج ما لم تأتِ في مواقعِها ، وما لم تجرِ وفقَ مشيئةِ الله سبحانه وتعالى من دونتخبّطٍ أو تضييعٍ على أنّ السرَّ الأعمقِ في الفوزِ بتوفيقِ الله سبحانه هو الإخلاصُ له ، وتجريدُ القصدِ والغايةِ عن كلِّ ضميمةٍ وإضافةٍ غير مرضاةٍ وخدمةٍ دينيّةٍ
وقد تحدَّثَ  القرآنُ عن أُناسٍ في صدرِ الدّعوةِ الإسلاميّةِ قد حُرموا من التّوفيقِ ، ولم يمنَّ اللهُ عليهِم بالمشاركةِ في الجهادِ وخدمةِ الإسلامِ والدّعوةِ  إليهِ؛  بسبب نواياهم ومقاصدهم غيرَ المخلصةِ، ممّا أدّى  البارئ (عزّ وجل) إلى كرهِ انبعاثهِم  للجهادِ والمشاركةِ  فيه فثبّطهم ولم يوفقهم له فقال : 
" لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ* إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ* وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ " ( التوبة : ٤٤_٤٦ ) .
نستفيدُ من هذهِ الآيةِ المُباركة هو أنَّه ما لم  تطمئنُ القلوبُ إلى نصرِ الله وتوفيقهِ ، وما لم تخلص النوايا لهُ فأنَّ  اَلله يحجزُ نصرَه وتوفيقَه، وأنَّ وجودَ النّوايا والمقاصد غيرَ المخلصةِ بينَ الصفوفِ لا يزيدُ العاملينَ والمجاهدينَ إلا تخبّطًا وضياعًا وإرباكًا للمسيرةِ الجهاديّة، في نجد أنَّ  المشورةَ والاستفادةَ من تجاربِ الآخرينَ 
فأنّ المشورةَ والتّشاورَ معناه جميعَ الآراءِ والخبراتِ للكشفِ عن الواقعِ وتحصيلُ الصوابِ حتى تصلَ إلى مصداقِ قول أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) : ( من شاور الرجال شاركهم عقولهم ) ، وقال أيضًا : (من استبد برأيه هلك ).(نهج البلاغة: الحكمة 161، 211) .
إنّ إهمالَ المشورةِ يعني إهمال الخبراتِ والتّجاربِ والكفاءاتِ العقليّة في المجالِ الحركي والسياسي والتشريعي والجهادي...، ومعناه الاستبداد بالرأي وبالتالي الوقوع  الخطأ والمفارقات ، لذلك نجد  القرآن الكريم يصفُ المؤمنينَ بأنَّ أمرَهم بينهم شورى ( وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ ) ( الشورى : ٣٨)، ولمعالجةِ هذا يتوجّب الاتّجاه إلى ممارسةِ النقدِ والنصيحةِ  وعدم تكرارِ الخطأ،  فالنّقد البنّاء والنُصحِ  والتّوجيه لهُ دورٌ في إصلاحِ وتسديدِ العمل ؛ لذا على الناسِ أن يعتبروا المحاسبةِ ، والمحاسبةِ الذّاتيّة والنّقدِ عونًا لهم ، فيستجيبوا ، ويدخلوا النقدَ في حسابهم ( فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) ( الزمر : ١٧- ١٨) .
وعندما تهمل النصيحةَ ولا يلتفت إلى النقدِ البنّاء ، فتغيبُ المحاسبة والمحاسبة الذاتية وتتراكم الأخطاء،وتتحوّلُ إلى مشكلةٍ ربّما كانت مستعصية الحل ، أو فادحة الخطر، والذي يصرُّ على الخطأ، أو يلتمسُ لنفسهِ الأعذارَ والمبررات ، ويلجأ إلى الجدلِ والمدافعةِ والتبريرِ،  فأنَّه يعبّرُ بموقفهِ هذا عن ضعفِ عنصر التقوى في نفسهِ وغيابِ الرؤية الرّبانية لعملهِ، فأنَّه بهذا الموقفُ يريدُ أن يرضي الآخرينَ من نفسهِ ، ويصوّرُ لهم سلامةَ موقفهِ ، وصحةَ عملهِ خوفًا من أن ينتقصَ أحدٌ موقفَه أو يُوَجَّه إليه لومٌ،  وينسى أنَّه يتعاملُ مع الله (عزّ وجل) ويرجو رضاه والله مطلع على السرائرِ وعالمٍ بما كان ويكون وهو بكلِّ شيئٍ محيطٍ،  وأنَّ التبريرَ والدفاعَ لا يغيّر  من الواقعِ شيئًا ولو استطاعَ أن يغيّرَ في أذهانَ الآخرينَ صورةَ الواقعِ ، وعلى من يمارس النقد والنصيحة أن يكونَ رفيقًا بمن يوجّه إليهِ النصحَ مراعيًا الخلقَ والقيم الإسلاميّة الخاصة في هذا الشأن ، ملتزمًا بأفضلِ الأساليبِ حكيمًا في نقدهِ ونصيحتهِ ومحاسبتهِ ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ) ( إبراهيم : ٢٤- ٢٥ )، فللنصيحةِ والمحاسبةِ أخلاقها وآدابها وللاستماع والاتباع والانتفاع أخلاقه وآدابه ( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ( النحل: ١٢٥ ) ، ( فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) ( الزمر : ١٧- ١٨) .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=200848
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 03 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12