
شقشقة الكرامة!!
إنَّ الصفحات والكلمات عاجزة عن أنْ تصف مواقف بعض الرجال؛ لأنهم أمة في رجل، وهل يمكن لمجلدات أنْ توثق حياة الأمة!!
لقد كان هذا العالم المجاهد الذي أفنى عمره البالغ ظاهرًا حسب الأرقام (86) عامًا، أما عمره الحقيقي فهو أكثر وأعظم من ذلك، حيث ولادته عام (1250هـ) تقريبًا، ووفاته (1336هـ).
رضوان الله تعالى عليه بما قدَّم وأخَّر .. إنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فهؤلاء وأمثالهم الذين يجب أنْ نعمل لهم نصبًا شاخصًا في البلاد، وتسمية الشوارع باسمهم والساحات، فمواقفهم يجب أنْ تتضمنها المناهج الدراسية، والبحوث الجامعية، بل والكليات العسكرية، والمؤسسات الحكومية؛ ليتعلموا دروس الحكماء، ومواقف العلماء؛ فيعرفوا صفحة واحدة من صفحات تضحيات الأعلام في سبيل خدمة المجتمع والأوطان قربة لله تعالى، ونشر تعاليم الفضيلة، وسهر الليالي لراحة الآخرين، والتضحية بالجاه والنفس واللذات من أجل حياة الأمة بعزة وكرامة ..
رحلوا بأبدانهم ولكن لا زالت مواقفهم تقرُّ عيون المؤمنين، وشوكة في عيون الكافرين، وغصَّة في قلوب المنافقين .. ويجب على الأمة التي تبحث عن عزِّها ومجدها أنْ تحيي ذكرى أعلامها؛ لأنهم قدوة صالحة لصلاح المجتمع..
وعلينا أنْ ندرس مواقفهم لا أنْ نقرأها .. وأنْ نحيي آثارهم لا أنْ نذكرها .. وأنْ نعمل بوصاياهم لا أنْ نحفظها، وأظن أنَّ ذلك حجة علينا ..
وأظن بل أنا على يقين أنَّ هذا العبد الصالح المجاهد ينطبق عليه قول الإمام علي "عليه السلام" عندما أغار جيش معاوية بن أبي سفيان على الأنبار في العراق: ((فلو أنَّ امرءًا مسلمًا مات من بعد هذا أسفًا ما كان به ملومًا، بل كان به عندي جديرًا))، فلقد عاش السيد "الحيدري" مكسوف البال، مهموم الحال؛ لمَّا رأى جيش الإنكليز يدخل العراق محتلًّا له، حيث تسلُّط الكفار على بلاد المسلمين، على عراق المقدسات، برغم ذلك الجهاد وشدة القتال في دحره.
رحمه الله رحمة ترفع منزلته بين أقرانه في الجنان .. ووفَّق الله الأمة وهداها لمعرفة مواطن كرامتها .. وجزى الله العاملين على إحياء مآثرها ..
|