• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ضرر الفساد في أمثلة (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) (ح 25) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

ضرر الفساد في أمثلة (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) (ح 25)

وزير دفاع اتفق مع قوات ثلاثة معسكرات بحساب رواتب جنود وهميين. المعسكر الاول حصل ضعف مبلغ المعسكر الثاني. والمعسكر الثاني حصل ضعف مبلغ المعسكر الثالث البالغ 30 مليون دولار. إذا كان نصف المبلغ الوهمي من حصة وزير الدفاع والبقية توزع حسب نسبة المبلغ المستحصل من كل معسكر الى كل قائد معسكر. كم يحصل من المبلغ المختلس من خزينة الدولة كل من وزير الدفاع وقائد كل معسكر؟

المبلغ المختلس من المعسكر الثالث = 30 مليون دولار. المبلغ المختلس من المعسكر الثاني = 30 × 2 = 60 مليون دولار. المبلغ المختلس من المعسكر الاول = 60 × 2 = 120 مليون دولار. مجموع المبلغ المختلس = 30 + 60 + 120 = 210 مليون دولار. المبلغ المختلس المستلم من قبل وزير الدفاع = 210/2 = 105 مليون دولار. المتبقي من المبلغ المختلس = 210 - 105 = 105 مليون دولار. ما يحصله قائد المعسكر الاول = 105 × (120/210) = 60 مليون دولار. ما يحصله قائد المعسكر الثاني = 105 × (60/210) = 30 مليون دولار. ما يحصله قائد المعسكر الثاني = 105 × (30/210) = 15 مليون دولار. هرب الوزير والموظفين الى الخارج كل في دولة بعد أن حولوا المبالغ الى اسماء أهلهم وأقاربهم.

عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى عن الفساد "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ" (الروم 41) الآية بظاهر لفظها عامة لا تختص بزمان دون زمان أو بمكان أو بواقعة خاصة، فالمراد بالبر والبحر معناهما المعروف ويستوعبان سطح الكرة الأرضية. والمراد بالفساد الظاهر المصائب والبلايا الظاهرة فيهما الشاملة لمنطقة من مناطق الأرض من الزلازل وقطع الأمطار والسنين والأمراض السارية والحروب والغارات وارتفاع الأمن وبالجملة كل ما يفسد النظام الصالح الجاري في العالم الأرضي سواء كان مستندا إلى اختيار الناس أو غير مستند إليه. فكل ذلك فساد ظاهر في البر أو البحر مخل بطيب العيش الإنساني. وقوله: "بما كسبت أيدي الناس" أي بسبب أعمالهم التي يعملونها من شرك أو معصية وقد تقدم في تفسير قوله تعالى: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" (الأعراف 96)، وأيضا في مباحث النبوة من الجزء الثاني من الكتاب أن بين أعمال الناس والحوادث الكونية رابطة مستقيمة يتأثر إحداهما من صلاح الأخرى وفسادها. وقوله: "ليذيقهم بعض الذي عملوا" اللام للغاية، أي ظهر ما ظهر لأجل أن يذيقهم الله وبال بعض أعمالهم السيئة بل ليذيقهم نفس ما عملوا وقد ظهر في صورة الوبال وإنما كان بعض ما عملوا لأن الله سبحانه برحمته يعفو عن بعض كما قال: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ" (الشورى 30). والآية ناظرة إلى الوبال الدنيوي وإذاقة بعضه لأكله من غير نظر إلى وبال الأعمال الأخروي فما قيل: إن المراد إذاقة الوبال الدنيوي وتأخير الوبال الأخروي إلى يوم القيامة لا دليل عليه ولعله جعل تقدير الكلام: "ليذيقهم بعض جزاء ما عملوا مع أن التقدير "ليذيقهم جزاء بعض ما عملوا"، لأن الذي يحوجنا إلى تقدير المضاف – لو أحوجنا – هو أن الراجع إليهم ثانيا في صورة الفساد هو جزاء أعمالهم لا نفس أعمالهم فالذي أذيقوا هو جزاء بعض ما عملوا لا بعض جزاء ما عملوا. وقوله: "لعلهم يرجعون" أي يذيقهم ما يذيقهم رجاء أن يرجعوا من شركهم ومعاصيهم إلى التوحيد والطاعة. ووجه اتصال الآية بما قبلها أنه لما احتج في الآية السابقة على التوحيد ونزهه عن شركهم أشار في هذه الآية إلى ما يستتبع الشرك – وهو معصية - من الفساد في الأرض وإذاقة وبال السيئات فبين ذلك بيان عام. ولهم في الآية تفاسير مختلفة عجيبة كقول بعضهم المراد بالأرض أرض مكة وقول بعضهم: المراد بالبر القفار التي لا يجري فيها نهر وبالبحر كل قرية على شاطىء نهر عظيم، وقول بعضهم: البر الفيافي ومواضع القبائل والبحر السواحل والمدن التي عند البحر والنهر، وقول بعضهم: البر البرية والبحر المواضع المخصبة الخضرة، وقول بعضهم: إن هناك مضافا محذوفا والتقدير في البر ومدن البحر، ولعل الذي دعاهم إلى هذه الأقاويل ما ورد أن الآية ناظرة إلى القحط الذي وقع بمكة إثر دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قريش لما لجوا في كفرهم وداموا على عنادهم فأرادوا تطبيق الآية على سبب النزول فوقعوا فيما وقعوا من التكلف. وقول بعضهم: إن المراد بالفساد في البر قتل ابن آدم أخاه وفي البحر أخذ كل سفينة غصبا وهوكما ترى.

وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى عن الفساد "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ" (الروم 41) قال جماعة من المفسرين: المراد بالبحر هنا البلاد القريبة من البحر، وبالبر البلاد البعيدة عنه، وقال آخرون: المراد بالبحر المدينة لكثرة سكانها، وبالبر القرية لقلتهم. والذي نفهمه نحن ان البر والبحر كناية عن كثرة الفساد وانتشاره. وكل ما حرمه اللَّه ونهى عنه فارتكابه جريمة وفساد في الأرض، كالحرب والبغي والإسراف والخلاعة والفجور والخمر والميسر والاستخفاف بفرائض اللَّه وعبادته، وما إلى ذلك. وإذا وصف سبحانه عصر الجاهلية بظهور الفساد برا وبحرا حيث لا أسلحة كيماوية ولا قنابل نووية، ولا شركات للاستغلال والاحتكار، ولا كازينوهات وخلاعات فبأي شيء نصف عالم اليوم الذي يهدده الفناء والدمار الشامل في كل لحظة، يهدده الفناء والهلاك لا بفعل اللَّه، ولا بكوارث الطبيعة، بل بفعل الناس الذين يملكون أبشع أسلحة الافناء والإهلاك.. ولا سبيل لأمن البشرية وصيانتها من هذا الخطر إلا أن تدمر هذه الأسلحة تدميرا كاملا، أما هيئة الأمم ومعاهدة التجارب الذرية الجزئية فإنها لم تحقّق للبشرية ما تثق به وتطمئن إليه. "لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ". الفساد في الأرض نتيجة طبيعية للإعراض عن اللَّه، وعدم الالتزام بأمره ونهيه، وكلمة "بعض" في الآية تشير إلى عذاب الدنيا، ولعذاب الآخرة أشق وأخزى. وفي الدعاء المأثور: اللهم إني أعوذ بك من الذنوب التي تغير النعم وتنزل النقم، وقال سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلّم: "اتقوا الذنوب فإنها ممحقة للخيرات"، وكفى شاهدا على ذلك قوله تعالى: "وتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً" (الكهف - 60)،

الفساد نوع من الفتنة عليك توضيحها أيها المتصدي للفساد "إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ" (الأنفال 73). ومن معاني الفساد الخراب "قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا" (النمل 34)، والمنكر "فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ" (هود 116)، والمعصية "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ" (البقرة 11). ومن المعاصي الفساد في الأرض. والفساد يؤدي إلى الهلاك نتيجة التخريب "لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا" (الانبياء 22)، و"وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا" (البقرة 205)، و "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ" (الروم 41).

جاء في كتاب القصص القرآنى للسيد محمد باقر الحكيم: سنّة ارتباط تغيير الأوضاع الاجتماعية و الحياتية للناس‌: سنّة ارتباط تغيير الأوضاع الاجتماعية و الحياتية للناس بتغيير المحتوى النفسي و الروحي لهم. و قد تحدّث القرآن الكريم عن هذه السنة في عدّة مواضع: منها: قوله تعالى في سياق القصص القرآني: "ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ* قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ‌" (الروم 41-42).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=198665
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 12 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12