يعرف علم اللغة الجغرافي ، أو اللسانيات الجغرافية بأنَّه " دراسة اللغات من حيث توزيعها الجغرافي والسكني ، ومن حيث تأثير كل لغة في اللغات " ، وموضوعه : توزيع اللغات في مناطق العالم المختلفة ليوضح أهميتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجية والثقافية([1]) . وتعود نشأة هذا العلم إلى الحرب العالمية الثانية حيث أُثير الجانب الجغرافي من اللغة مما أدى إلى إنشاء مكتب لتحليل الوسائط ، ولوضع المناهج الدراسية العلمية لتعليم اللغة لأفراد القوات المسلحة([2]) .
أمَّا قضاياه فالأولى : عمل الأطالس اللغوية الجغرافية للهجات والظواهر اللغوية ، ومن ذلك الأطلس الفرنسي لفنكر وجلييرون ، والثانية : توزيع اللغات المختلفة في جميع أنحاء العالم وذكر الفصائل اللغوية ، والثالثة دراسة اللهجات وعلاقة بعضها ببعض ([3]).
وقد أثرت اللسانيات الجغرافية على توجيه دلالة الكلمات القرآنية فمنه قوله تعالى:{ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (14)} [ النازعات / 14 ] ، فالساهرة معناها الأرض واستشهدوا بقول أمية بن أبي الصلت([4]) : [الوافر]
وفيها لحمُ ساهرَةٍ وبحرٍ، * وما فاهُوا به أبداً مُقيمُ
، وكذلك قوله تعالى :{ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (31)} [الرعد: ٣١] ففسرت ييأس بـ يعلم على لغة بني مالك ([5]). وبهذا فاللسانيات الجغرافية مهمة ؛ لمعرفة أصل القبائل ، والبلدان ، وترسيم الحدود بين بلدان العالم زيادة عن معرفة الخصائص اللغوية لكل قبيلة ، وتأصيل لغات العالم .
([1]) يراجع : علم اللغة الجغرافي بين حداثة المصطلح وأصوله لدى العرب ، عبد العزيز بن حميد .
([2]) يراجع : جغرافية اللغة ونظم المعلومات ، د. فاطمة الزهراء صادق .
([3]) يراجع : علم اللغة الجغرافي بين حداثة المصطلح وأصوله لدى العرب ، عبد العزيز بن حميد .
([4]) يراجع: شرح ديوان أمية بن ابي الصلت 68.
([5]) يراجع : اللسانيات الجغرافية وأثرها في توجيه دلالة الكلمات القرآنية ، الجودي مرداسي ،جامعة الحاج لخضر. باتنة .
|