• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : بين التمتمة واستنطاق الألم .. نفحات قلم/ للكاتبة منتهى محسن .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

بين التمتمة واستنطاق الألم .. نفحات قلم/ للكاتبة منتهى محسن

  الكتابة الحرة لا تتقيد بنظام معين ، من أجل أن تكتمل مساحة التعبير والتأثير ولتفيض المشاعر والأحاسيس ، وهذا يحدث دائما عند نضج عملية الكتابة لتنضج معها عملية الإنفعال مع الفكر وهواجس التعبير، فيكون النص المفتوح استجابة شعورية كونية غير مرتبطة بمساحة زمانية أو مكانية معتمدة على بعض الومضات الشعرية لتفعيل الأثر الوجداني ، يرتكز الأسلوب عند الكاتبة منتهى محسن على تقنية الرسائل و المخاطبة المباشرة، كاف المخاطب ويا النداء وأسلوب الاستفهام و استخدام الومضات الشعرية والكثير من الانزياح. أجمع النقاد إلى أن هذا النوع من الكتابة المكثفة هي لمحة أو فكرة تعرضها في النفس ليست بحاجة إلى أسانيد وبراهين لإثبات صدقها وهي إحدى ضرورات التعبير الأدبي .
 سعيت أن ألج العمق النصي للمجموعة عبر منفذين
&&&
( المنفذ الأول /  المحتوى )
الانزياح وبناء شعرية الومضة/
( حجزت في قلبي مقعدين من الشوق ،
وفنجانين من شغف اللقاء) ص13
و الانزياح يشكل قاعدة اسلوبية للخروج من النمط التقليدي القديم المألوف والمتعارف عليه، ظاهرة  تمنح من عبقرية اللغة التي تسمح لمستعملها بالابتعاد عن المألوف لخلق نظام جديد في متن النص الأدبي،  تفعل الدهشة بما تمتلك من شعرية عالية كثيرة الخروق والخروج على المألوف
(و تسكب الكلمات في قارورة الحدث الفريد، يستدعي ذلك أن تعيش فترة حبيس المواقع المتأزمة أو أن تجمد قليلًا في قعر زجاجة الحياة العابثة، أو أن تغلف في علب السردين المغلقة عقوبة و قهرًا). ص21
وأما جمل الانزياح المنثورة على جسد المجموعة هي  خروج عن المعيار لغرض قصدي يخدم النص ،ويعد من المسائل الجمالية للنص الأدبي يحقق للمتلقي المتعة .والكثير من النقاد انصفوا إذ اعتبروا الانزياح ظاهرة اسلوبية تعود إلى المفارقة، ومثل هذه الانزياحات عند الكاتبة منتهى محسن منثورة  في الكثير من الجمل التعبيرية ، ( أغرقها بنظراته المشعة /  لحن الهيام / قرب زعيق الطرقات/  سجين الذكريات /متكأ الرغبات /
وفي موضوع (أحاسيس قلم) كتبت 
(أنا أختطف الحروف من طرقات الوجع  وأسرق البوح من مخالب الألم ) . ص87
أغلب العناوين الفرعية  تحمل مجاذبات الانزياح وتخرج بالعنوان في الحياد، إلى التمييز( همس الموجة/ بصمة الروح/ شهيق المحبة/ ضجة الصمت / تهليل الفجر/ شهيق الحياة / من رحم المعاناة / ذروة الفقد /هلع محموم / أحاسيس قلم ،
*** 
( المناجاة)

المونولوج الداخلي ،حوار النفس منها وإليها وهو حوار يميل إلى  السرد والوصف وإلى وجدانيات إلهية 
( وحتى بعد اندراسنا سيفيض ترابنا شكرًا وثناء واكبارًا واجلالًا لرب العزة و الجبروت سبحانه) .ص 14
و حديث النفس مع المطلق سبحانه وتعالى، وتكشف المناجاة عن جوهر الكاتبة الفكري ومحتواها الذهني وتكشف عن مساحة جريئة لكتابة رسائل موجهة للحضرة النورانية المقدسة، أن تلغي كل الحجب والمسارات والمسافات التي تربط بين العبد وربه ليتصل العبد بربه مباشرة عبر مناجاته والحديث معه في الشرق والترق وجميع الشؤون الحياتية

(رسالة للخالق)
رسالة إلى الله ربي سبحانه
ويذهب الطموح إلى ما هو أبعد من نيل الجنة هناك أمنية أكبر 

(أريد أن أنظر لمن أنس وحشتي، وفك غربتي يوم فقري و فاقتي، أريد أن أرى من أمن روعي ودبر أموري حينما صد عني أحبابي) ص 22
تعمل هذه الرسائل على ربط المشاعر بالمفاهيم والقيم وتؤثر في الوجدان من خلال مخاطبة الله سبحانه مباشرة،
وهناك تعريفات مهمة عن (رسائل إلهية) بعدما تتحدث عن  الرسائل الإلهية التي هي لكل عباد الله على اختلاف دياناتهم، عبدوه أم أشركوا به، حمدوه أم جحدوه، رسالة إلى الإنسان بشكل عام ،
(من أزال الليل بثقله وأوجاعه قادر على إزالة همك ومداواة جرحك وتطيب خاطرك فقم ولا تبالي ).ص 32

*** 
(السرد بضمير المخاطب)
من أهم الأساليب الكتابية أسلوب السرد بضمير المتكلم ،فهو يحمل طاقات جمالية منها ما يأتي لغاية الوعظ والإرشاد 
(أختاري حجابك لا على ما يمليه عليك هواك وإنما وفق منهج فواضل للنساء، ولا تدغدغك  كلمات إحداهن إن وقت الستر قد ولى وانصرم ،ونحن اليوم عبيد وسائل التطور والتمدن والانبهار) .ص 176

*** 
(أسلوب الاستفهام)
من الأساليب الإنشائية المستخدمة في تحريك العواطف واضفاء الجمالية على النص والتأثير في نفس المتلقي لتمكين المعنى في ذهنه و أغلب استعمالات الاستفهام عند الكاتبة منتهى محسن هي أسئلة فكرية معنوية،
(ما مقياس الرضا الإلهي ؟
وكيف يقاس تراث الإنسان ؟
و بم يوزن الرد؟
وأي مائدة ستقدم إلى الله؟
وأيهما ستقبل وأيهما سترد؟
اسئله لحظية آنية مهمة )ص 141
&&&
(المنفذ الثاني.   التشخيص)
يمتلك الجميع دوافع عديدة للكتابة و أهم تلك الدوافع ما يحرضنا الوعي عليها ،فتكون رساله نبيلة تبهج قلوب الناس وتنير عقولهم وتنشر السلام،
سؤال أشيع بين الادباء:ـ  لماذا تكتب ؟
أجاب الكثيرون لنخرج الأحاسيس التي بداخلنا ، وما في قلوبنا على أقلامنا.
 أغلب كتاب العالم المرموقين اعتبروا الكتابة رغبة في التعبير وتقديم الرؤية الاصلاحية، بعضهم اعتبرها تنفيسًا عن النفس.
جاء في مقدمة (تمتمات قلم) الكتابة احتياج الجسد للتنفس وعدم استغنائه عن الهواء، تتنفس الروح بالكتابة والإبداع ، لهذا تركت القلم يسعى ويتلقف المشاعر من فوهة الحياة بحلوها ومرها ،بخيرها وشرها، بفرحها وحزنها

آمل أن تحيي أحرفي بعض النفوس رغم ما حوته من حزن وألم ،وتداوي بعض الندوب على فيض ما فيها من لوعة وجرح، واثارت الناقدة الكويتية المبدعة (تسنيم حبيب )في توطئتها للمجموعة،
أول قضية هي قضية الكتابة المحررة الخارجة من ربقة التصنيف الأدبي، وهذا يعني الكتابة وفق رؤية خاصة، واستجابة لانفعالات صارخة دون التفكير في تصنيف النص ،فهي إذا لم تنتم لجنس أدبي، يعني أنها تنتمي لذاتها، ونجد أن أصعب الكتابات هي الحرة كونها تغري الكثير من الكتاب ولهذا يصبح التميز قدرة واهبة ذكية وخبيرة بالحفاظ على كينونتها الإبداعية.
ترى الناقدة تسنيم الحبيب إن من مساعي الكاتبة منتهى محسن النفاذ إلى عمق المتلقي، وعدت هذه الكتابة من ضمن كتابات النص المفتوح وركزت الناقدة على الوعي، القدرة على التعاطف وفهم المشاعر والأفكار والتجارب وله قدرة على الإنتاج والمراقبة والتحليل، والكاتبة قادت المتلقي إلى المعرفة عبر تأمل يقيني فهذه النصوص المتحررة ،تمكنت من اللغة والفكر والحوار ، والمجموعة كرست فكرة النص المكثف دون الحشو، قدمت لنا سياحة فكرية في عالم وجداني انتقلت من ضيق الوجود الآدمي إلى سعه الروح الواهبة، سفرة وجدان تبحث في العشق الرباني واليقظة الصبورة والسلام.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=198550
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 12 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12