عن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى عن أمتنا: "قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ" (غافر 11) "قالوا ربنا أمتَّنا اثنتين" إماتتين، "وأحييتنا اثنتين" إحياءتين لأنهم نطفٌ أموات فأحيوا ثم أميتوا ثم أحيوا للبعث، "فاعترفنا بذنوبنا" بكفرنا بالبعث، "فهل إلى خروج" من النار والرجوع إلى الدنيا لنطيع ربنا "من سبيل" طريق وجوابهم: لا.
جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن أمتا: "لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا" ﴿طه 107﴾ عوجا اسم، أمتا اسم، الأمت: الرابية، التلال الصغار. أو هو ما قام من طين فجف. أَمْتًا: مكانا مرتفعا. عِوَجا: مكانا مُنخفضا أو انخفاضا. فيترك الأرض حينئذ منبسطة مستوية ملساء لا نبات فيها، لا يرى الناظر إليها مِن استوائها مَيْلا ولا ارتفاعًا ولا انخفاضًا.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى عن أمتنا: "قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ" ﴿غافر 11﴾ سياق الآية وما قبلها يشعر بأنهم يقولون هذا القول بعد استماع النداء السابق، وإنما يقولونه وهم في النار بدليل قولهم: "فهل إلى خروج من سبيل". وتقديم هذا الاعتراف منهم نوع تسبيب وتوسل إلى التخلص من العذاب ولات حين مناص، وذلك أنهم كانوا وهم في الدنيا في ريب من البعث والرجوع إلى الله فأنكروه ونسوا يوم الحساب وكان نسيان ذلك سبب استرسالهم في الذنوب وذهابهم لوجوههم في المعاصي ونسيان يوم الحساب مفتاح كل معصية وضلال قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ" (ص 26). ثم لما أماتهم الله إماتة بعد إماتة وأحياهم إحياءة بعد إحياءة زال ارتيابهم في أمر البعث والرجوع إلى الله بما عاينوا من البقاء بعد الموت والحياة بعد الحياة وقد كانوا يرون أن الموت فناء، ويقولون إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين. وبالجملة زال عنهم الارتياب بحصول اليقين وبقيت الذنوب والمعاصي ولذلك توسلوا إلى التخلص من العذاب بالاعتراف فتارة اعترفوا بحصول اليقين كما حكاه الله عنهم في قوله: "وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ" (السجدة 12)، وتارة اعترفوا بذنوبهم كما في الآية المبحوث عنها وقد كانوا يرون أنهم أحرار مستقلون في إرادتهم وأفعالهم لهم أن يشاءوا ما شاءوا وأن يفعلوا ما فعلوا ولا حساب ولا ذنب. ومن ذلك يظهر وجه ترتب قولهم: "فاعترفنا بذنوبنا" على قولهم: "أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين" فالاعتراف في الحقيقة مترتب على حصول اليقين بالمعاد الموجب لحصول العلم بكون انحرافاتهم عن سبيل الله ضلالات وذنوبا.
جاء في منتدى الكفيل عن أَيْنَ المُنَتَظَرُ لإِقامَةِ الأَمْتِ وَالعِوَج ، مامعنى الامت؟ إن معنى الأمت هو المكان المرتفع من الأرض، وإقامة الأمت من الأرض يعني بسطها وتسويتها بحيث لا يكون بعض جوانبها مرتفعاً والبعض الآخر منخفضاً بل تكون بتمامها منبسطة أي متساوية السطوح، ومنه يتضح معنى قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107)" (طه 105-107). والمراد من (أين المنتظر لإقامة الأمت والعوج) هو ندبة الإمام المهدي عجل الله فرجه الذي يُنتظر منه تصحيح مسار الأمة، فكأن الطريق الذي تسلكه الأمة في غيابه طريق وعر تشوبه الكثير من العقبات والمطبات، و إن المنتظر فعله من الإمام عجل الله فرجه حين ظهوره هو تعبيد هذا الطريق وتسويته بحيث يكون منبسطاً سالكاً. ومحصل الفقرة المذكورة هو انَّ الإمام عجل الله فرجه حين ظهوره يُصحِّح ما انحرف من مسار الأمة ويُعيدها إلى جادة الحق والهدى والرشاد.
عن الجانب الغيبي للحياة الدنيوية يقول السيد محمد باقر الحكيم في كتابه الموسوم أهل البيت عليهم السلام في الحياة الاِسلامية: الرجعة فكرة ورد تأكيدها في روايات أهل البيت عليهم السلام إلى حد التواتر أو التظافر، وأشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى: "قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ" (غافر 11)، ويوجد فيها تفاصيل لا تبلغ حد القطع واليقين
|