• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : أدب الفتوى .
                    • الموضوع : مأساة تصنع الغد .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

مأساة تصنع الغد

 جميع قصص الشهداء ندية، كونها تجاوزت خطى الموت، هذا يعني أن لها وضعها الخاص، الشهادة ليست موتا، لهذا تكون الحكايات موشاة بالمشاعر الإنسانية والعواطف الجياشة

قال لي الشهيد محمد صادق جواد أبو رغيف، بعد أن راوغت منطقة الوسط توغلت إلى الهدف مباشرة، وكان بإمكاني تسجيل الهدف المحقق، سمعت صديقي سعد يناديني محمد فهيأت له الكرة ليحقق هدفا رائعا أدهش الجميع.
هذا كان أيام كنا نلعب لنادي القوة الجوية، هذا الموقف بقى يعيش في ذاكرة صديقي سعد، يتذكره ويذكره عند كل لقاء، ويحلم أن يرد الجميل.
يسألني الكثيرون:
ـ كيف استطعت محاورة شهيد، كيف اجتزت الأفق المرعب من الموت، كيف تعرفت عليه بعد رحيله إلى عالم الشهادة، كيف اقتحمت ثنائية الزمان والمكان.
قلت:
ـ أن الخطوة الأولى في عالم الشهادة أن يخلع الشهيد ثوب دنياه ليتخلق بعطر الحسين عليه السلام سيد الشهداء، وما دمت أمتلك أدوات الكتابة، أقدر أن أستحضر الموقف لأستخرج ما يستحق التدوين، والكاتب يبحث عن عاصفة يكتب عنها، أو عاطفة أو جهاد تضحية، أو عن مأساة تصنع الغد، يقول الشهيد محمد
- بعد صدور فتوى الجهاد، اتجهت وزملائي لنحمل راية الوطن فوق منصات الفوز، كيف بنا ونحن نحمل راية الحسين عليه السلام، وراح يفلسف لي الحرب من وجهة نظره، كل يقاتل بتاريخه، وبقيمه، وبما يراه من مصلحته دنيا وآخرة ولا يعنينا من يرى السراب ماءً.
في منطقة (الحركاوي) في اليوسفية قرب المحطة الروسية، كانت هناك مجموعة من الدواعش (جماعة الحلبي) تفرض سطوتها على المنطقة، نصبت ومجموعتي كمينا لهذه المجموعة واستطعنا قتل 26 مرتزقا، بينهم قائدهم الحلبي.
(يأخذني رأسي إلى سؤال مهم في عالم الكتابة،
ـ هل يقرأ الشهداء ما نكتب، لأن الكتابة عن الشهداء تشبه الربيع، تشبه الحقول الموردة، والطيور التي توقظ الفجر، والكتابة عن الشهيد حياة)
صار الدواعش يحملون هذه النكسة في صدورهم، وأخذوا يتحينون الفرص للنيل من مجموعتنا، حشدوا عددا كبيرا من المرتزقة ومختلف الأسلحة الفتاكة، ليصنعوا حزمة نار أثر كثافة الرمي، بدأ هجومهم الكبير بأضعاف ما نملك من عدد وذخيرة، تركنا سحورنا الرمضاني وتوجهنا اليهم، استطعنا أن ننتصر مع ما نملك من ضحايا أثر القصف المكثف وحزم النار، دخلنا وسطهم كبدناهم خسائر كبيرة لم ينج منهم إلا من هرب، وقفنا أمام منزل نسمع فيها استغاثة أطفال ونساء وعرفنا أنهم احتجزوا رهائن من العوائل، ونحن نعلم تماما أن المنزل مفخخ، أخذتنا الغيرة على ناسنا، لا بد من اقتحام الدار، كنت أرى سعد يراوغ منطقة الوسط توغل نحو المنزل مباشرة، وصار بإمكانه تحقيق الهدف، ناديته سعد، اتركها لي هذه المرة، بكى وتنحى عن الدار لكي لا يشاطرني الرغبة، فتحت باب المنزل فحدث انفجار كبير، كنت أسمع سعد ينادي:
ـ محمد.. خذني معك.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=197947
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 11 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13