• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : خيمة ولافتة .
                          • الكاتب : محاسن غني النداف .

خيمة ولافتة

 انعطف التاريخ عند خيمة في صحراء نينوى ليخط مفترق طريقين لا ثالث لهما، ذلك المفترق الذي لطالما اصطلمت نفوس الانبياء وعباد الله الصالحين بنيران جهالة المجتمعات واهوائهم الضالة،  سعيا منهم لابراز ملامح ذلك  الطريق  الواعد بحياة امنة مطمئنة، ولطالما اجتهد المبطلون من اجل تضبيبه وابهامه للداني قبل القاصي،  فكان لابد من بصمة لافتة ملفته؛ عصية على كل تحريف او زيف، تتجدد كل عام، لافتة تشع بنور حروف اسمه الطاهر، كتب عليها بدم زكي، يحمل عطر الانبياء، سال ظلما وعدوانا؛ "ان الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة" 
حين غيَّر التأريخ مساره، انعطف تحديدا  عند تلك اللافتة بإزاء خباء الاباء والعفة ، ليس لانها تضم نساءا واطفالا  ابرياء من ذرية الانبياء،  بل لانها تحتضن ضمير الانسانية المظلوم، الوتر الضامي  الغريب!! 
وعند تلك الخيمة بان مفترق الطريق كما نطق به القران المجيد فأما ان ننهج طريق اصحاب اية (ربنا اننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان ان امنوا بربكم فأمنا) ال عمران (193) او طريق اصحاب اية  (ياحسرة على العباد ما يأتيهم من رسول الا كانوا به يستهزأون) يس( 30)، لان الحجة تامة والدليل بيّن والمعجزة قائمة خالدة وهي القرآن الكريم،  فان تولينا فعلى انفسنا جنينا، والله غني حميد (لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ* فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)التوبة  (128ـ129)
نعم يعزُّ على الرب الرحيم واوليائه الكرام  ان يروا عباد الله ضالين معاندين، لذا بعث الله انبيائه واوصيائه بروح الاب  الحريص عل هداية اولاده وضمان مستقبلهم، حتى رفعت تلك اللافتة في كربلاء، فكانت آية من آيات الحق سبحانه نكالا  بالظالمين المتكبرين، الذين رفعوها ابتدائا، حين رفعوا الرأس الشريف على الرمح، ضنا منهم انها علامة نصرهم وامتياز ظفرهم  ولم يفطنوا الى انهم بفعلهم هذا قد اوضحوا مدى بؤس وشقاء كل من يتبع مارد  هوى النفس الخسيسة،  وزعامات  الجور الفرعونية ،  اذ ارتسم ذلك جليا في سوء عاقبتهم في الدنيا والاخرة، 
لكن صوت السبط الشهيد كان يزداد ارتفاعا، وحروف اسمه المقدس تزداد اشراقا  ووضوحا على مر العصور، فبدا الفرق واضحا بين القائد الفذ  والقائد الظالم،  ومابين الحر والعبد،  ومابين النصر والخذلان!! 
فالاول يُلبس اتباعه لباس المجد والشرف، اما الثاني فيُلبس اعوانه  لباس الخزي والعار طول الدهر!!
فايهما تختار؟! 
والحر هو ذلك النسر المحلق في افق الفوز والرضا بعد كسره لقيود تلك النفس اللعوب المتقلبة كما يتقلب النرد على طاولة القمار، فتأسر عبيدها بوهم الاباطيل، وخسرانهم حقيقة كستها  اثواب الربح الزائف! 
فايهما تختار؟! 
فان كان قائدك فذ همام وروحك حرة مستنيرة بنور العلم، فنصرتك حاضرة ومعدة لا نكوص فيها،  وإلا ستعتصر روحك ندامة التفريط،  ويُمرغ انفك في مستنقع حسرة الخذلان المهلكة! 
لان" فوات الفرصة غصة "١ كما قال امير المؤمنين علي عليه السلام  
واياك ان تختط لنفسك طريقا ثالثا محايدا! فمن يضمن لك فرصة نجاة من  تيار الانحراف، كتلك التي حضي بها الحر الرياحي،  ولا يكون  مصيرك أمرَّ من مصير  عمر بن سعد!! 
"فأعقل وتوكل " توكل المؤمنين الاخذين بالاسباب الواقعية للفلاح والنجاح ثم يتوكلون  (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) سورة ال عمران(173)
في شهر محرم، حاول ان تعيش مضمون اللافتة لعلك تستضيء بذلك المصباح  لتكون من ركاب سفينة النجاة،  كمولاتنا زينب حين خرجت من خيمتها، تحملها في قلبها؛ فكرا وعقيدة،  ومنهجا أخرس ابواق الظالمين وبدد تضليلهم لترتفع تلك اللافتة  عاليا فوق جبين التاريخ ابد الدهر! 
 
  
١ميزان الحكمة ج3




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=197946
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 11 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13