• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مفهوم العوج في القرآن الكريم (عوجا) (ح 1) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

مفهوم العوج في القرآن الكريم (عوجا) (ح 1)

جاء في معاني القرآن الكريم: العوج: العطف عن حال الانتصاب، يقال: عجت البعير بزمامه، وفلان ما يعوج عن شيء يهم به، أي: ما يرجع، والعوج، والعوج يقال فيما يدرك بالبصر سهلا كالخشب المنتصب ونحوه. والعوج يقال فيما يدرك بالفكر والبصيرة كما يكون في أرض بسيط يعرف تفاوته بالبصيرة والدين والمعاش، قال تعالى: "قرآنا عربيا غير ذي عوج" (الزمر 28)، "ولم يجعل له عوجا" (الكهف 1)، "والذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا" (الاعراف 45). والأعوج يكنى به عن سيء الخلق، والأعوجية (أعوج اسم فرس كان لهلال بن عامر، وقيل: هو فرس غني بن أعصر، وقيل: هما فرسان: أعوج الأكبر، وأعوج الأصغر. قال الغندجاني: وليس لهم فحل أشهر في العرب ولا أكثر نسلا، ولا الشعراء والفرسان أكثر ذكرا له وافتخارا به من أعوج. انظر: أسماء خيل العرب ص 36، وأنساب الخيل ص 16، والعقد الفريد 1/109): منسوبة إلى أعوج، وهو فحل معروف.

عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن عوجا: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاءُ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" ﴿آل عمران 99﴾ عوجا اسم، بغونها عِوجاً: تطلبونها مُعْوجّة أو ذات اعوجاج. تَبْغُونَها عِوَجاً: تطلبون لها العوج. قل أيها الرسول لليهود والنصارى: لِمَ تمنعون من الإسلام من يريد الدخول فيه تطلبون له زيغًا وميلا عن القصد والاستقامة، وأنتم تعلمون أن ما جئتُ به هو الحق؟ وما الله بغافل عما تعملون، وسوف يجازيكم على ذلك. قوله عز من قائل "الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغَونَهَا عِوَجا" (الاعراف 45) يبغونها عوجاً: يطلوبنها معوجّة أو ذات إعوجاج. وَ يَبْغونَها عِوَجاً: يريدون الدين مع أهوائهم. هؤلاء الكافرون هم الذين كانوا يُعْرِضون عن طريق الله المستقيم، ويمنعون الناس من سلوكه، ويطلبون أن تكون السبيل معوجة حتى لا يتبينها أحد، وهم بالآخرة وما فيها جاحدون. قوله عز وجل "وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ۚ وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ ۖ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ" ﴿الأعراف 86﴾ عاقبة المفسدين: خاتمة المفسدين، ولا تقعدوا بكل طريق تتوعدون الناس بالقتل، إن لم يعطوكم أموالهم، وتصدُّون عن سبيل الله القويم من صدَّق به عز وجل، وعمل صالحًا، وتبغون سبيل الله أن تكون معوجة، وتميلونها اتباعًا لأهوائكم، وتنفِّرون الناس عن اتباعها، واذكروا نعمة الله تعالى عليكم إذ كان عددكم قليلا فكثَّركم، فأصبحتم أقوياء عزيزين، وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين في الأرض، وما حلَّ بهم من الهلاك والدمار؟. قوله سبحانه "الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ" ﴿هود 19﴾ يبغونها عوجا: يطلبونها معوجّة أو ذات اعوجاج. وَ يَبْغُونَها عِوَجاً: يريدونها عوجاء حسب شهواتهم و انحرافهم عن الحق. هؤلاء الظالمون الذين يمنعون الناس عن سبيل الله الموصلة إلى عبادته، ويريدون أن تكون هذه السبيل عوجاء بموافقتها لأهوائهم، وهم كافرون بالآخرة لا يؤمنون ببعث ولا جزاء.

وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: أهل مدين أرسل الله إليهم شعيبا وأمره أن ينهاهم عن عبادة الأصنام وعن الفساد في الأرض ونقص المكيال والميزان فدعاهم إلى ما أمر به ووعظهم بالإنذار والتبشير وذكرهم ما أصاب قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم لوط. وبالغ عليه ‌السلام في الاحتجاج عليهم وعظتهم فلم يزدهم إلا طغيانا وكفرا وفسوقا (الأعراف وهود وغيرهما من السور) ولم يؤمنوا به إلا عدة قليلة منهم فأخذوا في إيذائهم والسخرية بهم وتهديدهم عن اتباع شعيب عليه ‌السلام، وكانوا يقعدون بكل صراط يوعدون ويصدون عن سبيل الله من آمن به ويبغونها عوجا"وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ۚ وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ ۖ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ" (الاعراف 86). قوله تعالى "لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا" (طه 107) قيل: العوج ما انخفض من الأرض والأمت ما ارتفع منها، والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمراد كل من له أن يرى والمعنى لا يرى راء فيها منخفضا كالأودية ولا مرتفعا كالروابي والتلال. قوله تعالى: "يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ" (طه 108) نفي العوج إن كان متعلقا بالاتباع بأن يكون"لا عوج له" حالا عن ضمير الجمع وعامله يتبعون فمعناه أن ليس لهم إذا دعوا إلا الاتباع محضا من غير أي توقف أواستنكاف أوتثبط أومساهلة فيه لأن ذلك كله فرع القدرة والاستطاعة أوتوهم الإنسان ذلك لنفسه وهم يعاينون اليوم أن الملك والقدرة لله سبحانه لا شريك له قال تعالى: "لمن الملك اليوم لله الواحد القهار" (غافر 16)، وقال: "وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا" (البقرة 165). وإن كان متعلقا بالداعي كان معناه أن الداعي لا يدع أحدا إلا دعاه من غير أن يهمل أحدا بسهوأونسيان أومساهلة في الدعوة. قوله تعالى "قوله تعالى: "قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون" (الزمر 28) العوج الانحراف والانعطاف.

هنالك من يعبد الله على حرف، فهو يصلي ويصوم وينجز عبادته ولكنه يعتدي على الناس بل يقتلهم نتيجة جهل او اتباع ما يرسمه له اصحاب الاغراض، فيسمموا عقله ويصبح طريقه معوجا بدل ان يكون مستقيما يوصله الى هدف رضا الله بل يصبح في سخطه. المقال يبحث هذا الموضوع من آيات القرآن الكريم. المهتدي هو الذي يسلك الطريق المستقيم وهو سبيل الله اما غيره فيسلك الطريق المعوج بارادته "الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغَونَهَا عِوَجا" (الاعراف 45)، و"الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجا" (إبراهيم 3). هؤلاء يحرفون الكتاب ويجعلون اعوجاج في مفاهيمه حيث انزل الله تعالى الكتاب وهو القرآن الكريم بدون عوج "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجا" (الكهف 1) والمغضوب عليهم والضالون هم الذين جعلوا الصراط غير مستقيم منحرفا معوجا "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ" (الفاتحة 67). وكل ذلك يتطلب من العبد ان يستخدم عقله وفهمه لكي يتبع احسن القول عند استماعه. قال الإمام موسى بن جعفر عليه السلام (يا هشام: إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه قال: "فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ" (الزمر 17-18)).

جاء في منتدى الكفيل عن أَيْنَ المُنَتَظَرُ لإِقامَةِ الأَمْتِ وَالعِوَج ، مامعنى الامت؟ إن معنى الأمت هو المكان المرتفع من الأرض، وإقامة الأمت من الأرض يعني بسطها وتسويتها بحيث لا يكون بعض جوانبها مرتفعاً والبعض الآخر منخفضاً بل تكون بتمامها منبسطة أي متساوية السطوح، ومنه يتضح معنى قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107)" (طه 105-107). والمراد من (أين المنتظر لإقامة الأمت والعوج) هو ندبة الإمام المهدي عجل الله فرجه الذي يُنتظر منه تصحيح مسار الأمة، فكأن الطريق الذي تسلكه الأمة في غيابه طريق وعر تشوبه الكثير من العقبات والمطبات، و إن المنتظر فعله من الإمام عجل الله فرجه حين ظهوره هو تعبيد هذا الطريق وتسويته بحيث يكون منبسطاً سالكاً. ومحصل الفقرة المذكورة هو انَّ الإمام عجل الله فرجه حين ظهوره يُصحِّح ما انحرف من مسار الأمة ويُعيدها إلى جادة الحق والهدى والرشاد.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=197939
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 11 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12