التحاور مع عالم مبدع مثقف يتجاوز مرحلة تسليط الضوء على السيرة والمنجز ، ويكون البحث عن العوالم الفكرية والابداعية ، ومحاورتنا اليوم مع الدكتور محمد حسين الصغير وكتابه مجاز القرآن خصائصه الفنية وبلاغته العربية / دار المؤرخ العربي
***
صدى الروضتين :ـ بأي اسلوب تناولتم مجاز القرآن الكريم ولماذا أخترتم المجاز؟
الدكتور محمد حسين الصغير :ـ كانت دراستي للخصائص الفنية وبلاغته العربية واستيعاب اضافته البلاغية ، ولكي أصل الى منهاج تصويري متكامل ، درست المجاز القرآني بالعبارة حينا ومجاز بالأسلوب حينا آخر ، وبالألفاظ فيما بينهما ، والنتيجة رصد القدرة الابداعية ولمس الأداء التعبيري المتطور في لغة القرآن العظيم ، أما قضية اختيار المجاز فالسبب يعود لحيوية المجاز و بما يمتلك من ابعاد دقيقة ووفرة الخصائص ، ولم تمتد يد الباحثين الى قيمته البلاغية عملا مستقلا ، جاء كتاب ( تلخيص البيان ) للشريف الرضي متخصصا في مجازات القرآن لكن بالمعنى العام فشمل الاستعارة والتمثيل والكناية والتورية والدراسات الحديثة أصل مجاز القرآن
&&&
صدى الروضتين :ـ نسأل عن القيمة التي تركها الرواد الاوائل في مجاز القرآن ؟
الدكتور محمد حسين الصغير :ـ كان التوجه للقرآن الكريم منذ عهد مبكر ، فقد بدأ النبي صلى الله عليه وآله وبدأت مدارس التفسير الأولى من مكة والمدينة والكوفة والبصرة ترفد العالم الاسلامي بسيل من المعارف ،وأتسع مجال التفسير على يد الائمة عليهم السلام ، وتعدد منهج التأويل ، وفي القرن الهجري أنصب التوجيه الى لغة القرآن وغريب القرآن ، أغلب الكتب تبحث عن المعنى اللغوي ، ومجموعة من العلماء ألفوا في غريب القرآن ، أول من كتب عن المجاز وهو كتاب لغة تفسير مفردات المجاز عندهم الطريق التي يسلكها القرآن الكريم في تعبيراته ، وكلمة مجاز هي تسمية لغوية بمعنى التفسير ، مجاز القرآن عندهم المعبر الى فهمه ،، والجاحظ استعمل المجاز للدلالة على جميع الصور البيانية ،وعلى المعنى المقابل للحقيقة ، وعلى معالم الصورة الفنية المستخلصة من اقتران الالفاظ بالمعاني ، كقوله (إن الذين يأكلون اموال اليتامى ) النساء 20 ،ويرى البعض أنطلاق المجاز بدأ مع المعتزلة ، وابن تيمية نفى مصطلح المجاز لكون الاوائل من الصحابة والتابعين لم يتكلموا به ، وأختلف الكثير من العلماء لفهم معنى المجاز واستخداماته ، وكان الدور الذي قام به الشريف الرضي كتب تلخيص البيان في مجازات القرآن ،
&&&
صدى الروضتين :ـ واهمية رؤية المجاز القرآني في دراسات المحدثين كيف تم التعامل معها ؟
الدكتور محمد حسين الصغير :ـ الاستاذ الشيخ أمين الخولي ، استاذ الدراسات القرآنية والبلاغية والنقدية في كلية الآداب للجامعة المصرية في الربع الأول من القرن العشرين ، كان له اثره في قلب المفاهيم التدريسية ، وتجديد الاساليب التفسيرية والبلاغية ايذانا بحياة قرآنية في الجامعة لا عهد لها بها ، تخصص معظم البلاغيين العرب بجزء مهم من القرآن الكريم وفي الجامعات العراقية برز الدكتور أحمد عبد الستار الجواري ، دراسة النحو في ضوء القرآن كاشفا عن بلاغته والمجاز ، والدكتور جميل سعيد عني عناية خاصة بالتدريس إعجاز القرآن وتصوير ابعاده الفنية والجمالية والدكتور مصطفى صادق الرافعي في كتاباته عن إعجاز القرآن ، والدكتور بدوي أحمد طبانة كتابات بيانية متشعبة ، والدكتور مصطفى الصاوي الجويني في متابعاته البلاغية والتفسيرية ـ والخدمات القرآنية وما قدمه السيد قطب في (ظلال القرآن ) و ( مشاهد القيامة في القرآن ) والتصوير الفني في القرآن ، وقدم الدكتور محمد عبد الله دراسة في الشؤون الإعجازية في القرآن والدكتور محمد المبارك ( منهل الأدب الخالد ) والاستاذ مالك بن نبي في الظاهرة القرآنية ) الدكتور أحمد أحمد بدوي في كتابه ( من بلاغة القرآن والدكتور بكري الشيخ أمين في ( التعبير الفني في القرآن ) والدكتورة عائشة عبد الرحمن زوجة الراحل أمين الخولي كانت موفقة في منهج التفسير الأدبي للقرآن وكان كتابها ( الاعجاز البياني للقرآن ) وقد أعطت فيه مجالا رحبا لمجاز القرآن والكثير من الاساتذة ، أحمد مطلوب ، أحمد بدوي ، عباس محمود العقاد وكثيرون ،
&&&&
صدى الروضتين :ـ ما فائدة المجاز في القرآن الكريم
الدكتورة محمد حسين الصغير ، التأمل في الآيبات التالية
( وجاء ربك ) الفجر 22
الرحمن على العرش استوى) طه 5
( إلا ان يأتيهم ربهم ) البقرة 210
ونتأمل في مفردات الأتيان والمجيء انتقال من مكان الى مكان ، وصفة من صفات الانسانية ، والأستواء اذا نظرنا الى ظاهره لم يصح إلا في جسم يأخذ مكانا ، لابد ان يكون مجازا ، والذائقة الفنية تمثل لنا عمق الخصائص الاسلوبية في مجاز القرآن ، لو نتأمل في قوله ( وتذهل كل مرضعة عما أرضعت ) وليس في القيامة إرضاع حتى تذهل المرضعة في رضيعها التعبير بالمجاز صور الإحداث لهذه الصور المثيرة ،
|