• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تأملات في كتاب المصابيح / سماحة السيد احمد الصافي/ دام عزه (29) .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

تأملات في كتاب المصابيح / سماحة السيد احمد الصافي/ دام عزه (29)

 يتحدث الكثير من الباحثين والإعلاميين عن أزمة الخطاب المعاصر وتقر التحليلات المعاصرة بأزمة التأويل، وللجواب عن هذه الإشكالات يقدم سماحة السيد أحمد الصافي بكتابه المصابيح وهو يعلمنا أن سبب الأزمات المصطنعة للخطاب التوجيهي الإسلامي، هو عدم وجود وضوح في المرجعيات المعتمدة في الخطاب وعشوائية المصادر والتي كانت السبب الرئيسي في تخبطنا هو ابتعاد الخطاب الديني عن منهج أهل البيت عليهم السلام ضيع الرشاد، وفتح باب التأويلية للإجابة على الأسئلة التي طرحتها المرجعيات البعيدة عن الرشاد الرسالي المحمدي، ولا بد من فهم إمكانية إنقاذ الخطاب الديني من خلال العودة إلى المنهل المرجعي المعصوم، المستمد من المشروع الرسالي المحمدي، تكمن الخطورة الحقيقية بأن  مشاريع الحداثة المعاصرة هي رفض تدريجي للرسالة المحمدية ونزع روح القداسة عن الموروث 
اشغال الفكر العام للابتعاد عن منابع الفكر الإرشادي 
 اعتمد سماحة السيد الصافي بمشروعه على تقديم الصحيفة السجادية للأمام علي السجاد عليه السلام، لتبني المضامين الفكرية والإنسانية وكشف القيم الإنسانية في الصحيفة السجادية، لو تأملنا في الفارق الزمني بين زمن القراءة وزمن الإنشاء لأدركنا عظمة المشروع 
يركز البحث على مفردة اليقظة، واليقظة هي مرتكز تأسيس الأبعاد العقلية والأخلاقية للحكمة وهي دليل العقل والضمير، لذلك تعب الشيطان 
 يرى سماحة السيد أن الإنسان لا بد أن يكون في هذه الدنيا على يقظة وحذر والسبب هو العمل لإنقاذ النفس من تسويلات الشيطان الراصد لنا في كل تصرف، واليقظة بمفهومها المعرفي هي الاستعداد لمواجهة محاولات الشيطان 
 تؤدي اليقظة الروحية إلى الفطنة، المدركة لماهية عمل الشيطان وغوايته وإضلاله فهو يبتكر سبل الغزو الإنساني واليقظة الروحية، تعني الإيمان بقيم الله سبحانه تعالى والعمل الصالح الذي هو مرتقى النعيم، ومن مفهوم اليقظة يأخذنا سماحة السيد إلى قضية الإعداد النفسي، لتحصين الإنسان من الهلاك 
 لينطلق البحث في قراءة النص السجادي من أجل كسب المتلقي ثقافة روحية ومعرفية تحصن له الفكر، سماحة السيد يركز على مفهوم (العلم وحده لا يكفي) ويعد مثل هذا العنوان جاذبا من الجواذب الفكرية في مساراته المنوعة، فالكل يعلم أن الغيبة حرام، ما فائدة أن تعلم ولا تعمل بما تعلم، العلم لا بد أن يقرن بعمل 
ويذهب سماحة السيد إلى مرتكز آخر يهدف إلى إلفات نظر المتلقي لإقران العلم بالعمل وهو الطريق الأوضح إلى الصلاح، ما نفع أن نعلم ماهية التسويلات الشيطانية ولا نحصن أنفسنا منها 
يميل سماحة السيد الصافي إلى إظهار تفاعلات بعض المضامين المهمة عبر صياغاتها كومضة فكرية أو شعار جاذب يترسخ في ذهنية المتلقي مثل هذه الجمل. 
(العلم لا بد أن يردف بعمل) 
(كل لذة لم تكن لطاعة الله ستكون عقابا عليه) 
(لكلمة تخرج تقتل أمة بكاملها) 
(ورب كلمة تخرج فتعصم دماء كثيرة) 
 
من مميزات البحث هي السمة التحذيرية التي تعمل للحفاظ على إنسانية  الإنسان، من الوجود الشيطاني المتمرس على الافتراس، لذلك كانت الخشية من التعود على ممارسة الفعل السلبي (الذنب) وتكراره يخلق ألفة نفسية مع  الذنب، بل يغير المعايير ليصبح الفعل السيء حسنا، وركز البحث على المحيط الاجتماعي ودوره في الموادعة والرفض، يصل التحذير من  الموبقة أو الخشية منها إلى منحنا تصورا أعمق في التماثلات الوعظية وأن يصل الإنسان إلى مرحلة لا يملك الإنسان نفسه ولا يقدر أن يتمالكها وعدم امتلاك النفس ينتج عدم امتلاكه لقدرة على التمييز بين الفعل الحسن والفعل المسيء، حتى تكون سجية يورثها لأولاده، ومثل هذه القضية تذهب إلى عدة محاور منها المحور الاجتماعي والمحور النفسي والمحور الروحي  
فيصبح الإنسان عديم الحضور أمام نفسه وأهله، ويصبح بلا تفاعل وهذا السقوط في حبائل الشيطان لا يأتي بدفعة واحدة 
 نقطة مهمة نبه عليها سماحة السيد الصافي تحت عنوان التدرج في الغواية، أشتغل على مجموعة من التخريجات الفكرية الساعية لتقريب مفهوم التدرج في الغواية ويلحق بهذا المفهوم مفهوم آخر هو الموائمة الشيطانية، موائمة الرغبات 
المحاولات الإغرائية تبدأ بحسابات دقيقة تغري من يحب المال بالمال ومن يحب الظهور بالظهور والألفة ومن يحب السلطة يغريه بالسلطة، وهذه الموائمة تحولت إلى ظاهرة اجتماعية، لا بد أن يتعايش الموظف مع أهل الخلل الوجداني، سرقة، رشوة، اختلاس 
 والموظف الذي يرفض التعايش معهم يعامل تعامل المختل، وهذا هو بسبب التعود والتدرج ومنها يصل إلى التمادي 
أفكار اجتماعية عالية القيمة يستخرجها سماحة السيد الصافي من الصحيفة السجادية المباركة في هذا العمل المميز.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=197417
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 10 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13