• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نور عسكري في وسط الظلام العباسي .
                          • الكاتب : رياض السيد عبد الأمير الفاضلي .

نور عسكري في وسط الظلام العباسي


          هذه الدنيا وهذه أحوالها تفقر الكريم وتكبوا بالجواد وتقدّم المتأخّر وتؤخر المتقدّم وهذا حال من أطاعها وعمل لأجلها، حيث لا تجده إلّا معتديّاً على الصالحين، بأيّ شكل من الأشكال، ظلم لا ينتهي عند حدّ، وهكذا عاش الإمام الحسن العسكري (سلام الله عليه) بين الأشرار ينغصون عليه العيش، وينقلونه من تضييق إلى تضيق بمختلف أنواع التضييق، وأخرها كان في بيته محبوساً، ولكن لم يؤثّر ذلك على مقامه إنّما كان يعاني من يشرف على حبسه انقلاب حال من توكل مهمّة  التضييق على والد إمام عصرنا (عجل الله فرجه الشريف)؛ لشدّة تأثير سيرة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)، يروى أنّه دخل العبّاسيون على صالح بن وصيف عندما حبس أبا محمد عليه السلام، فقالوا له: ضيّق عليه ولا توسّع، فقال لهم صالح: ما أصنع به وقد وكّلت به رجلين شرّ من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم.
ثمّ أمر بإحضار الموكّلين، فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟
 فقالا: ما نقول في رجل يصوم النهار، ويقوم الليل كلّه لا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا؟ فلمّا سمع ذلك العبّاسيّون انصرفوا خائبين.
        أمّا كراماته التي كان الناس يرونها واضحة معروفة هي علمه بما نفوس الآخرين، فقد روى محمّد بن القاسم أبو العيناء الهاشميّ مولى عبد الصمد ابن عليّ عتاقة قال: كنت أدخل على أبي محمد عليه السلام فأعطش وأنا عنده فأجلّه أن أدعو بالماء فيقول: "يا غلام اسقه"، وربّما حدّثت نفسي بالنهوض فأفكر في ذلك فيقول "يا غلام دابته".
وكان الإمام (عليه السلام) كثير العبادة، شديد التأثير في نفوس الآخرين.
           وكان كثير الوعظ والتذكير بالله سبحانه وتعالى، ومن مواعظه قوله: "أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام على الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشدّ الناس اجتهاداً من ترك الذنوب" تحف العقول، ص489. 
          وقد تأثّر به الكثير من الناس، وهذا ديدن الكاملين (عليهم السّلام أجمعين)، وكان المعتمد وهو الحاكم العباسيّ الذي ظلم الإمام العسكري (عليه السّلام) يسأل عليّ بين جرين عن الإمام (عليه السّلام) بشكل دائم، ويتقصّى أخباره، فكان يأتيه الجواب: "إنّه يصوم النهار، ويصلّي الليل"، وبهذا السلوك وهذه السيرة عاش الإمام مع أداءه للوظيفة التي كان بوسعه أن يؤديها (روحي فداه) مع شدّة التضييق عليه.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=196226
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 09 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12