تتضمن حلقات هذه السلسلة اشارات قرآنية عن الأعمال التي تنجز خلال شعيرة مشاية و أربعينية الامام الحسين عليه السلام منها: الأخوة، الوئام، المحبة، الصلاة، الدعاء، البر، الطعام، الكرم، المشروبات، المأكولات، التضحية، التعاون، المواكب، السرادق، الظهير، والتكافل، و المشي. ويتضمن كل مقال كذلك فقرات عن الجهود المبذولة في هذه الشعيرة المباركة.
ان الخدمة الحسينية بمفهومها الحديث تسمى تطوع، وهو تطوع خيري يثاب عليه الانسان وخاصة التطوع في خدمة زائري ومشاة أبي عبد الله الحسين عليه السلام. جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى عن تطوع "أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ" ﴿البقرة 184﴾ قوله تعالى: "فمن تطوع خيرا فهو خير له"، التطوع تفعل من الطوع مقابل الكره وهو إتيان الفعل بالرضا والرغبة، ومعنى باب التفعل الاخذ والقبول فمعنى التطوع التلبس في إتيان الفعل بالرضا والرغبة من غير كره واستثقال سواء كان فعلا إلزاميا أو غير إلزامي، وإما اختصاص التطوع استعمالا بالمستحبات والمندوبات فمما حدث بعد نزول القرآن بين المسلمين بعناية ان الفعل الذي يؤتى به بالطوع هو الندب واما الواجب ففيه شوب كره لمكان الالزام الذي فيه. وبالجملة التطوع كما قيل: لا دلاله فيه مادة وهيئه على الندب وعلى هذا فالفاء للتفريع والجملة متفرعة على المحصل من معنى الكلام السابق، والمعنى والله أعلم: الصوم مكتوب عليكم مرعيا فيه خيركم وصلاحكم مع ما فيه من استقراركم في صف الامم التي قبلكم، والتخفيف والتسهيل لكم فأتوا به طوعا لا كرهاً، فإن من أتى بالخير طوعا كان خيرا له من ان يأتي به كرها. ومن هنا يظهر: ان قوله: "فمن تطوع خيرا" من قبيل وضع السبب موضع المسبب أعني وضع كون التطوع بمطلق الخير خيرا مكان كون التطوع بالصوم خيرا نظير قوله تعالى: "قد نعلم أنك ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون" اي فاصبر ولا تحزن فانهم لا يكذبونك. وربما يقال: ان الجملة اعني قوله تعالى: "فمن تطوع خيرا فهو خير له"، مرتبطة بالجملة التي تتلوها اعني قوله: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين"، والمعنى أن من تطوع خيرا من فدية طعام مسكين بأن يؤدي ما يزيد على طعام مسكين واحد بما يعادل فديتين لمسكينين أو لمسكين واحد كان خيرا له. ويرد عليه: عدم الدليل على اختصاص التطوع بالمستحبات كما عرفت مع خفاء النكتة في التفريع، فأنه لا يظهر لتفرع التطوع بالزيادة على حكم الفدية وجه معقول، مع ان قوله: "فمن تطوع خيرا"، لا دلاله له على التطوع بالزيادة فإن التطوع بالخير غير التطوع بالزيادة. قوله تعالى: "وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون"، جملة متممة لسابقتها والمعنى بحسب التقدير كما مر تطوعوا بالصوم المكتوب عليكم فإن التطوع بالخير خير والصوم خير لكم، فالتطوع به خير على خير. وربما يقال: ان الجملة اعني قوله: "وأن تصوموا خير لكم"، خطاب للمعذورين دون عموم المؤمنين المخاطبين بالفرض والكتابة فإن ظاهرها رجحان فعل الصوم غير المانع من الترك فيناسب الاستحباب دون الوجوب، ويحمل على رجحان الصوم واستحبابه على أصحاب الرخصة من المريض والمسافر فيستحب عليهم اختيار الصوم على الافطار والقضاء. ويرد عليه: عدم الدليل عليه أو لا، واختلاف الجملتين اعني قوله: "فمن كان منكم" الخ، وقوله: "وأن تصوموا خير لكم"، بالغيبة والخطاب ثانيا، وأن الجملة الاولى مسوقه لبيان الترخيص والتخيير، بل ظاهر قوله: "فعدة من أيام أخر"، تعين الصوم في أيام أخر كما مر ثالثا، وأن الجملة الاولى على تقدير ورودها لبيان الترخيص في حق المعذور لم يذكر الصوم والافطار حتى يكون قوله: "وأن تصوموا خير لكم" بيانا لاحد طرفي التخيير بل إنما ذكرت صوم شهر رمضان وصوم عدة من أيام أخر وحينئذ لا سبيل إلى استفادة ترجيح صوم شهر رمضان على صوم غيره من مجرد قوله: "وأن تصوموا خير لكم"، من غير قرينة ظاهرة. رابعا: وأن المقام ليس مقام بيان الحكم حتى ينافي ظهور الرجحان كون الحكم وجوبيا بل المقام كما مر سابقا مقام ملاك التشريع وأن الحكم المشرع لا يخلو عن المصلحة والخير والحسن كما في قوله: "فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ" (البقرة 54)، وقوله تعالى: "فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (الجمعة 9)، وقوله تعالى "تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (الصف 11)، والآيات في ذلك كثيرة.
ورد ان التطوع التعبدي هو عبادة زائدة عن الفرض يتقرب بها العبد لربه سبحانه وتعالى، رغبة في نيل رضاه سبحانه ومحبته مثل صلاة والصيام والحج، ونحوها، تطوعًا من غير فريضة. والمجتمع ينتفع من تطوع الفرد التطوعي بان يصبح شخص نافع يفيد المجتمع، وادنى ذلك ان لا يضر ويسيء الى مجتمعه ولنفسه كما قال الله تعالى "تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ" (البقرة 184). ومن اعمال النبي موسى عليه السلام التطوعية وخاصة للمحتاجين وطالبي المساعدة منها رجل طلب منه المساعدة كما قال الله جلت قدرته"وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ" (القصص 15) فساعده موسى عليه السلام تطوعا فقتل عدو ذلك الرجل الطيب الذي دعاه لمساعدته"فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْه" (القصص 15). وهذه الحالة مثال للمتطوعين الذي يجاهدون في سبيل الله لا يريدون جزاءا ولا شكورا من عملهم انما يكون ذلك لوجه الله تعالى "وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ" (التوبة 20).
من منافع الزيارة المليونية لأربعينية الحسين عليه السلام هي التعارف بين محبيه القادمين من مدن ودول مختلفة. جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى عن تعارفوا "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" ﴿الحجرات 13﴾ "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى" أي من آدم وحواء والمعنى أنكم متساوون في النسب لأن كلكم يرجع في النسب إلى آدم وحواء زجر الله سبحانه عن التفاخر بالأنساب وروى عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال: (إنما أنتم من رجل وامرأة كجمام الصاع ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى) ثم ذكر سبحانه أنه إنما فرق أنساب الناس ليتعارفوا لا ليتفاخروا فقال " وجعلناكم شعوبا وقبائل " وهي جمع شعب وهو الحي العظيم مثل مضر وربيعة وقبائل هي دون الشعوب كبكر من ربيعة وتميم من مضر هذا قول أكثر المفسرين وقيل الشعوب دون القبائل وإنما سميت بذلك لتشعبها وتفرقها عن الحسن وقيل أراد بالشعوب الموالي وبالقبائل العرب في رواية عطا عن ابن عباس وإلى هذا ذهب قوم فقالوا الشعوب من العجم والقبائل من العرب والأسباط من بني إسرائيل وروي ذلك عن الصادق عليه السلام. "لتعارفوا" أي جعلناكم كذلك لتعارفوا فيعرف بعضكم بعضا بنسبه وأبيه وقومه ولولا ذلك لفسدت المعاملات وخربت الدنيا ولما أمكن نقل حديث " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " أي إن أكثركم ثوابا وأرفعكم منزلة عند الله أتقاكم لمعاصيه وأعملكم بطاعته وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أنه قال (يقول الله تعالى يوم القيامة أمرتكم فضيعتم ما عهدت إليكم فيه ورفعتم أنسابكم فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم أين المتقون) "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" وروي أن رجلا سأل عيسى بن مريم أي الناس أفضل فأخذ قبضتين من تراب فقال أي هاتين أفضل الناس خلقوا من تراب فأكرمهم أتقاهم. أبوبكر البيهقي بالإسناد عن عباية بن ربعي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم (إن الله عز وجل جعل الخلق قسمين فجعلني في خيرهم قسما وذلك قوله "وأصحاب اليمين" و"أصحاب الشمال" فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا وذلك قوله "فأصحاب الميمنة" و"أصحاب المشأمة" و"السابقون السابقون" فأنا من السابقين وأنا خير السابقين ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله "وجعلناكم شعوبا وقبائل" الآية فإني أتقي ولد آدم ولا فخر وأكرمهم على الله ولا فخر ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا وذلك قوله عز وجل "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب). "إن الله عليم" بأعمالكم "خبير" بأحوالكم لا يخفى عليه شيء من ذلك.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى عن يتعارفون "وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ" ﴿يونس 45﴾ قوله تعالى: "وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ" "إلخ" ظاهر الآية أن يكون "يوم" ظرفا متعلقا بقوله: "قد خسر" إلخ، و قوله: "كأن لم يلبثوا إلا ساعة" إلخ، حالا من ضمير الجمع في "يحشرهم" وقوله: "يتعارفون بينهم" حالا ثانيا مبينا للحال الأول. والمعنى قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله في يوم يحشرهم إليه حال كونهم يستقلون هذه الحياة الدنيا فيعدونها كمكث ساعة من النهار وهم يتعارفون بينهم من غير أن ينكر بعضهم بعضا أوينساه. وقد ذكر بعضهم أن قوله: "كأن لم يلبثوا" صفة ليوم أوصفة للمصدر المحذوف المدلول عليه بقوله: "يحشرهم"، وذكر بعض آخر أن قوله: "يتعارفون بينهم" صفة لساعة، وهما من الاحتمالات البعيدة التي لا يساعد عليها اللفظ. وكيف كان ففي الآية رجوع إلى حديث اللقاء المذكور في أول السورة وانعطاف على ما ذكره آنفا أن من المتوقع أن يأتيهم تأويل الدين. فكأنها تقول: إنهم وإن لم يأتهم تأويل القرآن بعد لا ينبغي لهم أن يغتروا بالجمود على مظاهر هذه الحياة الدنيا ويستكثروا الأمد ويستبطئوا الأجل فإنهم سوف يحشرون إلى الله فيشاهدون أن ليست الحياة الدنيا إلا متاعا قليلا، ولا اللبث فيها إلا لبثا يسيرا كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم. فيومئذ يظهر لهم خسرانهم في تكذيبهم بلقاء الله ظهور عيان وذلك بإتيان تأويل الدين وانكشاف حقيقة الأمر وظهور نور التوحيد على ما كان، ووضوح أن الملك يومئذ لله الواحد القهار جل شأنه. الآيات تنبىء عن سنة إلهية جارية، وهي أن الله سبحانه قضى قضاء حق لا يرد ولا يبدل أن يرسل إلى كل أمة رسولا يبلغهم رسالته ثم يحكم بينه وبينهم حكما فصلا بإنزال العذاب عليهم وإنجاء المؤمنين وإهلاك المكذبين. ثم تأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أن يخبرهم أن هذه الأمة يجري فيهم ما جرى في الأمم الماضية من السنة الإلهية من غير أن يستثنوا من كليتها غير أنه صلى الله عليه وآله وسلّم لم يذكر لهم فيما لقنه الله من جواب سؤالهم عن وقت العذاب إلا أن القضاء حتم وللأمة عمرا وأجلا كالفرد ينتهي إليه أمد حياتها، وأما وقت النزول فقد أبهم إبهاما. وقد قدمنا في قوله تعالى: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون" (الأنفال 33) أن الآية لا تخلو عن إشعار بأن الأمة ستنتزع منهم نعمة الاستغفار بعد زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فينزل عليهم العذاب، وقد تقدم أن الشواهد قائمة على كون الآية مدنية فهي بعد هذه الآيات المكية من قبيل الإيضاح في الجملة بعد الإبهام ومن ملاحم القرآن. وقد حمل بعض المفسرين ما وقع من حديث العذاب في هذه الآيات على عذاب الآخرة، وسياق الآيات يأبى ذلك.
جاء في موقع الهدى عن موائد الطعام خلال زيارة الاربعين أصالة الضيافة والعلاقة الإيمانية بالنظافة وبقدسية كربلاء للكاتب نزار علي: يبيّن المواطن (عديّ حاچم) من محافظة البصرة ومسؤول موكب حسيني، إن مسألة النظافة يجب أن تراعى في عملية إعداد الطعام وتوزيعه على الزائرين ولابدّ أن يتم تثقيف الجميع للتأكيد عليها خصوصاً وإن الإسلام قد أوصى بها للحفاظ على جمالية المدينة ونظافتها وكذلك المحافظة على البيئة من التلوث. ويضيف حاچم: للأسف نشاهد بعض أصحاب المواكب يقومون بذبح الماشية في وسط الشارع ويتركون مخلفات الذبح تعبث بها الحيوانات السائبة وهذا ما يؤثر على جمالية مدينة كربلاء وقدسيتها، من جانب آخر فان بعض الزائرين يتركون أواني الطعام بصورة غير لائقة على الأرصفة وكذلك رمي الطعام على الأرض وهذا الأمر يحتاج إلى تفعيل الدور التثقيفي من قبل أصحاب المواكب أو حتى من قبل خطباء المنبر الحسيني للتخلّص من هذه الظاهرة والمحافظة على نظافة المدينة. أما المواطن (مخلّد كاظم) من موكب (أم البنين) في محافظة كربلاء المقدسة فيعد الحفاظ على النظافة في عملية إعداد الطعام وتوزيعه على الزائرين أمراً مهماً ويقع على عاتق الجميع، ويقول في معرض حديثه لنا: نعاني كثيراً في كل زيارة من عدم وجود مكان مناسب وكبير لإعداد الطعام وتهيئته فضلاً عن عدم وجود سيارات البلدية الخاصة بجمع النفايات وقلّة الكادر لجمع الأوساخ والفضلات الناتجة عن عملية الطبخ وذبح المواشي والمواد الغذائية الأخرى، خاصة وإن أغلب المواكب الحسينية تقوم بطبخ كمية كبيرة من الطعام ومن ثم لابدّ من مراعاة عدم تبذير ورمي الطعام الفائض أو المتبقي لأنه من نعم الله علينا. ومن جانب أهالي كربلاء والحكومة المحلية فيها وكيف ينظرون إلى هذا الموضوع والبدائل الكفيلة به، يرى الإعلامي (حيدر مرتضى) من كربلاء، أهمية تفعيل الدور الرقابي من قبل الجهات الحكومية ومنها هيئة المواكب الحسينية التابعة للعتبتين المقدستين في كربلاء و وضع الشروط الخاصة بعملية الطهي وإعداد الطعام وكذلك الرقابة الصحية على عملية ذبح الأغنام والماشية للقضاء على الحالات السلبية والمحافظة على صحة الزائرين والمنظر اللائق للمدينة المقدسة. ويتابع مرتضى حديثه: يتوجب من أصحاب المواكب الحسينية توظيف عدد من أفرادها للقيام بعملية التنظيف التي ترافق عملية إعداد الطعام، و يوضّح بأن بعض هذه المواكب لا تراعي في عملية الذبح جانب النظافة والوقاية الصحية وتعتمد في ذلك على تقاليدها وطريقتها المتبعة في مدنها وقراها وهذا شيء غير مرغوب به. بينما يفضّل المواطن (حسن الموسوي) في منطقة باب بغداد في كربلاء اتخاذ أماكن خاصة لعملية ذبح المواشي وإعداد الطعام من قبل المواكب الحسينية في كربلاء كأن يتم تخصيص المجازر التابعة للمحافظة والموجودة في منطقتي الإبراهيمية وطريق النجف في أيام الزيارة لهذا الغرض لضمان ذبح المواشي والأغنام بصورة صحيحة وغسلها ومن ثم نقلها إلى الموكب داخل المدينة المقدسة.
عن موقع ارفع صوتك مشياً على الأقدام الجذور التاريخية لـ"زيارة الحسين" للكاتب محمد يسري بتأريخ 19 أغسطس 2024: "المشاية" البعد السياسي والاجتماعي: ارتبطت شعيرة المشي لزيارة الحسين بالعديد من الأبعاد السياسية والاجتماعية. في القرن السادس عشر الميلادي، تنافس الصفويون والعثمانيون على حكم العراق. وطيلة وقوع كربلاء تحت الحكم العثماني، حاول الصفويون استبدال شعيرة المشي إلى كربلاء بالمشي إلى مدينة مشهد في إيران، حيث دُفن الإمام الثامن علي الرضا. في هذا السياق، تذكر العديد من المصادر التاريخية أن الشاه عباس الصفوي سافر سيراً على الأقدام من أصفهان إلى مشهد، وقطع في هذه الرحلة ما يزيد عن 1200 كيلومتر على مدار 28 يوماً. وكان يريد بذلك مضاهاة مسيرة الأربعين الحسينية. في العصر الحديث، ارتبطت مسيرة الأربعين بالصراع مع النظام البعثي في العراق. عمل صدام حسين بشتى الوسائل من أجل إجهاض أي مسيرات في أربعينية الحسين. وتسبب ذلك في وقوع العديد من المصادمات بين السلطة وجماهير الشيعة. كانت أحداث صفر في الرابع من فبراير عام 1977م أشهر تلك المصادمات على الإطلاق. من جهة أخرى، تميزت المشاية الحسينية بالعديد من السمات المجتمعية البارزة، خصوصاً وأنها واحدة من أكبر التجمعات البشرية الموثقة حول العالم. في سنة 2014م، شهد الطريق الرابط بين محافظتي كربلاء والنجف، إقامة أكبر صلاة جماعة امتدت لنحو 30 كيلومترا بمشاركة آلاف المصلين والزائرين المتجهين الى كربلاء. وفي سنة 2023م، أعلنت العتبة العباسية بكربلاء أن العدد الكلي للزائرين الذين قصدوا مدينة كربلاء لأداء مراسم زيارة أربعينية الإمام الحسين بلغ أكثر من 22 مليون زائر. في سنة 2019، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عنصر الضيافة وتوفير الخدمات خلال زيارة الأربعين في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية. في السياق نفسه، يُعد توزيع الطعام على زائري الأربعين من المعالم المميزة لزيارة صفر. يقوم الكثير من المتطوعين بطبخ كميات كبيرة من الطعام. وتوزع تلك الأطعمة على الزوار دون مقابل. من أشهر أنواع الطعام التي توزع في تلك المناسبة "كعك العباس" والذي يُحضّر من الطحين والسكر واليانسون والزيت. وهناك أيضا "خبز العباس" وهو عبارة عن رغيف من الخبز المحشو باللحوم والتوابل والملفوف بالخضروات المتنوعة والسلطات، ويُقدم في أحيان كثيرة مع اللبن. كذلك، تُعد أكلة "القيمة النجفية" واحدة من أشهر الأكلات التراثية التي توزع على زوار كربلاء في أربعينية الحسين. يعود أصل كلمة القيمة على الأرجح إلى جذور فارسية قديمة بمعنى المرق. وتُنسب تلك الأكلة في الغالب لمدينة النجف (القيمة النجفية)، كما تُسمى أحياناً باسم القيمة الحسينية، وذلك بسبب ارتباطها بمناسبتي عاشوراء وزيارة الأربعين.
|