لا يخفى نور سيد الأكوان نبيّ الإسلام (صلّى الله عليه وآله) وما له من الأخلاق الكاملة والصفات التامّة التي وصفها الله تعالى في القرآن الكريم في سورة القلم قوله تعالى: ( وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ
) ومن يطالع السيرة يحد الكثير الكثير من صفاته، وهكذا أهل البيت (عليهم السلام أجمعين) فهم نور واحد ونور من نور من قبل أن تكون الخليقة كما في البحار ج25/ ص24:
عن الثمالي: قال: دخلت حبابة الوالبيّة على أبي جعفر عليه السلام فقالت: أخبرني يا بن رسول الله أي شئ كنتم في الأظلة؟ فقال عليه السلام: كنا نورا بين يدي الله قبل خلق خلقه، فلما خلق الخلق سبحنا فسبحوا، وهللنا فهللوا، وكبرنا فكبروا، وذلك قوله عز وجل: " وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا " الطريقة حبّ علي صلوات الله عليه، والماء الغدق الماء الفرات وهو ولاية آل محمد عليهم السلام.
وكذلك الرواية التي بعدها في المصدر نفسه: عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: "نحن شجرة النبوة ومعدن الرسالة ونحن عهد الله ونحن ذمة الله، لم نزل أنوارا حول العرش نسبح فيسبح أهل السماء لتسبيحنا، فلما نزلنا إلى الأرض سبحنا فسبح أهل الأرض، فكل علم خرج إلى أهل السماوات والأرض فمنا وعنا، وكان في قضاء الله السابق أن لا يدخل النار محب لنا، ولا يدخل الجنة مبغض لنا، لان الله يسأل العباد يوم القيامة عما عهد إليهم ولا يسألهم عما قضى عليهم".
وإذا ما أردنا أن نرى وصفه فعن أمير المؤمنين عليه السلام نأخذ صفة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حينما قال: أمير المؤمنين (عليه السلام): (..يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ الله صلَّى اللهُ عَلَيه وَآله أَسَرَّ إِلَيَّ أَلْفَ حَدِيثٍ فِي كُلِّ حَدِيثٍ أَلْفُ بَابٍ لِكُلِّ بَابٍ أَلْفُ مِفْتَاحٍ..) الخصال للشيخ الصدوق: ج 2 / ص 644 .
فالنبي (صلّى الله عليه وآله) قد وصف لنا كما في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) شخصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيقول: "..فَهُوَ إِمَامُ مَنِ اتَّقَى، وَبَصِيرَةُ مَنِ اهْتَدَى، وسِرَاجٌ لَمَعَ ضَوْؤُهُ، وَشِهَابٌ سَطَعَ نُورُهُ وَزَنْدٌ بَرَقَ لَمْعُهُ; سِيرَتُهُ الْقَصْدُ، وَسُنَّتُهُ الرُّشْدُ، وَكَلاَمُهُ الْفَصْلُ..".
فالنبي (صلّى الله عليه وآله) في كلام أمير المؤمنين عليه السلام هو إمام المتقين ولا يكون المتقي متقياً حتى يكون النبي إمامه وقدوته فمن لم يقتد برسول الله فمن قدوته؟ فالتقوى عرفت منه والدين عرف به روحي فداه، ومن شاء البصيرة فهي النبي صلى الله عليه وآله فمن لم تكن له علاقة برسول الله تعالى يأخذ منه ويلتزم بما أمر ونهى كيف يكون مهتدياً وهو مجانب لهدي رسول الله؟ لا يكون أبداً.
النبي سنته الرشد وهذه كلمة بلغت الغاية في الأهمّيّة، حيث أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) سنته هي الرشد، فيكون من أخذ بسنته (روحي فداه) فقد صار إنسانا راشدا لا عاقلا فحسب والرشد من المراحل التي تجعل من حياة الإنسان حياة حكيمة لا سفه فيها ولا ترك للموازين، وكيف لا تكون كذلك وهو الذي قال عنه القران الكريم في سورة النجم:
قوله تعالى: (وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى).
ومن كلّ ما ذكرنا نفهم أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بلغة من الدراجات مالم يبلغها أحد من البشر، وهذا شيىء من عظمة النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) التي ذكرها لنا أمير المؤمنين عليه السلام .
فلا يمكن للمسلم أن يخالفه في أمر عن عناد وإصرار، ويصفه بأوصاف لا تناسبه متبعا بقوله قول الوضّاعين والكذابين، الذين نصبهم أعداء الإسلام من المنافقين والكافرين.
|