شيعة أهل البيت عليهم السلام تجمعهم العقيدة وتفرقهم البلدان ، ولكل بلد انعكاساته الخاصة على مواطنيه ، ثقاقياً واجتماعياً وأخلاقياً .. وكذلك هناك اختلافات في طبيعة الفكر والتعاطي مع الأشياء .. وهذا واضح وجليّ .
ومما يساعد على إذابة هذه الفوارق والتقليل من حجم الفجوة الموجودة في بعض الجوانب هو هذا الانصهار المليوني الذي تشهده التجمعات الكبرى لشيعة أهل البيت صلوات الله عليهم وخاصة أربعينية الإمام الحسين عليه السلام ، فباتت القضية الحسينية بمستنداتها الإسلامية والإنسانية وبثقافتها وشعائرها الخاصّة وأسلوب إحياءها المميز هي القالب الموحّد لهذه الجموع ، وهي لغة التفاهم فيما بينهم ، وهي محور حركتهم وتفكيرهم ومركز اهتمامهم ونقطة التقاء عواطفهم ..
ولا يخفى ما لهذا التوحيد من القوى الكامنة والطاقة المختزنة لهذا المذهب وهذه العقيدة الحقّة وهي تشق طريقها أمام تحديات عالمية كبرى تستهدفها اولاً وبالذات ، سواء ما كان داخل الإطار الإسلامي أو خارجه ..
فإذا كان للتجمع الجسدي البشري مقدار من الطاقة والقوة والمنعة ، فإن الانصهار الفكري والثقافي والعاطفي ، والاتفاق على المسار وتوحيد الهدف له أضعاف مضاعفة من تلك الطاقة والقوة .. قال تعالى ( مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡـَٔهُۥ فَـَٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا ) الفتح ٢٩
|