• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : قناعة النفس أغنتني عن الناس .
                          • الكاتب : رزاق عزيز مسلم الحسيني .

قناعة النفس أغنتني عن الناس

قناعةُ النفسِ أغْنَتْني عَنِ الناسِ

وصولةُ الدَّهرِ زادتْ فَتْلَ أمراسي {1}

 

وبينَ جنبيَّ قلبٌ لا تزحزحُهُ

هوجُ الرياحِ كطودٍ راسخٍ راسِ

 

يطوي منَ الهمِّ ما تعيا الجبالُ بهِ

للهِ من مضغةٍ أقوى منَ الباسِ ؟!!!

 

لكنّهُ في الهوى طفلٌ يروّعُهُ

هجرُ الحبيبِةِ مِنْ وشيٍ ووسواسِ

 

إذا تعنُّ بوجهِ البدرِ تأسرُهُ

وحسنِ قدٍّ كغصنِ البانِ ميّاسِ

 

لها القوافيَ أشدوها بلا وطرٍ

كواصفِ الخمرِ شعراً ليسَ بالحاسي

 

لم يفتأِ الدّهرُ كالحُسّادِ يرمُقُني

شزْراً كأنّّي سجينٌٌ بينَ حُرّاسِ

 

أظمى فؤاديَ حتى كدتُ من ظمإٍ

أُشفي على الموتِ لولا فضلةُ الكاسِ

 

وكم مَريتُ ضروعَ الدّهرِ مُرتجياً

يوماً تدرُّ فما درّتْ بإبساسي {2}

 

بُخلاً عليَّ أَبَى يُطفي لظى ظمئي

أَحَالَها بيدي كالجلمدِ القاسي

 

لولا جنونُهُ ما ساد الرعاعُ بهِ

واستُعبِدَ الحُرُّ في طغيانِ أنكاسِ {3}

 

وما لقيتُ بلا ذنبٍ عداوتَهُ

لو كنتُ غِرّاً بلا وعيٍ وإحساسِ

 

جمٌّ مهازلُهُ في الحرِّ دائرةٌ

وخادمٌ طيّعٌ يعنو لأدناسِ

 

لقدْ رأيتُ طباعَ الدّهرِ أجمعَها

للعينِ باديةً في أكثرِ النّاسِ

 

ويحَ الليالي ألمْ تسأمْ مخاصمتي

للآنِ تطحنُني غيظاً بأضراسِ ؟!!!

 

وكبريائي أَبَتْ أشكو الى أحدٍ

مما أُكابدُ أينَ الوامقُ الآسي ؟!!!

 

ما اشبَهَ الناسَ بالدُّنيا وأفضلُهم

بلا فؤادٍ وذو جسمٍ بلا راسِ

 

فكم ألاقي صفيقَ الوجهِ مضطغناً

كالنّاسِ يبدو ويُخفي طبعَ نسناسِ

 

كمْ يدّعي أدباً يهفو الى فَحَمٍ 

وجهْلُهُ يزدري بالتّبرِ والماسِ !!!

 

وكم حرصتُ على ندٍّ يسامرُني

فما وجدتُ نديماً بينَ جُلّاسي

 

ما الذّنبُ ذنبي إذا يغتاظُ ذو حَسَدٍ

 إنَّ المَلاكَ مُغيظٌ كلَّ خنّاسِ !!!

 

ضجّتْ ضلوعي مِنَ الآهاتِ أنفثُها

حتّى استحالتْ لظىً من حرِّ أنفاسي

 

فكم هممتُ بأقلامي أُحطّمُها

وأُطعمُ النارَ أوراقي وقرطاسي

 

فما انتفاعي بها ما بدّدتْ سَأَمي

أو بدّلتْ نكدَ الدّنيا بإيناسِ ؟!!!

 

قد كدّرَتْ خاطري بلْ أرْهَقَتْ عَصَبي

وإنْ تكنْ في الدّجى ضاءَتْ كنبراسِ

 

وموطني لم يعدْ بالشعرِ مكترثاً

فالناقدونَ لهُ غطّوا بأرماسِ !!!

 

مهازلٌ تقتفي آثارَ مهزلةٍ

حتّى برمْتُ بذي الدّنيا منَ الياسِ

 

{1} الأمراس : الحبال

{2} الإبساس : صوتُ الراعي يسكن به 

الناقة عند الحلب لتدرّ الحليب

{3}أرماس : جمع رمس وهي القبور 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=195838
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 08 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13