إنّ من أهم أسباب نجاح الإنسان نجاحاً باهراً هو رعايته لطلب الحقائق وحرصه عليها ولو وتره الأقربون فيها، نجد أنّ مرحوم عند الأبعدين على أساسها، لا شيء مستحيل في طريق طلب الحقيقة، ففي طلبها رضا الله تعالى والإمارة على العقل وملك زمام أموره.
لا سبيل للإنقياد خلف العادات البالية الخاطئة، والطبائع الخاطئة إنّما علو مقام الإنسان يكون بشدة قبضته على حفظ حرصه على الحقّ ومتابعته الذي يكون القابض عليه كالقابض على جمرة، أعان الله تعالى من ملك نفسه عند هجوم هواها كالصقر المنقض على فريسته وصولة شرهها كهجوم عسلان الفلوات على ضحيّة مسالمة هكذا هي النفس في طلبها لمجانبة الحقيقة.
الرجل كلّ الرجل من قال لها لا.. توقفي.. ما هذا الشر الذي تبدينه تجاه النور المشرق في قلب نابض بالحياة الحقيقة التي لا وجود فيها لغير الحريّة النابعة من قلب العبوديّة للخالق الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد؟
اليوم في كلّ يوم بين أيدينا سيرة عاطرة لرجل لم تغرّه الأباطرة، ولم تنل منه وسوسة الأقربين، ولم يهنأ إلّا عند بلوغه الحقّ الحقيق على نحو التتبّع والتحقيق.
لقد قصد التجارة مع ربّه، وطلب بكل كيانه أن يرضي خالقه، لم يكن يرضى من نفسه إلّا وصوله لسيد الكائنات ويأخذ من حبيب الله وسيد رسله (صلّى الله عليه وآله).
سلمان الفارسي الذي بلغ به الولاء إلى الثريّا بعد الثرى، محمديّ بلا منازع، علويّ بلا مدافع ولو عاش لكان حسنيٌّ و بعدها حسينيّ..
طلب الحقيقة ولم يتشبث بقول من قال للرسل الله تعالى كما نقل قولهم في القرآن الكريم: (قالَتْ رُسُلُهُمْ أَ فِي اللَّـهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ يُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) سورة إبراهيم الآية ١٠.
بل قال من خلال بسيرته قول من نقل القران الكريم قولهم : ( رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ كَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَ تَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) سورة آل عمران الآية ١٩٣.
الصاحبيّ الجليل سلمان المحمّدي قدوة طلّاب الحقيقة، لم يكن ممّن يحبّ التخندق بخندق أكواخ مجانبة أمر المعصومين (عليهم السّلام).
أين أهل القيل والقال عن شخصيّة محترمة لها منزلة رفيعة، ومكانة سامية، من السابقين للإسلام، والمقبولين عند الجميع؟ لم يرتض لنفسه أن تقف عند غير العقيدة الحقّة، ولم يكن تابعاً لغير الله والنبيّ (صلّى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السّلام)، يأخذ منهم الحقّ، فهم الخير كلّ الخير، وولايتهم نظام الأمّة، أين طلّاب الحقيقة عن معرفة سيرته وقصته وبحثه وبلوغه وزيارة مرقده في قضاء المدائن؟
|