بعضُ المُتكلّمينَ يعتاشونَ على فتاتِ الأحداثِ الآنيّةِ العابرةِ على حسابِ الحقائقِ التي نُصِّبَ المنبرُ مِن أجلِها، وبُذلَتِ المُهجُ في تعبيدِ طريقِها، وقُطعَتِ الأيدي والألسنُ والأرجلُ؛ مِن أجلِ حفظِها، وديمومةِ وهجِ تأثيرها، وحجّتُهم في ذلك أنّنا نواكبُ الزمنَ!
أجارَ الله (تعالى) مجتمعنا مِن هؤلاء الإمّعةِ، أتباعِ الهوى والتشاؤمِ والمدّعين.
ولا أعلمُ بِأيِّ ميزانٍ وزنوا هذه الحجّةَ؟ وما عذرُهم أمامَ الله (تعالى) بِترويجِ ما يَتسبّبُ بإلهاءِ النَّاسِ وإشغالِها بِما لا ينفعُها، هل طالعوا قولَهُ تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} (الصافات: 24)
فإنْ طالعوهُ فكيفَ فَهمُوهُ معَ استمرارِهم على أسلوبِهِم غيرِ النَّافعِ، وإنْ لم يتلوهُ فكيفَ كانَ تصديهم للأمورِ العظيمةِ؟
أيّامُ شهرِ المحرم، ولياليه هي أيامُ المواساةِ ونقلِ الحقائقِ، عَن الإمامِ الرضا (عليه السلام) أنّه قال: "إِنَّ يَوْمَ اَلْحُسَيْنِ أَقْرَحَ جُفُونَنَا، وَأَسْبَلَ دُمُوعَنَا، وَأَذَلَّ عَزِيزَنَا، بِأَرْضِ كَرْبٍ وَبَلاَءٍ وَأَوْرَثَتْنَا اَلْكَرْبَ وَاَلْبَلاَءَ إِلَى يَوْمِ اَلاِنْقِضَاءِ، فَعَلَى مِثْلِ اَلْحُسَيْنِ فَلْيَبْكِ اَلْبَاكُونَ، فَإِنَّ اَلْبُكَاءَ يَحُطُّ اَلذُّنُوبَ اَلْعِظَامَ".
فالأيّامُ أيّامُ ذروةِ الحسرةِ على حججِ الله (تعالى)، وسبي ذراريهم وهتكِ حرمةِ الإسلامِ والمقدسات بِما وقعَ عليهم.
ليسَ منَ العقلِ أنْ يُتركَ كلُّ هذا، ويُصرفَ النَّاسُ إلى ما تمجّهُ الأسماعُ ولا تنجذبُ إليهِ القلوبُ…
الخادمُ يبحثُ عن رضا ربِّهِ (تعالى) وسادتِهِ (صلوات الله عليهم) لا عَن غيرِ ذلِكَ، هدانا الله (تعالى) جميعاً للخيرِ والصَّلاحِ والنَّجاةِ والفلاحِ.
|