فرض الله عزّ وجل على المسلمين طاعة ونصرة الحجة المنصب من قبله عليهم، فوجب بذلك على كل من يؤمن بالله ان يكون مستعدا لنصرة إمام زمانه مضحيا تحت لوائه و في سبيل الله، فكان العبد الصالح أبا الفضل العباس (عليه السلام) خير مطيعا لله ورسوله عن طريق طاعته ونصرته وتضحيته لإمام زمانه الامام الحسين (عليه السلام) فجسد لنا كل ذلك بواقعة كربلاء.
جاء القرآن الكريم بوجود الإمام في كل زمان في آيات عديدة نذكر منها: (يوم ندعوا كل اناس بامامهم) (١) (إني جاعلك للناس اماماً) (٢) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) (٣) رتب الله تعالى في كتابه طاعة أولي الأمر على طاعة الرسول المرتبة على طاعته تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٤) فلا بد للمؤمن أن يكون على معرفة بإمام زمانه، ويعمل على طاعته ورضاه والامتثال لأوامره ونواهيه، مستعدا لنصرته والدفاع عنه، مبتعدا عن كل ما لا يرضيه، لأن بذلك طاعة ورضا الله ورسوله.
الامام العباس عبدا صالحا مطيعا لله ورسوله وأمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) كان شجاعا فارسا وسيما جسيما، يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان الأرض، وكان من فقهاء أولاد الأئمة (ع) وكان عدلا ثقة نقيا تقيا، و قال الامام الصادق عليه السلام: كان عمنا العباس نافذ البصيرة صلب الايمان، جاهد مع أخيه الحسين عليه السلام وأبلى بلاءا حسنا ومضى شهيدا، لقد عرفنا العباس كرمز للوفاء والشجاعة و البطولة والإباء في معركة الطف، لما أبدى من استبسال وإقدام في تلك المعركة، وامتنع عن شرب الماء قبل امامه الحسين (ع) فما الذي قام به العباس ليصبح أيضاً إلى جانب تلك الصفات نافذ البصيرة؟! تشير الروايات إلى أن العباس وأخوته تلقوا عرضاَ مغرياً من قبل جيش بن سعد (لعنت الله عليه) قبيل المعركة بيوم، يقدم شمر بن ذي الجوشن إلى العباس ومعه الأمان له ولإخوته، وهنا تجلت بصيرة أبي الفضل العباس(ع) في أبهى صورها عندما رفض عرض الشمر اللعين وقرر أن يتمسك بولايته لإمامه الحسين (ع) وآثرها مع إخوته على العيش في الدنيا بأمان رد العباس الشمر قائلا: (لعنك الله ولعن أمانك تؤمننا وابن رسول الله لا أمان له وتأمرنا ان نـدخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء) بهذه البصيرة والإيمان الصلب والدفاع والتضحية عن إمامه، أصبح نهجاً ينتهجه كل من يريد نصرة إمام زمانه.
اليوم إمام زماننا المهدي المنتظر (أرواحنا له الفداء) وله حقا مفروض علينا، فهو أمام مفترض الطاعة وعلى المؤمنين العمل على نيل رضاه والابتعاد عن ما نهى عنه، و الاستعداد لنصرته ومن أهم ما يدخل السرور الى قلبه الشريف (ان يكون المؤمن ذو أخلاق حسنة، مبتعدا عن المحرمات عاملاً بالواجبات، ذو بصيرة يعرف الحق وأهله مبتعدا عن الباطل وأهله، مطيعا للمراجع العظام وعلمائنا الأعلام، العمل على مساعدة الآخرين، تربية نفوسنا وأبنائنا على أخلاقهم عليهم السلام، المعرفة بعلامات ظهوره، استعدادنا لنكون من أنصاره، الخ…)
كان العبد الصالح أبا الفضل العباس (عليه السلام) أنموذجا واضحاً في معرفة إمام زمانه ونصرته وتضحيته والدفاع عنه حتى الشهادة، فلا بد لنا ان نتعلم من الامام العباس (ع) كيف نكون مطيعين نافذي البصيرة ناصرين لإمام زماننا لا تغرينا الدنيا وملذاتها مستعدين للتضحية في سبيل الله تحت لواء امام زماننا (عج) فلا ينال رضا الله ورسوله الى بذلك ولمثل هذا فليعمل العاملون.
المصادر المذكورة:
(١) [سورة الإسراء : 71]
(٢) [البقرة:124]
(٣) [ابن طاووس،الإقبال بالأعمال الحسنة،ج 2، ص 252]
(٤) [النساء: 59]
|