• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة (ح 2) (أحدا صمدا) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

من دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة (ح 2) (أحدا صمدا)

جاء في كتب الأدعية ومنها كتاب مفاتيح الجنان: أن يدعو في كلّ يوم من أيّام العشر بهذه الدّعوات الخمس وقد جاء بها جبرئيل الى عيسى بن مريم هديّة من الله تعالى ليدعو بها في أيّام العشر، وأحد هذه الدّعوات الخمس: (2) اَشْهَدُ اَنْ لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، اَحَداً صَمَداً لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً.

جاء في معاني القرآن الكريم: أحد أحد يستعمل على ضربين: أحدهما: في النفي فقط، والثاني: في الإثبات. فأما المختص بالنفي فلاستغراق جنس الناطقين، ويتناول القليل والكثير على طريق الاجتماع والافتراق، نحو: ما في الدار أحد، أي: لا واحد ولا اثنان فصاعدا لا مجتمعين ولا مفترقين، ولهذا المعنى لم يصح استعماله في الإثبات، لأن نفي المتضادين يصح، ولا يصح إثباتهما، فلو قيل: في الدار واحد لكان فيه إثبات واحد منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومفترقين، وذلك ظاهر الإحالة، ولتناول ذلك ما فوق الواحد يصح أن يقال: ما من أحد فاضلين (وهذا النقل حرفيا في البصائر 2/91)، كقوله تعالى: "فما منكم من أحد عنه حاجزين" (الحاقة 47).، وأما المستعمل في الإثبات فعلى ثلاثة أوجه: الأول: في الواحد المضموم إلى العشرات نحو: أحد عشر وأحد وعشرين. والثاني أن يستعمل مضافا أومضافا إليه بمعنى الأول، كقوله تعالى: "أما أحدكما فيسقي ربه خمرا" (يوسف 41)، وقولهم: يوم الأحد. أي: يوم الأول، ويوم الاثنين.والثالث: أن يستعمل مطلقا وصفا، وليس ذلك إلا في وصف الله تعالى بقوله: "قل هو الله أحد" (الإخلاص 1)، وأصله وحد.

عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن أحدا صمدا "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ" ﴿الإخلاص 1-2﴾ أحد اسم، الصَّمَدُ: ال اداة تعريف، صَّمَدُ اسم. قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ: قل ياأيها النبي لمن سألك عن ربك أن الله أحد. قل أيها الرسول: هو الله المتفرد بالألوهية والربوبية والأسماء والصفات، لا يشاركه أحد فيها. الصمد: السند الدائم الذي يُصمد إليه في الأمور، أي يُقصد، و الصمد عند العرب: شريف القوم أو السيد المطاع أو السيد المقصود الذي لا يُقضى دونه أمر. الله الصّمد: هو وَحْدَه المقصود في الحَوائج. الله وحده المقصود في قضاء الحوائج والرغائب.

جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله عز وعلا "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ" ﴿الإخلاص 1-2﴾ "قل هو الله أحد" هذا أمر من الله عز اسمه لنبيه صلى الله عليه وآله وسلّم أن يقول لجميع المكلفين هو الله الذي تحق له العبادة قال الزجاج: هو كناية عن ذكر الله عز وجل ومعناه الذي سألتم تبيين نسبته هو الله أحد أي واحد ويجوز أن يكون المعنى الأمر الله أحد لا شريك له ولا نظير وقيل معناه واحد ليس كمثله شيء عن ابن عباس وقيل واحد في الإلهية والقدم وقيل واحد في صفة ذاته لا يشركه في وجوب صفاته أحد فإنه يجب أن يكون موجودا عالما قادرا حيا ولا يكون ذلك واجبا لغيره وقيل واحد في أفعاله لأن أفعاله كلها إحسان لم يفعلها لجر نفع ولا لدفع ضرر فاختص بالوحدة من هذا الوجه إذ لا يشركه فيه سواه واحد في أنه لا يستحق العبادة سواه لأنه القادر على أصول النعم من الحياة والقدرة والشهوة وغير ذلك مما لا تكون النعمة نعمة إلا به ولا يقدر على شيء من ذلك غيره فهو أحد من هذه الوجوه الثلاثة وقيل إنما قال أحد ولم يقل واحد لأن الواحد يدخل في الحساب ويضم إليه آخر وأما الأحد فهو الذي لا يتجزأ ولا ينقسم في ذاته ولا في معنى صفاته ويجوز أن يجعل للواحد ثانيا ولا يجوز أن يجعل للأحد ثانيا لأن الأحد يستوعب جنسه بخلاف الواحد أ لا ترى أنك لوقلت فلان لا يقاومه واحد جاز أن يقاومه اثنان ولما قلت لا يقاومه أحد لم يجز أن يقاومه اثنان ولا أكثر فهو أبلغ وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام في معنى "قل هو الله أحد" أي قل أظهر ما أوحينا إليك وما نبأناك به بتأليف الحروف التي قرأناها عليك ليهتدي بها من ألقى السمع وهو شهيد وهو اسم مكنى مشار إلى غائب فالهاء تنبيه عن معنى ثابت والواو إشارة إلى الغائب عن الحواس كما أن قولك هذا إشارة إلى الشاهد عند الحواس وذلك أن الكفار نبهوا عن آلهتهم بحرف إشارة إلى المشاهد المدرك فقالوا هذه آلهتنا المحسوسة بالأبصار فأشر أنت يا محمد إلى إلهك الذي تدعو إليه حتى نراه وندركه ولا ناله فيه فأنزل الله سبحانه "قل هو الله أحد" فالهاء تثبيت للثابت والواو إشارة إلى الغائب عن درك الأبصار ولمس الحواس وأنه يتعالى عن ذلك بل هو مدرك الأبصار ومبدع الحواس. وحدثني أبي عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال رأيت الخضر في المنام قبل بدر بليلة فقلت له علمني شيئا أنتصر به على الأعداء فقال قل يا هويا من لا هو إلا هو فلما أصبحت قصصت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فقال يا علي علمت الاسم الأعظم فكان على لساني يوم بدر قال وقرأ عليه السلام يوم بدر "قل هو الله أحد" فلما فرغ قال يا هويا من لا هو إلا هو اغفر لي وانصرني على القوم الكافرين وكان يقول ذلك يوم صفين وهو يطارد فقال له عمار بن ياسر يا أمير المؤمنين ما هذه الكنايات قال اسم الله الأعظم وعماد التوحيد لله لا إله إلا هو ثم قرأ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم وآخر الحشر ثم نزل فصلى أربع ركعات قبل الزوال. قال: وقال أمير المؤمنين عليه السلام الله معناه المعبود الذي يأله فيه الخلق ويؤله إليه الله المستور عن إدراك الأبصار المحجوب عن الأوهام والخطرات وقال الباقر عليه السلام الله معناه المعبود الذي أله الخلق عن إدراك ماهيته والإحاطة بكيفيته وتقول العرب أله الرجل إذا تحير في الشيء فلم يحط به علما ووله إذا فزع إلى شيء قال والأحد الفرد المتفرد والأحد والواحد بمعنى واحد وهو المتفرد الذي لا نظير له والتوحيد الإقرار بالوحدة وهو الانفراد والواحد المباين الذي لا ينبعث من شيء ولا يتحد بشيء ومن ثم قالوا إن بناء العدد من الواحد وليس الواحد من العدد لأن العدد لا يقع على الواحد بل يقع على الاثنين فمعنى قوله "الله أحد" أي المعبود الذي يسأله الخلق عن إدراكه والإحاطة بكيفيته فرد بإلهيته متعال عن صفات خلقه.

عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله عز وعلا "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ" ﴿الإخلاص 1-2﴾ السورة تصفه تعالى بأحدية الذات ورجوع ما سواه إليه في جميع حوائجه الوجودية من دون أن يشاركه شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وهو التوحيد القرآني الذي يختص به القرآن الكريم ويبني عليه جميع المعارف الإسلامية. وقد تكاثرت الأخبار في فضل السورة حتى ورد من طرق الفريقين أنها تعدل ثلث القرآن كما سيجيء إن شاء الله. والسورة تحتمل المكية والمدنية، والظاهر من بعض ما ورد في سبب نزولها أنها مكية. قوله تعالى: "قل هو الله أحد" هو ضمير الشأن والقصة يفيد الاهتمام بمضمون الجملة التالية له، والحق أن لفظ الجلالة علم بالغلبة له تعالى بالعربية كما أن له في غيرها من اللغات اسما خاصا به، وقد تقدم بعض الكلام فيه في تفسير سورة الفاتحة. وأحد وصف مأخوذ من الوحدة كالواحد غير أن الأحد إنما يطلق على ما لا يقبل الكثرة لا خارجا ولا ذهنا ولذلك لا يقبل العد ولا يدخل في العدد بخلاف الواحد فإن كل واحد له ثانيا وثالثا إما خارجا وإما ذهنا بتوهم أو بفرض العقل فيصير بانضمامه كثيرا، وأما الأحد فكل ما فرض له ثانيا كان هو هو لم يزد عليه شيء. واعتبر ذلك في قولك: ما جاءني من القوم أحد فإنك تنفي به مجيء اثنين منهم وأكثر كما تنفي مجيء واحد منهم بخلاف ما لوقلت: ما جاءني واحد منهم فإنك إنما تنفي به مجيء واحد منهم بالعدد ولا ينافيه مجيء اثنين منهم أو أكثر، ولإفادته هذا المعنى لا يستعمل في الإيجاب مطلقا إلا فيه تعالى ومن لطيف البيان في هذا الباب قول علي عليه أفضل السلام في بعض خطبه في توحيده تعالى: كل مسمى بالوحدة غيره قليل، وقد أوردنا طرفا من كلامه عليه السلام في التوحيد في ذيل البحث عن توحيد القرآن في الجزء السادس من الكتاب.

وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله عز وعلا "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ" ﴿الإخلاص 1-2﴾ أصول الإسلام ثلاثة: التوحيد، والنبوة، والبعث، ويتفرع عن الأول صفاته تعالى، وعن الثاني القرآن والشريعة، وعن الثالث الحساب والجزاء. وهذه السورة الشريفة تقرر الأصل الأول. "قُلْ هُو اللَّهُ أَحَدٌ" في ذاته وصفاته وأفعاله، لا شريك له في شيء، ولا فعل شيئا لجلب منفعة له أو دفع مضرة عنه. وتكلمنا مفصلا عن التوحيد ونفي الشريك عند تفسير الآية 48 من سورة النساء ج 2 ص 344 بعنوان (دليل التوحيد والأقانيم الثلاثة). "اللَّهُ الصَّمَدُ". ومعناه في اللغة السيد الذي يلجأ إليه في الحاجات والمهمات، والمراد به هنا الغني عن كل شيء، ويفتقر إليه كل شيء لأنه خالق الأشياء ومصدرها.

وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله عز وعلا "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ" ﴿الإخلاص 1-2﴾ "اللّهُ الصّمد" وهو وصف اخر لذاته المقدّسة. وذكر المفسّرون واللغويون معاني كثيرة لكلمة (صمد). الراغب في المفردات يقول: الصمد، هو السيد الذي يُصمد إليه في الأمر، أي يقصد إليه. وقيل: الصمد الذي ليس بأجوف. وفي معجم مقاييس اللغة، الصمد له أصلان: أحدهما القصد، والآخر: الصلابة في الشيء. واللّه جلّ ثناؤه الصمد لأنّه يَصمِدُ إليه عباده بالدعاء والطلب. وقد يكون هذان الأصلان اللغويان هما أساس ما ذكر من معاني لصمد مثل: الكبير الذي هو في منتهى العظمة، ومن يقصد إليه النّاس بحوائجهم، ومن لا يوجد أسمى منه، ومن هو باق بعد فناء الخلق. وعن الإمام الحسين بن علي عليه السلام أنّه ذكر لكلمة (صمد) خمسة معان هي: الصمد: الذي لا جوف له. الصمد: الذي قد انتهى سؤدده (أي في غاية السؤدد) الصمد: الذي لا يأكل ولا يشرب. الصمد: الذي لا ينام. الصمد: الذي لم يزل ولا يزال. وعن محمّد بن الحنفية (رض) قال: الصمد القائم بنفسه الغني عن غيره. وقال غيره: الصمد، المتعالي عن الكون والفساد. وعن الإمام علي بن الحسين عليه السلام قال: (الصمد الذي لا شريك له، ولا يؤوده حفظ شيء، ولا يعزب عنه شيء. (أي لا يثقل عليه حفظ شيء ولا يخفى عنه شيء). وذهب بعضهم إلى أنّ (الصمد) هو الذي يقول للشيء كن فيكون. وفي الرّواية أنّ أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي عليه السلام يسألونه عن الصمد. فكتب إليهم: (بسم اللّه الرحمن الرحيم، أمّا بعد فلا تخوضوا في القرآن، ولا تجادلوا فيه، ولا تتكلّموا فيه بغير علم. فقد سمعت جدي رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النّار; وأنّه سبحانه قد فسّر الصمد فقال: اللّه أحد، اللّه الصمد، ثمّ فسّره فقال: لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=194201
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 06 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12