جاء في كتب الأدعية ومنها كتاب مفاتيح الجنان: أن يدعو في كلّ يوم من أيّام العشر بهذه الدّعوات الخمس وقد جاء بها جبرئيل الى عيسى بن مريم هديّة من الله تعالى ليدعو بها في أيّام العشر، وهذه هي الدّعوات الخمس: (1) اَشْهَدُ اَنْ لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَىْء قَديرٌ (2) اَشْهَدُ اَنْ لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، اَحَداً صَمَداً لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (3) اَشْهَدُ اَنْ لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ اَحَداً صَمَداً لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً اَحَدٌ (4) اَشْهَدُ اَنْ لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيى وَيُميتُ وَهُوَ حَىٌّ لا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَىْء قَديرٌ (5) حَسْبِىَ اللهُ وَكَفى سَمِعَ اللهُ لِمَنْ دَعا، لَيْسَ وَرآءَ اللهِ مُنْتَهى، اَشْهَدُ للهِ بِما دَعا وَاَنَّهُ بَرىءٌ مِمَّنْ تَبَرَأَ وَاَنَّ لِلّهِ الاْخِرَةَ وَالْاُولى.
عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) "يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ﴿التغابن 1﴾ لَهُ: لَ حرف جر، هُۥ ضمير، الْمُلْكُ: الْ اداة تعريف، مُلْكُ اسم وله: و حرف عطف، لَهُ: لَ حرف جر، هُۥ ضمير، الْحَمْدُ: الْ اداة تعريف، حَمْدُ اسم. لَهُ المُلْكُ: التصرف المطلق في كل شيء. ينزِّه الله عما لا يليق به كل ما في السموات وما في الأرض، له سبحانه التصرف المطلق في كل شيء، وله الثناء الحسن الجميل، وهو على كل شيء قدير.
جاء في معاني القرآن الكريم: ملك الملك: هو المتصرف بالأمر والنهي في الجمهور، وذلك يختص بسياسة الناطقين، ولهذا يقال: ملك الناس، ولا يقال: ملك الأشياء، وقوله: "ملك يوم الدين" (الفاتحة 3) فتقديره: الملك في يوم الدين، وذلك لقوله: "لمن الملك اليوم لله الواحد القهار" (غافر 16). والملك ضربان: ملك هو التملك والتولي، وملك هو القوة على ذلك، تولى أن لم يتول. فمن الأول قوله: "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها" (النمل 34)، ومن الثاني قوله: "إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا" (المائدة 20) فجعل النبوة مخصوصة والملك عاما، فإن معنى الملك ههنا هو القوة التي بها يترشح للسياسة، لا أنه جعلهم كلهم متولين للأمر، فذلك مناف للحكمة كما قيل: لا خير في كثرة الرؤساء. قال بعضهم: الملك اسم لكل من يملك السياسة؛ إما في نفسه وذلك بالتمكين من زمام قواه وصرفها عن هواها؛ وإما في غيره سواء تولى ذلك أو لم يتول على ما تقدم، وقوله: "فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما" (النساء 54).
وعن كلمة حمد: الحمد لله تعالى: الثناء عليه بالفضيلة، وهو أخص من المدح وأعم من الشكر، فإن المدح يقال فيما يكون من الإنسان باختياره، ومما يقال منه وفيه بالتسخير، فقد يمدح الإنسان بطول قامته وصباحة وجهه، كما يمدح ببذل ماله وسخائه وعلمه، والحمد يكون في الثاني دون الأول، والشكر لا يقال إلا في مقابلة نعمة، فكل شكر حمد، وليس كل حمد شكرا، وكل حمد مدح وليس كل مدح حمدا، ويقال: فلان محمود: إذا حمد، ومحمد: إذا كثرت خصاله المحمودة، ومحمد: إذا وجد محمودا (انظر: البصائر 2/499)، وقوله عز وجل: "إنه حميد مجيد" (هود 73)، يصح أن يكون في معنى المحمود، وأن يكون في معنى الحامد، وحماداك أن تفعل كذا (انظر: المجمل 1/250)، أي: غايتك المحمودة، وقوله عز وجل: "ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد" (الصف 6)، فأحمد إشارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم باسمه وفعله، تنبيها أنه كما وجد اسمه أحمد يوجد وهو محمود في أخلاقه وأحواله، وخص لفظة أحمد فيما بشر به عيسى صلى الله عليه وسلم تنبيها أنه أحمد منه ومن الذين قبله، وقوله تعالى: "محمد رسول الله" (الفتح 29)، فمحمد ههنا وإن كان من وجه اسما له علما ففيه إشارة إلى وصفه بذلك وتخصيصه بمعناه كما مضى ذلك في قوله تعالى: "إنا نبشرك بغلام اسمه يحي" (مريم 7)، أنه على معنى الحياة كما بين في بابه (هذا لم يأت بعد، وسيأتي في باب (حيي) ) إن شاء الله.
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله عز وجل "يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ﴿التغابن 1﴾ تسبيح المكلفين بالقول وتسبيح الجمادات بالدلالة "له الملك" منفردا دون غيره والألف واللام لاستغراق الجنس والمعنى أنه المالك لجميع ذلك والمتصرف فيه كيف يشاء "وله الحمد" على جميع ذلك لأن خلق ذلك أجمع الغرض فيه الإحسان إلى خلقه والنفع لهم به فاستحق بذلك الحمد والشكر "وهو على كل شيء قدير" يوجد المعدوم ويفني الموجود ويغير الأحوال كما يشاء.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله عز وجل "يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ﴿التغابن 1﴾ تقدم الكلام في معنى التسبيح والملك والحمد والقدرة، وأن المراد بما في السماوات والأرض يشمل نفس السماوات والأرض ومن فيها وما فيها. وقوله: "له الملك" مطلق يفيد إطلاق الملك وعدم محدوديته بحد ولا تقيده بقيد أوشرط فلا حكم نافذا إلا حكمه، ولا حكم له إلا نافذا على ما أراد. وكذا قوله: "وله الحمد" مطلق يفيد رجوع كل حمد من كل حامد والحمد هوالثناء على الجميل الاختياري إليه تعالى لأن الخلق والأمر إليه فلا ذات ولا صفة ولا فعل جميلا محمودا إلا منه وإليه. وكذا قوله: "وهو على كل شيء قدير" بما يدل عليه من عموم متعلق القدرة غير محدودة ولا مقيدة بقيد أو شرط. وإذ كانت الآيات كما تقدمت الإشارة إليه مسوقة لإثبات المعاد كانت الآية كالمقدمة الأولى لإثباته، وتفيد أن الله منزه عن كل نقص وشين في ذاته وصفاته وأفعاله يملك الحكم على كل شيء والتصرف فيه كيفما شاء وأراد، ولا يتصرف إلا جميلا وقدرته تسع كل شيء فله أن يتصرف في خلقه بالإعادة كما تصرف فيهم بالإيذاء الإحداث والإبقاء فله أن يبعثهم إن تعلقت به إرادته ولا تتعلق إلا بحكمه.
وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله عز وجل "يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ﴿التغابن 1﴾ وتقدم مثله في أول سورة الجمعة "لَهُ الْمُلْكُ" يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء "ولَهُ الْحَمْدُ" على عظيم إحسانه ونيّر برهانه"وهُو عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" من غير آلة وروية بل بكلمة "كن" .
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله عز وجل "يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ﴿التغابن 1﴾ تبدأ هذه السورة بتسبيح الله، الله المالك المهيمن على العالمين القادر على كل شيء "يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض" ويضيف "له الملك" والحاكمية على عالم الوجود كافة، ولهذا السبب: "وله الحمد وهو على كل شيء قدير". ولا حاجة للحديث عن تسبيح المخلوقات جميعا لله الواحد الأحد بعد أن تطرقنا إلى ذلك في مواضع عديدة، وهذا التسبيح ملازم لقدرته على كل شيء وتملكه لكل الأشياء، ذلك لأن كل أسرار جماله وجلاله مطوية في هذين الأمرين.