• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كتاب الحج للشيخ السبحاني والقرآن الكريم (ح 4) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

كتاب الحج للشيخ السبحاني والقرآن الكريم (ح 4)

جاء في کتاب الحج في الشريعة الإسلامية الغراء للشيخ جعفر السبحاني:عن البذل والباذل قائلا: لو كان عليه حجّة النذر و لم يتمكن فبذل باذل، وجب عليه. أمّا الأوّل: إذا بذل للآفاقي القران أو الافراد، فلا يجب عليه، لأنّ البذل لا يغيّر الوظيفة ممن بعد بيته عن مكة المكرمة قرابة ثمانية و أربعين ميلا فوظيفته التمتّع لا القران و لا الافراد، فانّهما من وظائف من كان مجاورا لمكّة أو بينها و بينه ثمانية و أربعين ميلا، و القارن و المفرد يقدّمان الحجّ و يؤخران العمرة، عكس المتمتّع، غير انّ القارن يسوق الهدي دون المفرد. و أمّا لو بذل للآفاقي العمرة المفردة، فذهب المصنّف و أكثر المعلّقين إلى عدم وجوب قبوله، و لكنّه محل تأمّل، إذ يحتمل وجوب العمرة المفردة للمستطيع لها و إن لم يستطع للحجّ، و لا تبعد دلالة قوله سبحانه: "وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ " (البقرة 196) و التفصيل موكول إلى محلّه. و أمّا الثاني: فإذا بذل للمكّي الذي وظيفته حجّ القران و الافراد حجّ التمتّع فلا يجب لما عرفت من أنّ البذل لا يغيّر الوظيفة. و أمّا الثالث: أعني من حجّ حجّة الإسلام، لا يجب عليه الحجّ بالبذل، لوجوبها طول العمر مرّة واحدة كما سبق. و أمّا الرابع: فإذا بذل لمن استقرّ عليه حجّة الإسلام و لم يحجّ حتّى صار معسرا، وجب عليه قبول البذل لإتيان الواجب، لا لشمول أخبار البذل، بل لصدق الاستطاعة، و لا يشترط في هذا المورد، الاستطاعة الشرعية، بل تكفي الاستطاعة العقلية، و ذلك لأنّه استطاع شرعا، و سوّف و لم يذهب، فزالت الاستطاعة الشرعية و انتقل التكليف إلى وجوب الحجّ و لو بالاستطاعة العقلية، و نظيره الفرع التالي.

وعن الاجارة يقول الشيخ جعفر السبحاني في كتابه: حاصل كلام المسالك: انّ إنشاء السفر إلى مكة و منها إلى المشاعر و المواقف، جزء من أعمال الحجّ فهو واجب نفسي، لا يصحّ أخذ الأجرة عليه. و حاصل كلام سبطه: انّ الواجب عبارة عن نفس الأعمال، و ما سواها واجب غيريّ، و لا مانع من أخذها عليه، و قد تبعه في (الجواهر) و قال: و يدفع بأنّ الحجّ الذي هو عبارة عن مجموع الأعمال المخصوصة لم تتعلّق به الإجارة، و إنّما تعلّقت بالسفر خاصّة، و هو غير داخل في أفعال الحجّ. إلى آخر ما نقلناه في المدارك. ثمّ إنّ السيّد الحكيم قد نصر صاحب المسالك، قائلا: بأنّ ظاهر الآية الشريفة وجوب السفر، فإنّ حجّ البيت في الآية الشريفة- يراد منه الذهاب إليه و السعي نحوه، فيكون واجبا وجوبا نفسيا كسائر أفعاله. و لا يقصر منها في الظهور قوله سبحانه: "وَ أَذِّنْ فِي النّٰاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجٰالًا وَ عَلىٰ كُلِّ ضٰامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ" (الحج 27). يلاحظ عليه أوّلا: بما انّ قطع الطريق في غالب الواجبات لا يعد جزءا من الواجب، بل مقدّمة له، فتكون قرينة على أنّ قطع السفر في الحجّ أيضا كذلك. و يؤيّد ذلك قوله سبحانه: "أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً" (المائدة 6) فانّ التيمم بمعنى القصد، يقال أمّه: قصده، فقصد التراب بمعنى السعي إليه، لكي يمسح بالوجوه و الأيدي، و لم يقل أحد بوجوب السعي نفسيا. و ثانيا: نفترض أنّه واجب نفسيّ، لكنّه واجب توصّلي لا تعبّدي، فلا يزاحمه أخذ الأجرة، و لم يدل دليل على حرمة أخذ الأجرة على الواجب النفسي إذا كان توصّليّا. اللّهمّ إلّا إذا دلّ الدليل على أنّ المطلوب للشارع هو صدوره من المكلّف، مجّانا و بلا عوض، كدفن الميّت.

وعن الرجوع يقول الشيخ السبحاني: قال العلّامة في (المنتهى): إذا كان له بضاعة يكفيه ربحها أو ضيعة يكفيه غلّتها، فهل يجب بيعها للحجّ و صرف البضاعة إليه، الذي نختاره نحن لزوم الحجّ إذا كان فيه قدر الكفاية لذهابه و عوده و نفقة عياله، و به قال أبو حنيفة. و اختاره في (المختلف) و قال: و السيد المرتضى نقل أنّ كثيرا من أصحابنا ذهبوا إليه، و الأقرب عندي ما اختاره السيد المرتضى. و استدلّ بعموم قوله تعالى: "مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا" (ال عمران 97) و هذا مستطيع. و في (المسالك): و الأصحّ عدم اعتبارها، و هو المشهور بين المتأخرين، لتحقّق الاستطاعة التي هي الشرط في الآية و الأخبار. و الرواية لا دلالة فيها على مطلوبهم، بل ظاهرها اعتبار المئونة ذاهبا و عائدا و مئونة عياله كذلك. خبر أبي الربيع الشامي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الرّبيع الشّاميّ، قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: "وَ لِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا" (ال عمران 97) فقال: (ما يقول النّاس؟) قال: فقلت له: الزّاد و الرّاحلة، قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: (قد سئل أبو جعفر عليه السلام عن هذا فقال: هلك الناس إذا، لئن كان من كان له زاد و راحلة قدر ما يقوت عياله و يستغني به عن الناس ينطلق إليه فيسلبهم إيّاه لقد هلكوا إذا). أمّا فقه الحديث فقد فسّره بقوله: (ينطلق إليه) أي إلى الحجّ (فيسلبهم إيّاه) يعني يسلب عياله ما يقوتون به (لقد هلكوا) يعني عياله.

وعن أخذ مال الولد يقول الشيخ جعفر السبحاني في كتابه: صحيحة سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: (و ليس للولد، أن يأخذ من مال والده إلّا بإذنه). إنّما الكلام في جواز أو وجوب أخذ الوالد من مال ابنه، فقد ذهب الشيخ تبعا للمفيد إلى وجوب الأخذ استنادا إلى الصحيحة، و لكنّها لا تدلّ على مختار الشيخ من وجهين: 1. انّ السؤال عن جواز الأخذ و الجواب بجوازه، لا الوجوب كما عليه الشيخ. 2. انّ مورد السؤال، هو مال الصغير الذي اتّفق الأصحاب على جواز التصرّف فيه و الأكل منه بالمعروف، قال سبحانه: "وَ مَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ" (النساء 6) إمّا مطلقا أو في مقابل ما يقوم به من الأعمال في مال اليتيم. نعم ذيل الحديث يدلّ على أنّه يتصرف في مال الولد لا من باب الولاية، بل من باب حكم الشارع بذلك، فيجب عليه الحجّ، لأنّه ذو مال و الإفتاء بذلك‌ مبني على دراسة المسألة بوجه أوسع من الحجّ حيث اختلفت الروايات في جواز أخذ الوالد من مال ابنه بغير إذنه أو وطء جاريته كذلك إذا لم يدخل بها و صحيحة سعيد بن يسار جزء من هذه الروايات، و اللازم هو طرح المسألة على صعيد أوسع كما فعل المحدث البحراني في حدائقه. ما رواه الصدوق عن محمد بن سنان انّ الرضا عليه السلام كتب إليه فيما كتب‌ من جواب مسائله: (و علّة تحليل مال الولد لوالده بغير إذنه و ليس ذلك للولد، لأنّ الولد موهوب للوالد في قوله عزّ و جلّ: "يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ إِنٰاثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ الذُّكُورَ" (الشورى 49) مع أنّه المأخوذ بمئونته صغيرا و كبيرا، و المنسوب إليه و المدعو له لقوله عزّ و جلّ: "ادْعُوهُمْ لِآبٰائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّٰهِ" (الاحزاب 5) و لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنت و مالك لأبيك) و ليس للوالدة مثل ذلك، لا تأخذ من ماله شيئا إلّا بإذنه أو بإذن الأب، و لأنّ الوالد مأخوذ بنفقة الولد، و لا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها). ما رواه حسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام: (انّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم قال لرجل: أنت و مالك لأبيك، ثمّ قال: ما أحبّ أن يأخذ من مال ابنه إلّا ما احتاج إليه ممّا لا بدّ منه، انّ "اللّٰهُ لٰا يُحِبُّ الْفَسٰادَ" (البقرة 205)).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=194068
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 06 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12