جاء عن مؤسسة تراث الشهيد الحكيم جهود شهيد المحراب في تفسير سورة الحديد للدكتور شاكر سبع نتيش الاسدي: قسّم البحث إلى اربعة اقسام بناء على تقسيم السورة إلى اربعة مقاطع كل مقطع منها يتحدث عن موضوع معين. وقد ضم القسم الاول ست آيات ابتداء من الاية الاولى وانتهاء بالسادسة، وهذا المقطع من السورة (يتناول موضوع التسبيح والتمجيد لله سبحانه وتعالى. وبيان صفاته وقدرته وعلمه وصنعته واحاطته بكل مافي هذا الكون من امور بشكل عام)، كما يرى شهيد المحراب. وضم القسم الثاني الايات من الاية السابعة حتى الاية الخامسة عشر، وهذا المقطع من السورة (يتناول أهمية الأيمان والانفاق والترابط الموجود بينهما واثرهما على الانسان في الحياة الدنيا والاخرة) كما يرى شهيد المحراب، وضم القسم الثالث الايات من الاية السادسة عشر إلى الاية الرابعة والعشرين، وهذا المقطع من وجهة نظر شهيد المحراب (يقيم قضية الراحة والدعة وقضية الاموال والاولاد والزينة في الحياة الدنيا والموازنة بينهما وبين الحياة الاخرة، وبعد ذلك يذكر اسباب وعوامل الخدر الحضاري المتمثلة بالرفاه، فيحث على الزهد في مفهومه القرأني). أما القسم الرابع فيضم الآيات من الاية الخامسة والعشرين حتى الاية التاسعة والعشرين، وهذا المقطع من السورة يتناول المهمات الاساسية للرسل والرسالات الالهية والكتب السماوية. تقسيم البحث إلى ثلاث جهات: الاولى تفسير بعض المفردات الواردة فيه، مما يسهل تفسير المقطع. الثانية تفسير الايات التي تؤلف المقطع وتوضيحها. الثالثة الحديث العام عن المقطع الشريف بمايتضمنه من موضوعات مهمة. ومن المهم أن أشير إلى أن الجهة الثالثة من البحث قد تغير عنوانها في القسم الثاني منه إلى (تناول المضمون الاجمالي العام للآيات)، واثناء البحث اطلق شهيد المحراب عليهما استفادات عامة، وضاعت هذه الجهة من البحث في القسم الثالث، في حين أن هذه الجهات الثلاث باجمعها لم يرد عليها ذكر في القسم الرابع، واكتفى شهيد المحراب بالتفسير على وفق الموضوعات. الانتقائية في المفردات المفسرة: ويكون في الألفاظ المشكلة التي تحتاج إلى إيضاح، منها (التسبيح) في قوله تعالى: "سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (الحديد 1)، ولا يقصد شهيد المحراب من بحث المفردات بيان معاني المفردة، وإنما يقصد بيان تفسيرها وذكر أقوال المفسرين فيها، فمثلاً عندما يذكر التسبيح يذكر انه لغة التنزيه، ثم يدرس كيفيه تنزيه المخلوقات لله وحقيقة التسبيح بوصفه ظاهرة تشمل جميع المخلوقات، وعلاقته بالاسم الموصول (ما) الوارد في الآية، عارضاً أقوال المفسرين، وهكذا الحال مع بقية المفردات منها (الأول، والاخر، والظاهر، والباطن) في قوله تعالى: "هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" (الحديد 3) وعلى هذا الأساس فأن البحث في المفردات عنده مكمل لتفسير الآية وليس بحثاً في المعاني المعجمية للمفردات. ومما يجدر الإشارة إليه أن بعض المفسرين كانوا يذكرون معاني مفردات النص القرآني بعنوان (اللغة)، لكنهم يكتفون ببيان معاني مفردات النص القرآني ولا يحولونه إلى مبحث تفسيري يتعلق بهذه المفردات وهو ما فعله شهيد المحراب.
جاء في موقع مؤسسة تراث الشهيد الحكيم عن تفسير القرآن في أدبيات الشهيد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره للدكتور فيصل مفتن اللامي: لقد قسم السيد الحكيم التفسير إلى قسمين باعتبار الشئ المفسر: 1 ـ تفسير اللفظ. 2 ـ تفسير المعنى. وتفسير اللفظ عبارة عن بيان معناه لغة، واما تفسير المعنى فهو تحديد مصداقه الخارجي الذي ينطبق عليه ذلك المعنى. وامثلة ذلك في القرآن الكريم كثيرة، فنحن نلاحظ في القرآن الكريم أن الله سبحانه يوصف بالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام، ونواجه بالنسبة إلى هذه الكلمات بحثين: احدهما: البحث عن مفاهيم هذه الكلمات من الناحية اللغوية، والاخر: البحث عن تعيين مصداق تلك المفاهيم بالنسبة إلى الله تعالى فكيف يسمع سبحانه؟ وهل يسمع بجارحه اولاً؟ وكيف يعلم؟ وهل يعلم بصورة زائدة على ذلك؟ التفسير المعنوي او تفسير المعنى: ومن امثلة ذلك قوله تعالى: (وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) (الحديد 27).
جاء عن مؤسسة تراث الشهيد الحكيم جهود شهيد المحراب في تفسير سورة الحديد للدكتور شاكر سبع نتيش الاسدي: السمات الأسلوبية عند شهيد المحراب: 1 ـ اللغة: امتازت لغة شهيد المحراب في تفسير لسورة الحديد بما يلي: أ ـ استعمال الالفاظ الشائعة في ادبيات العصر الحالي: ومنها: التغيير الثوري، قال: (أن الهدف القرأني هو هدف تغييري ثوري) ص 106، ومنها الضغوط السياسية والعسكرية والنفسية والحرب الباردة في قوله عن أهمية الانفاق قبل الفتح (واما قبل الفتح فعلى العكس حيث كانت تمارس ضد المسلمين ضغوطاً سياسية كالحرب الباردة، وضغوطاً عسكرية كشن الحروب تلو الحروب عليهم، وضغوطاً نفسية كالإشاعات والاكاذيب) ص110، ومنها الخدر الحضاري ص 16 قال عن المقطع الثالث من السورة على وفق تقسيمه لها (بعد ذلك يذكر اسباب وعوامل الخدر الحضاري المتمثلة بالرفاه، فيحث على الزهد بمفهومه القرأني) ص 19، ومنها (خصوصاً) قال عن المشبّهة الذين يشبهون الله «ونحن نرفض هذا الرأي، وذلك لما أكد عليه القرأن من تنزيه له سبحانه وتعالى عن هذه الأمور وخصوصاً في هذه السورة الشريفة) ص 37 ومنها (التغيير الجذري) قال (ونزل القرأن المجيد في مرحلة من هذا القبيل أي: حتى يوجد تغييراً جذرياً في هذا المجتمع) ص 107. ب ـ سهولة الالفاظ وقربها من لغة العصر والمتلقي، وهذه ملاحظة ظاهرة للعيان في تفسيره، ولنأخذ مثالاً على هذا قوله عن الذل الذي يعيشه المنافقون يوم القيامة (أن المنافقين طلبوا من المؤمنين اقتباس النور منهم، وبالتالي حاولوا معالجة حالة الظلمة التي يعيشونها بهذه الطريقة الاستجدائية الذليلة المعبرة عن حالة الذل والحاجة التي يشعر بها الانسان المنافق يوم القيامة، حيث يقف بين يدي المؤمن ذليلاً، بل ويركض وراءه مستجدياً منه ما ينقذه من هذه الظلمة). 2 ـ التكرار: أن المنهج الذي اختطه شهيد المحراب قاد إلى تكرار الحديث عن كثير من القضايا منها على سبيل المثال لا الحصر التسبيح، وقضية ملك الله لكل شئ ص 88، ففي صفحة 23 تحدث عن التسبيح وعاد في صفحة 44 فتحدث عنه ايضاً، وفي ص 27 تحدث عن الأول والاخر ثم أعاد الحديث عنهما ص 45، وفي ص 64 تحدث عن الفتنة في قوله تعالى: "قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُم" (الحديد 14) ثم اعاد الحديث عنه في ص 114. اتبع شهيد المحراب منهجاً خاصاً يكاد يكون فريداً من نوعه قياساً بمنهج المفسرين, وهو اقرب إلى منهج الدراسات الاكاديمية، التي تعتمد على التقسيم والتبويب، مما لم يألفه المفسرون الاخرون، الذين يعتمدون على تفسير السورة مبتدئين بأول آية ومنتهين بأخر آية، ومنهجه يقوم على: ذكر مقدمة عن السورة سماها (لمحة سريعة حول السورة)، اشار فيها إلى كون سورة الحديد من المسبحات جنباً إلى جنب مع الحشر والصف والجمعة والتغابن، ثم عرج على تسميتها وفضلها، ومما يذكر هنا أن المفسرين عامة اشاروا إلى فضل هذه السورة وذكروا الروايات الواردة في فضلها، وكانوا غالباً ما يبدؤون الحديث عنها بذكر فضلها، وفي هذا الامر سار شهيد المحراب على نهجهم غير أنه فصل القول في سبب تسميتها مما لم يذكر الاخرون. وفي مقدمته عن السورة تحدث شهيد المحراب عن الهدف والغاية من السورة، وهو مبحث فريد من نوعه، تحدث فيه عن الأهداف الرئيسية للسورة، ورأى انها ثلاثة أهداف: الأول: الدعوة إلى الأيمان المتكامل بالله. الثاني: الدعوة إلى الإنفاق. الثالث: الدعوة إلى القسط والعدل بالمفهوم الاجتماعي لهما. وضمت هذه المقدمة دراسة في أسباب النزول، لم يكن المقصود منها ذكر الروايات الواردة في أسباب نزول الآيات من هذه السورة، وإنما دراسة هذه الروايات والوصول منها إلى سبب مستنتج نزلت من اجله السورة، وهو كما يسميه شهيد المحراب (الخدر الحضاري) يقول: (أن أي امة من الأمم عندما تتحرك من اجل بناء وجودها وترسيخ دعائمها، ويتحقق لها هدفها.وتنزل عليها النعم والخيرات الإلهية، تتعرض إلى مرض خطير لابد لها من مواجهته بمناعة عالية حتى لاتقع تحت تأثيره وهو الخدر الحضاري، فالأمة بسبب الترف والراحة والدعة، وتكاثر النعم قد تصاب بالركون إلى الراحة والدعة وتفقد قدرتها على الحركة الذاتية التي تعتبر الناحية المتطورة في الأمة. وقد واجهت الأمة الإسلامية هذا الخطر في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد اشارت إلى ذلك مجموعة من الروايات الواردة في سبب نزول السورة) ومن هذا يظهر أن السبب الذي يذكره شهيد المحراب نابع من روايات أسباب النزول لبعض الايات، كما يذكر سبب نزول قوله تعالى: "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ" (الحديد 16). من المهم أن اشير إلى أن شهيد المحراب يقر بوجود اسباب خاصة لنزول بعض الايات من هذه السورة، منها الاية مارة الذكر، ومنها قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (الحديد 28). وختم شهيد المحراب حديثه في المقدمة بذكر منهجه في تقسيم البحث إلى اربعة اقسام تبعاً لتقسيم ايات السورة بحسب المواضيع، اذ أن كل قسم من اقسام السورة يضم موضوعاً رئيسياً واحداً تندرج تحته عدة مواضيع فرعية تشكل الموضوع العام. ومن هذا نستنتج أن شهيد المحراب يميل إلى تفسير السورة تفسيراً موضوعاتيا، يقوم على النظرة على أن النص القرأني نص مترابط ذو موضوع واحد تتفرع منه عدة مواضيع تترابط مع بعضها، ولا تفهم كل اية منفصلة عما بعدها وانما تفهم على انها وحدة من نص متكامل له معنى، وعلى هذا فأن شهيد المحراب ينظر إلى النص على انه وحدة دلالية متكاملة تتكون من وحدات دلالية لها موضوعات ومعان مختلفة تلتقي في النهاية لتكون الوحدة الدلالية الاعم والاشمل وهي النص.