• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : على ضفاف الانتظار(107) .
                          • الكاتب : الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي .

على ضفاف الانتظار(107)

الظهور والفرج مصطلحان ذكرتهما الرواياتُ المهدوية كثيرًا، والفرقُ بينهما يُعرفُ من خلال معرفة معنييهما، والذي يُمكنُ أنْ يقُال هنا هو الآتي: أمّا الظهور، فهو لغةً من الظهر، أي خلاف البطن ، فهو يعني البروز بعد الخفاء. وفي القضية المهدوية يعني: الإعلان الرسمي لظهور الإمام المهدي في مكة المكرمة، في اليومِ العاشر من محرم الحرام، وهو ما ورد في بعض الروايات الشريفة، وبه تنتهي غيبته الكبرى، والذي لا يعلم وقته بالضبط إلا الله (تعالى)، والذي لا يكون إلا بإذنه (سبحانه)، وتوفّر بعض الشروط، ووقوع بعض العلامات، مما سطرته الروايات الشريفة. وأمّا الفرَج (بفتح الراء) فهو لغةً الكشف من الغمّ ، أي زوال الغم بعد أنْ كانَ موجودًا. وفي القضية المهدوية هو يحمل معنيين: الأول: ما هو المعروف من الفرج المهدوي الذي يحصل بعد الظهور، ويكون الظهور سببًا له، وهو ما يحصل من زوال الغمِّ والظلمِ والجورِ على يديه، حيث يملؤها قسطًا وعدلًا وسلامًا. الثاني: ما هو المذكور في الروايات الشريفة، من اعتبار (انتظار الفرج) هو من الفرج. وهذا يحتاجُ إلى بيان، فنقول: عدّتِ الروايات الشريفة (انتظار الفرج) بمعناه الصحيح، -الذي يحمل الاعتراف بالإمام المهدي وبغيبته، والعمل وفق القواعد الإسلامية العامة من أصول وفروع وآداب، والعمل على التمهيد للظهور المبارك كلٌ من موقعه، وأنْ يصير الفرد شعلةَ نورٍ وسط ظلام الجور والظلم-، هذا المعنى للانتظار، عدّته الروايات بنفسه فرجًا. فقد روي عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا قال: سألته عن شيء من الفرج، فقال: أوَليس تعلم أنَّ انتظار الفرج من الفرج؟ إنَّ الله يقول: ﴿ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ المُنْتَظِرِينَ ﴾ » وعن الحسن بن الجهم، قال: سألت أبا الحسن عن شيء من الفرج، فقال: «أوَلست تعلم أنَّ انتظار الفرج من الفرج؟»، قلت: لا أدري إلَّا أنْ تُعلِّمني، فقال: «نعم، انتظار الفرج من الفرج» . وهذا في الحقيقة راجعٌ إلى أنّ التزام الفرد بالمعنى الصحيح للانتظار، في مقام العمل والسلوك الخارجي، بالإضافة إلى الاعتقاد القلبي، يؤدّي به إلى أنْ يعيش حالةً من الاطمئنان النفسي، والاعتدال المزاجي، لا يختلف حاله معها، سواء أَطالتِ الغيبة أم قصرت. فما دام هو بعينِ إمامه، وما دام هو يمشي على الخط الصحيح إسلاميًا وإنسانيًا، وما دام هو يعرف إمام زمانه، فهو يعيش حالةً من الاطمئنان القلبي، الذي يجعله وكأنّه لا يعيش الظلم وإنْ كان واقعًا عليه؛ لأنّه يعلم أنّ الله (تعالى) سيُعوّضه خيرًا كثيرًا، وأنّه سيكون كمن كان يقاتل بين يدي رسول الله وإمامه المنتظر. والذي يؤكّد هذا المعنى هي الرواياتُ الكثيرة الواردة في فضل الانتظار والمنتظرين، ونذكر منها الآتي: رويَ عن رسول الله أنّه قال: «أفضل أعمال أُمَّتي انتظار الفرج من الله» . وعن أبي عبد الله أنّه قال: «من مات منكم على هذا الأمر منتظرًا له كان كمن كان في فسطاط القائم» . وعن أمير المؤمنين أنّه قال: «المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله» . وعن سيّد العابدين: «من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا أعطاه الله أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر وأُحُد» . وعن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله: ﴿ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ﴾ فقال: يا فضيل، اعرف إمامك، فإنك إذا عرفت إمامك لم يضرك تقدّم هذا الأمر أو تأخر، ومن عرف إمامه ثم مات قبل أنْ يقوم صاحب هذا الأمر كان بمنزلة من كان قاعدًا في عسكره، لا، بل بمنزلة من قعد تحت لوائه. وهذا المعنى للفرج يكونُ سابقاً على الظهور، وهو فعلٌ للإنسان نفسه، ويمكن لأيّ مؤمنٍ أنْ يُحقّقه في نفسه إذا التزم المعنى الصحيح للانتظار.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=194014
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 06 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13