• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الهياكل الثلاثة(الانسان والاخلاق والرياضيات) طروحات في الدين والدولة والتاريخ(1-500) .
                          • الكاتب : محسن الشمري .

الهياكل الثلاثة(الانسان والاخلاق والرياضيات) طروحات في الدين والدولة والتاريخ(1-500)

 تتداخل عدة عوامل ومؤثرات في اي حدث،ان كان هذا الحدث خاص ينتهي أثره الى انه خاص او ان يتمدد او ان ينتقل الى ان يصبح حدث عام محدود الاثر على عرق معين او أثنية بعينها او منطقة ما او ان يكون الحدث محلي على مستوى منطقة او محافظة او الدولة او ان يكون حدثا اقليميا او عالميا، فان تحديد هذه العوامل والمؤثرات وتدوينها يكون خط الشروع لانتاج قراءة او صورة واضحة لذلك الحدث ونقلها الى الاجيال اللاحقة حتى يستفيدوا منها في تراكم الخبرات والاستمرارية في المكانة المستحقة لهم بين الافراد او الجماعات او الشعوب او الدول.

الانا والعقائد والاعراق والوعي والاخلاق والاعراف واللغة والجغرافيا والثروات والاقتصاد والبيئة والمناخ والعلوم اللسانية والتطبيقية جزء لا يتجزأ في صناعة الحدث الذي ينتقل عبر الزمن ضمن الصفحات التي يكتبها المؤرخون او تتناقلها الالسن ،فحضارات سومروأكد وبابل واشور والاغريق والرومان ومصر والهند والصين وما تبعها من حضارات فاما ان تكون قد وصلتنا عنها التفاصيل المطلوبة الكافية لكننا مازلنا عاجزين عن بناء الصورة المطابقة او المقاربة لحقيقتها او ان الذي وصلنا عنها يمثل نسبة ما من المعلومات والبيانات ،فنحتاج الى بناء اليات من المعارف والتقنيات المتوفرة للوصول الى مقاربات من الصورة الحقيقية لواقع الحضارات القديمة او ان هناك من يملك باقي اجزاء الصورة فيخفيها جهلا او عمدا،والجاهل باخفاء اجزاء مكملة بالصورة يحرمنا من الوصول الى الحقيقة والمتعمد على اخفاء الاجزاء المكملة للصورة يريد ان يحتكر ليبقى وحده المتحكم بالحاضرمنطلقا من دوافع الانانية الفردية او الانانية الجماعية سواء ان كانت انانية عرقية او دينية او طبقية ويوجه المستقبل وفق منهاجه ومصالحه.

الاثاريون والفلكيون والفيزيائيون يتنافسون في الجامعات ومراكز البحوث في العقود المتاخرة لاثبات رؤاهم عن ولادة الكون وبداية الحياة على الارض وتوجهت وكالة الابحاث الفضائية الامريكية(ناسا)الى سبر اغوار الكون للبحث في ولادة الكون والحياة في اجرام سماوية اخرى،لكن الكل متفق على ان الحياة مرتبطة بالماء والكتب المقدسة تروي بتفاوت قليل لا يعتد به،تروي القصة التي بدأت بادم وحواء وبحثهما عن الخلود.

كل ماوصلنا من موروثات موزع بين اربعة قنوات اصغرها قناة الحقيقة المجردة من الانا والجهل والقصور الذاتي،فلذلك يتوجب علينا فرز اثار الانانيين من الحكام الالهة والسلطويين ومن يدور في فلكهم وايقاف تيارات العقل الجمعي الناتج عن الجهل العادي والجهل المركب وتصحيح اخطاء سوء الادارة الذي خلفه القاصرين وهذا الامر يتطلب ادخال كل ادوات البحث العلمي في تحليل البيانات وادارتها ومعالجتها ووضع الحلول لها ويجب قبل كل هذا البقاء في منطقة الوسط(الوسطية والاعتدال) فلا نستصحب رأي او موقف ولا نسقطه عند الدراسة التحليل والمعالجة لتكون نتائجنا فيها مقاربة عالية من الحقيقة.

الغنى عن الخلق يبقى الطريق السليم في البقاء في منطقة الوسط واما الثروة فانها محصلة الغنى والعصبية قوة جاذبة ضخمة لاي انسان الى اليمين او الى اليسار والغنى يثبت الانسان في الوسط ويجذره فالهدى والصلاح والاصلاح كلها ترتبط كليا بالغنى والغني يكون مهتديا صالحا ثابتا مصلحا فينال الخلود الايجابي في حين يحصل اصحاب الثروات الناتجة عن الفساد والافساد على الخلود السلبي،فترى الاغنياء قدوات صالحة لشركائهم في الوطن وفي الثروات والعكس تماما حال الاثرياء ولذلك تحتاج مشاريع صناعة الدولة الى الاغنياء(رجال الدول او الاباء المؤسسين) ذوي النفوس الكبيرة وبنفس الوقت يكون واجبهم وضع التشريعات والقوانيين والرقابة والمتابعة لدمج شياطين الانس من الاثرياء في مشروع صناعة الدولة ومنعهم من الطغيان في الاستحواذ على السلطة لبناء امجادهم الشخصية والفئوية.

الانانيون والجهلة والقاصرون ومن يدور في فلكهم يردون ان تبقى قنوات المعرفة محشوة بما ينفعهم وغير مغربلة وهذا الامر يحميهم ويمنع عنهم المحاسبة فيعمدون الى اما رفع انفسهم الى مراتب القداسة والاحتجاب او ارباك تفكير شركائهم في الوطن وفي الثروات واذا اجتمع الانانيون والجهلة والقاصرون في نفس المكان والزمان فانهم يتخادمون بشكل لا يفكر به حتى ابليس وشياطين الجن وان اجتمعوا.

الانانيون والجهلة والقاصرين؛لايرفضون ولا يمنعون صلاح اي انسان ولا يقطعون الطريق على من يسلك طريق التصوف والرهبنة،لكنهم يعلنون الحروب الشرسة المعنوية والمادية المباشرة وغير المباشرة والخشنة والناعمة على الصالحين عندما يعلنون مشاريع الاصلاح اويعمل هؤلاء على وأد مشاريع الاصلاح حتى قبل اعلانها والاجهار بها وفي حالات كثيرة تكررت في تاريخ الامم والشعوب القريبة والبعيدة فانهم يقتلون الصالح المشهور عند شروعه بشمولهم باصلاحاته ويكونوا اول الباكين عليه وفي صدارة المشيعين ويجعلونه رمزا لهم حتى ينسبون انفسهم اليه ويتخذونه مادة دسمة في تشكيل العقل الجمعي لاشاعة واستمرار سوء ادارتهم وفسادهم وافسادهم.

من اساليب القوة الناعمة يكون بتغيير طعم الحقيقة الى اسوء ما يكون وهذا يشابه ما تفعله الكثير من الامهات عندما تستبدل طعم حليبها بطعم مر لاذع لايقاف ابنائهن من طلب الرضاعة،فلا يوجد اغنى من الحقيقة في حياة الانسان كما الحليب في حياة الرضيع والحقيقة راحة للنفس واطئنان واستقراروهدوء وسكينة وبوابتها البصيرة وواجب كل انسان ان ينتقل الى مرحلة التبصر والتفكر والتامل في اموره الخاصة ويتعرف على مكانته في الشان العام ودوره بين شركاءه في الوطن والثروات حتى يحصل على الخلود الذي بحث عنه ابينا النبي ادم وزجته حواء(ص).

الانانيون من السلطويين؛البسوا السياسة ثوب عكس ثوبها تماما ويلبسون المسؤولين اسوء الاثواب واقذرها،فاصبحت السياسة في ادنى المراتب واوطئها والمسؤولين شياطين انسيين ومن يرفض هذه الالبسة فانه يعيش كسمكة السلمون في منحدرات الجبال والشلالات في حين ان السياسة حسن ادارة الأن العام والخاص وبناء الجسور بينهما والسياسي ليس صفة لكل من اصبح عضو في مجلس النواب او اصبح رئيس او وزير او وكيل او من بدرجتهم او اقل منها وانما السياسي من ياخذ بالسفينة من بين الامواج العاتية الى بر الامان او الذي يعود بالخيل الى حالتها الطبيعية عند اضطرابها،فاذا كان القبطان او السائس مقصر او قاصر لجهل او نقص كفاءة وخبرة فانه يكون خارج مجال السياسة والاصرار على استمراره زيادة في الفساد والافساد.

تبقى الرياضيات والهندسة والتقنيات اهم ما يتوفر بين ايدينا في تصنيف البيانات والمعلومات وتحليلها واجراء المقاربات المطلوبة لاخراج قراءات تاريخية تعدل او تفند او تجلي ما متوفر من صور عن الحضارات الماضية بشرط ان يوضع غربال ضد الانانية الفردية الجماعية على منافذ دخول البيانات الى ساحات معالجة البيانات رياضيا وهندسيا وتقنيا حتى تكون النتائج فيها اضافة الى التراث العالمي ومساهمة جادة في زيادة نسبة القاسم المشترك الحضاري العالمي.

الخصوصية والعمومية والاصالة والحداثة والانصاف والمساواة والعدالة والوسطية والاعتدال وحدود الدول تحدد نسبة القاسم المشترك داخل الحدود وخارجها وتجله قاسم مشترك اصغر ويصغر مع مرور الزمن او قاسم مشترك اكبر ويزداد مع مرور الزمن.

ان التحديات الداخلية ان كانت داخل كيان الفرد المكون من الفكر والارادة والفعل او اوالتحديات الداخلية لمجموعة او شعب متقاربون في الفكر وارادتهم موحدة ويتحركون لاداء فعل واحد او التحديات الخارجية للفرد او للمجموعة او للشعب تكون مصنفة الى تنافس او تعدي وعدوان يتحول الى صراع وقتي او تطول فترته فيكون منفذ لاستنزاف الطرفين او الاطراف المتعددة بعد انتظامهم في صفين متصارعين.

ان ميادين التنافس عادة تكون اكثر واكثر بين الاطراف المتنافسة واطراف الصراع سرعان ما تتحول الى جبهتين لا ثالث لهما،نفس كل المؤثرات( العقائد والاعراق والاخلاق والوعي والاعراف واللغة والجغرافيا والثروات والاقتصاد والبيئة والمناخ والعلوم اللسانية والتطبيقية)تشترك في صناعة اي حدث ان كان تنافس او صراع لكن طريقة الاستخدام تختلف وكذلك نسبة اي مؤثر واولويته وهنا يبرز دور الرياضيات والهندسة والتقنيات في التحليل والمعالجة لانتاج الحلول المقاربة للحقيقة.

لم يتوقف مسلسل الشعوب المختارة والفرق الناجية الى يومنا هذا وتتكرر حلقاته كل حين فتارة يظهر على شكل عرق وتارة على شكل فكر وتارة على شكل معتقد ومرة على شكل مؤسسة ومرة على شكل حزب ومرة على شكل طبقة وهكذا،ورغم اختلاف منطلقات الشعوب المختارة والفرق الناجية لكن هناك قاسم مشترك كبير بينها في افعالها ومخرجاتها وتاثيرها وتعاملها مع الاخرين والنهاية واحدة الصراع والافساد لغياب الانصاف وتعطيل المساواة والعدالة.

ان اتساع عدد اعضاء نادي المقدسين ومنح التقديس لغايات انانية فردية او جماعية او مجتمعتين سوية من اجل اغداق الثروات العامة والخاصة لمن ينتمون الى نادي المقدسين ومن يدور في فلكهم وحجبها ومنعها عن باقي الشركاء في الثروات؛كل هذا يتطلب انزال الوعي الى ادنى مستوى وجعل المتحكمين بالقرار والثروات مسيطرين على مستوى الوعي ويمتلكون الادوات الكافية لانزال الوعي الى الحدود الدنيا الامنة بالنسبة لهم.

ان التفريق ما بين الدولة والسلطة من ضرورات زيادة الوعي والعكس صحيح وهذا ما يجعل السلطويون في جهد مستمر لابقاء الوعي العام بان الدولة والسلطة كوجهين لعملة واحدة زوهذا بحد ذاته خلل كبير يؤدي الى خفض الوعي واستمرار انخفاضه،لان الانصاف باب العدل الاوسع وغياب الانصاف يلغي وجود العدالة وهذا الامر ينطبق على ان الاخلاق مدخل الى الاعتقاد والدين وغياب الاخلاق فيه فساد للفرد وافساد باسم الدين.

اما ضرورات زيادة الوعي الاخرى فتتوزع بين المسؤولية الفردية وما بين المسؤولية الجماعية،لان الفرصة المتوفرة بين ايدينا من ثروة معلوماتية ضخمة بحدها الادنى لم تتوفر لاي جيل من الاجيال السابقة ولا اي حضارة اخرى سبقتنا فالاجهزة النقالة الذكية والحسابات المكتبية والمحمولة والشبكة العنكبوتية العالمية والكلف القليلة للحصول على المعلومة(شبه الصفرية) والوصول اليها يجعلنا جميعا امام مسؤولية مباشرة تجاه الحصول على المعرفة ومسؤولية مباشرة اكبر في المسؤولية لما بعد المعرفة.

ان تقاعس الانسان او استخدامه السلبي للادوات يحرمه من اداء واجبه تجاه نفسه واسرته وارحامه وجيرانه واصحابه واهل منطقته واهل مدينته وشركاءه في الوطن والثروة وكذلك الاجيال اللاحقة وبنفس الوقت يحرمه من رضى السابقين الذي يعولون على ابناءهم واحفادهم في انصافهم وابعاد ما الحق بسيرتهم من الانانيات الفردية والجماعية ويجعله في حالة مزرية من الحرمان المركب من الغنى والثروة.

ان الدين قوام الدولة الصالحة وصلاح ابناءه ويبرون الدولة ضمن محددات موجودة في الشرائع السماوية التي وعائها الرحمة والعدل والاخلاق عمودها الفقري كما العمود الفقري للانسان الذي يمنح القوام السليم لجسم الانسان وقد اضفت عمود فقريا ثالث مكون من الرياضيات والهندسة والتقنيات لانتاج قوام مقبول لكل المؤثرات في اي حدث.

ان الاعمدة الفقرية الثلاثة؛الاخلاق والانسان والرياضيات؛ تعمل سوية بشكل متوازي كفريق واحد لبناء علاقة متينة مرنة تطوروتحدث نفسها بنفسها تمزج مابين الاصالة والحداثة وتنظم العلاقة البنيوية ما بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة داخل حدود الوطن وتحت سقف الدستوروتجعل من مؤسسات الدولة بوابات لتطبيق العدالة وتوسيع الرفاهية بعد توجيه الطاقات الكامنة لكل الشركاء في الوطن نحو الاصلاح والبناء والتراكم والاستمرارية.

تجارب البشرية في صناعة الدولة كانت مريرة وصعبة ونظريات صناعة الدولة تعرضت الى الحجب المتعمد من قبل السلطويين وهذا الحجب جعل من الجهل شريكه الاساسي فكان الحاكم اله تارة ونصف اله تارة اخرى وغيرها وفي الفترات المنتشرة في كل تاريخ الامم والشعوب كانت شمس صناعة الدولة حاضرة رغم كسوفها ويتصدى لها الباحثين عن الخلود الايجابي وتحركت تجارب الشعوب شرقا وغربا وشمالا وجنوبا حتى تم صناعة عدة نماذج من الدول الحديثة منذ عدة قرون تتنافس فيما بينها في مسارات متوازية وتشترك فيما بينها بمشتركات فتنتج تجارب مركبة كالالوان المركبة في الطيف الشمسي.

تحولت نظريات صناعة الدولة على ذات الهياكل الثلاثة من النصوص الى الحلول الواسعة الطيف قبل قرنين مع تطور الرياضات والهندسة والتقنيات وفي طروحاتنا هذه نبدء من حيث انتهى الاخرين في صناعة الدولة لنصل الى الاماكن التي لم تصلها النظريات السابقة في الابعاد الافقية والاعماق الجديدة بسبب الخصوصيات وعدم تغطية البيانات والمعلومات وعدم توفر الادوات المعرفية والتقنيات.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=193997
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 06 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13