
نشرت جريدة الدستور في عددها ليوم امس (8-6-2024)مقالا للكاتب العراقي (د . حسين عبد القادر المؤيد) تحت عنوان (الإنسان الصالح برؤية تنويرية) وفي معرض الرد على صاحب المقال نقول :-
في أحيان كثيرة تُظهر بعض المخلوقات حرصها الشديد على الدين والثقافة الدينية للمجتمعات، وتتحدث بحرقة قلب عن ممارسات وطقوس تضر بالدين وتضر بالمتدين.. وتحاول هذه الكائنات الحريصة أن تجعل من الدين مصداقا لرؤيتها هي؛ فتكتب وتتحدث عن ذلك معتدة بتصوراتها..
كنموذج لهذا التطفل.. تناول أحدهم في مقال طويل عريض الثقافة الدينية الخاطئة وكيف تكرس مفهوما أعرجا عن الانسان الصالح الذي يختزله بالايمان الديني وأداء الطقوس، ويحاول جاهدا إيصال فكرته العبقرية التي تتمثل في أن الانسان الذي يحول الدين الى مجرد طقوس دون مراعاة لجوانب الاخلاق وعموم المعاملات هو أنسان يضر بالدين..
لم يأت الكاتب بشيء جديد سوى تكرار مقولة أسلافه.. ولكي لا نغمطه حقه في التعبير عن حرصه نقول له أن منطق العقلاء يقتضي المام المتدين بجميع الجوانب الدينية من عبادات ومعاملات واخلاق مع أداءه لطقوسه الدينية بشكل يشعره بفخر الانتماء لهذا الدين ولرموزه.. هذا أمر مفروغ منه، لكن أن يضع مفهوما اسماه (الثقافة الاختزالية) ويضع له مصاديق يذكرها هو بقوله: (بناء المساجد واحتفاليات دورات تحفيظ القرآن الكريم وتشكيل ما يسمى بمجالس الذكر -بحسب تعبيره- وما يحتفى به من ممارسات غير منطقية!!.. واحتفاليات الحجاب الجماعي للفتيات اللاتي بلغن سن التكليف الشرعي، واحتفاليات المناسبات الدينية وما شاكل. ويضاف على ذلك كله في بعض الفرق الى حد المبالغة بل الاستهتار تجسيد شتى الوان الولاء لرموز معينين، والاهتمام بزيارة المراقد واحياء المناسبات المذهبية بزخم قوي والحرص على ممارسات دخيلة اعطيت لها صفة دينية كاللطم والتطبير) ثم يقول: (وهكذا تصاغ شخصية الانسان في ضوء ثقافة اختزالية...).. الى هنا سنكتفي من اقتباس جمله المفيدة جدا لأن ما ذكره هذا الكاتب من أمثلة على (الثقافة الاختزالية) التي جعلها محور بحثه؛ يكشف حقيقة مراده مما كتب، وقد اتضح أن تباكيه لم يكن من أجل الدين ولا المجتمع بقدر ما هو بكاء وعويل انتجته ضربات موجعة نالها وهو يشاهد ما ذَكر من مراسم وطقوس حرصت مؤسسات عريقة مرموقة على اقامتها حفاظا على الهوية الثقافية لهذا المجتمع الذي يريد له هذا الكاتب وأمثاله التحلل والانصهار في الثقافات المستوردة التي يؤمن هو وأمثاله بها أشد الايمان.. وإلا فما هي العلاقة بين ما ذكره من انتقاده للتدين الشكلي الخالي من المضمون وبين إقامة مراسم وطقوس وشعائر اعتبرها (مما يختزل الصلاح في ايمان متكلس ينمي الكراهية)!!، واعتبرها (طقوس جامدة منعزلة عن روحها ومقاصدها، والتزام ديني يتصف بالشكلية ولا يربي... ولا يردع.. الخ)..
ثم عاد ليكرر عبارة (الثقافة الاختزالية) حين مثل هذه السخصية التي يفترضها (بالانحراف بعينه)..
ما كتبه -لو سلمنا بذلك- كلمة حق يراد بها الانحراف بعينه والباطل بعينه؛ ولو كان صادقا فيما يريد من حرص لما ذكر دورات تحفيظ القرآن الكريم، و حفلات الحجاب الشرعي ومحاولة زج هذين المثالين كمصداق لما يراه واعتبارها من الممارسات غير المنطقية!!.
هنا افتضح أمره فإن كان غيره من أقرانه وأسلافه وأشباهه قد تحدثوا صراحة عن بغضهم للشعائر والطقوس وللتشيع عموما فأن صاحبهم قد أظهر حقده في مقاله وهو يكشف عن استهدافه لجهات معينة جعلها ضمن اهتماماته ووجه سهامه نحوها بطريقة حاول فيها جعل المقال عاما يتحدث عن ظاهرة معينة، وإذا به يبدأ بالتخصيص والاشارة وهو يحاول استثمار حالة انجذاب البعض للحداثة والتحضر وأفكار مثل التهذيب للطقوس وغيرها.. كذلك أظهر هذا الكاتب الغبي استهدافه للمجتمع الشيعي العراقي وللمؤسسات الشيعية العراقية تحديدا رغم أن مقدمة مقاله تشير الى موضوع عام يتعلق بالدين والتدين مع شيء من دموع التماسيح!!
بالنتيجة.. ننصح الكاتب بان يفرق بين أن يكتب موضوعا عاما أو أن يكتب موضوعا خاصا.. لا أن يستعمل أسلوب خلط الأوراق بهذه الطريقة البائسة.
|