جاء في کتاب مسند الإمام الكاظم أبي الحسن موسى بن جعفرعليه السلام للشيخ عزيز الله العطاردي: في باب وصيته و عهده بالامام من بعده: قال الكليني عن محمد بن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام: ألا تدلني الى من آخذ عنه ديني؟ فقال: هذا ابني علي إن أبي أخذ بيدي فأدخلني الى قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا بني إن اللّه عز و جل قال: "إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً" (البقرة 30) و إن اللّه عز و جل إذا قال قولا و في به. عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن أبي الحكم الأرمني قال: حدثني عبد اللّه بن إبراهيم بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب، عن يزيد بن سليط الزيدي، قال أبو الحكم و أخبرني عبد اللّه بن محمد بن عمارة الجرمي عن يزيد بن سليط قال: لقيت أبا إبراهيم عليه السلام و نحن نريد العمرة في بعض الطريق، فقلت: جعلت فداك هل تثبت هذا الموضع الذي نحن فيه؟ قال: نعم فهل تثبته أنت؟ قلت: نعم إني أنا و أبي لقيناك هاهنا و أنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام و معه إخوتك. فقال له أبي: بأبي أنت و أمي أنتم كلكم أئمة مطهرون، و الموت لا يعري منه أحد، فأحدث، إلىّ شيئا أحدّث به من يخلفني من بعدي فلا يضل، قال: نعم يا أبا عبد اللّه هؤلاء ولدي و هذا سيدهم و أشار إليك و قد علم الحكم و الفهم و السخاء، و المعرفة بما يحتاج إليه الناس و ما اختلفوا فيه من أمر دينهم و دنياهم، و فيه حسن الخلق و حسن الجواب و هو باب من أبواب اللّه عز و جل و فيه اخرى خير من هذا كله. فقال له ابي: و ما هي؟ بأبي أنت و أمي قال عليه السلام: يخرج اللّه عز و جل منه غوث هذه الامة و غياثها و علمها و نورها و فضلها و حكمتها، خير مولود و خير ناشئ، يحقن اللّه عز و جل به الدماء، و يصلح به ذات البين و يلمّ به الشعث، و يشعب به الصدع، و يكسو به العاري، و يشبع به الجائع و يؤمن به الخائف، و ينزل اللّه به القطر، و يرحم به العباد، خير كهل و خير ناشئ، قوله حكم و صمته علم، يبين للناس ما يختلفون فيه، و يسود عشيرته من قبل أوان حلمه. فقال له أبي: بأبي أنت و أمي و هل ولد؟ قال: نعم و مرت به سنون، قال يزيد فجاءنا من لم نستطع معه كلاما، قال يزيد: فقلت لأبي ابراهيم عليه السلام فأخبرني أنت بمثل ما أخبرني به أبوك عليه السلام. فقال لي: نعم إنّ أبي عليه السلام كان في زمان ليس هذا زمانه، فقلت له: فمن يرضى منك بهذا فعليه لعنة اللّه. قال: فضحك أبو إبراهيم ضحكا شديدا. ثم قال: أخبرك يا أبا عمارة أني خرجت من منزلي فأوصيت إلى ابني فلان، و أشركت معه بنيّ في الظاهر، و أوصيته في الباطن، فأفردته وحده و لو كان الأمر إليّ لجعلته في القاسم ابني لحبي إياه و رأفتي عليه و لكن ذلك إلى اللّه عز و جل، يجعله حيث يشاء، و لقد جاءني بخبره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. ثم أرانيه و أراني من يكون معه و كذلك لا يوصي إلى أحد منا حتى يأتي بخبره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و جدي على صلوات الله عليه و رأيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خاتما و سيفا و عصا و كتابا و عمامة، فقلت ما هذا يا رسول اللّه؟ فقال لي: أما العمامة فسلطان اللّه عز و جل، و أما السيف فعز اللّه تبارك و تعالى و أما الكتاب فنور اللّه تبارك و تعالى، و أما العصا فقوة اللّه، و أما الخاتم فجامع هذه الامور. ثم قال لي و الأمر قد خرج منك إلى غيرك، فقلت: يا رسول اللّه أرنيه أيهم هو؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما رأيت من الأئمة أحدا أجزع على فراق هذا الأمر منك و لو كانت الإمامة بالمحبة لكان إسماعيل أحب إلى أبيك منك و لكن ذلك من اللّه عز و جل. ثمّ قال أبو ابراهيم: و رأيت ولدي جميعا الأحياء منهم و الأموات، فقال لي أمير المؤمنين عليه السلام: هذا سيدهم و أشار الى ابني علي فهو مني و أنا منه و اللّه مع المحسنين، قال يزيد: ثم قال أبو ابراهيم عليه السلام: يا يزيد إنها وديعة عندك فلا تخبر بها إلّا عاقلا أو عبدا تعرفه صادقا و إن سئلت عن الشهادة فاشهد بها، و هو قول اللّه عز و جل: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها" (النساء 58). و قال لنا أيضا: "وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ" (البقرة 140) قال: فقال أبو ابراهيم عليه السلام: فاقبلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقلت: قد جمعتهم لي بأبي و أمي فأيهم هو؟ فقال: هو الذي ينظر بنور اللّه عز و جل و يسمح بفهمه و ينطق بحكمته يصيب فلا يخطئ و يعلم فلا يجهل، معلما حكما و علما، هو هذا و أخذ بيد علي ابني. ثم قال: ما أقلّ مقامك معه فاذا رجعت من سفرك فأوص و أصلح أمرك و افرغ مما أردت، فانك منتقل عنهم و مجاور غيرهم، فاذا أردت فادع عليا فليغسلك و ليكفنك فانه طهر لك، و لا يستقيم إلا ذلك و ذلك سنة قد مضت، فاضطجع بين يديه وصف إخوته خلفه و عمومته، و مره فليكبر عليك تسعا، فإنه قد استقامت وصيته و وليك و أنت حي. ثم اجمع له ولدك من بعدهم، فأشهد عليهم و أشهد اللّه عز و جل و كفى باللّه شهيدا، قال يزيد ثم قال لي أبو ابراهيم عليه السلام إني أوخذ في هذه السنة و الأمر هو إلى ابني علي، سمي علي و علي: فأما عليّ الأول فعلي بن أبي طالب، و أما الآخر فعليّ بن الحسين عليهما السلام، أعطي فهم الأول و حلمه و نصره و ودّه و دينه و محنته و محنة الآخر و صبره على ما يكره و ليس له أن يتكلم إلّا بعد موت هارون بأربع سنين. ثم قال لي: يا يزيد و إذا مررت بهذا الموضع و لقيته و ستلقاه فبشره أنه سيولد له غلام أمين مأمون مبارك، و سيعلمك أنك قد لقيتني فأخبره عند ذلك أن الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية جارية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمّ إبراهيم فان قدرت أن تبلغها مني السلام فافعل، قال يزيد: فلقيت بعد مضى أبي إبراهيم عليه السلام عليا عليه السلام فبدأني، فقال لي: يا يزيد ما تقول في العمرة فقلت: بأبي أنت و أمي ذلك إليك و ما عندي نفقة. فقال، سبحان اللّه ما كنا نكلفك و لا نكفيك، فخرجنا حتى انتهينا إلى ذلك الموضع فابتدأني فقال: يا يزيد إن هذا الموضع كثير ما لقيت فيه جيرتك و عمومتك قلت: نعم ثم قصصت عليه الخبر فقال لي: أما الجارية فلم تجيء بعد، فاذا جاءت بلغتها منه السلام، فانطلقنا إلى مكة فاشتراها في تلك السنة، فلم تلبث إلا قليلا حتى حملت فولدت ذلك الغلام. قال يزيد: و كان إخوة علي يرجون أن يرثوه فعادوني إخوته من غير ذنب، فقال لهم إسحاق بن جعفر: و اللّه لقد رأيته و أنه ليقعد من أبي ابراهيم بالمجلس الذي لا أجلس فيه أنا.
يقول الشيخ عزيز الله العطاردي في كتابه: باب اولاده عليه السلام: زيد بن موسى عليه السلام و هو المعروف بزيد النار: لانه خرج بالبصرة في ايام الامين و المأمون و احرق دور بني العباس و مواليهم اخرجهم منها و له اخبار كثيرة نشير الى بعضها. قال جمال الدين ابن عنبة: زيد النار بن موسى الكاظم عليهما السلام عقد له محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام ايام ابي السرايا على الاهواز، و لما دخل البصرة و غلب عليها احرق دور بني العباس و اضرم النار في نخيلهم و جميع اسبابهم فقيل له زيد النار. حاربه الحسن بن سهل فظفر به و أرسله الى مرو مقيدا فارسله المأمون الى اخيه على الرضا عليه السلام و وهب له جرمه، فحلف علي الرضا ان لا يكلمه ابدا و أمر باطلاقه ثم ان المأمون سقاه السم فمات قال ابو نصر البخاري: زيد بن موسى لم يعقب. قال الشيخ العمري و شيخ الشرف العبيد لي و ابو عبد اللّه بن طباطبا و غيرهم: اعقب زيد النار بن موسى الكاظم عليه السلام من اربعة رجال الحسن ولده بالمغرب و القيروان و الحسين المحدث و جعفر و موسى الاصم، و موسى خردل بن زيد بن موسى عليه السلام. قال ابو نصر البخاري: كان زيد النار بن موسى الكاظم عليه السلام يلقب بزيد النار و السبب في ذلك انه خرج في أيام المأمون بالبصرة، فاضرم النيران في دور الهاشمية و نخيلهم و جميع اسبابهم، فلقبوه بزيد النار، و اخذوه و حملوه الى المأمون بمرو مقيدا، فسأل الرضا عليه السلام في أمره و عفا عنه ثم سقاه السم و قتله و قبره بمرو.
قال الصدوق: حدثنا أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن عبد اللّه بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، و محمد بن علي بن بشار القزويني رضي الله عنهما قالا: حدثنا أبو الفرج المظفر بن أحمد القزويني، قال: حدثنا أبو الفيض صالح بن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن موسى بن زياد، قال: حدثنا صالح بن حماد، قال: حدثنا الحسن بن موسى الوشاء البغدادي. قال: كنت بخراسان مع علي بن موسى الرضا عليهما السلام في مجلسه و زيد بن موسى حاضر قد أقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم و يقول: نحن و نحن، و أبو الحسن عليه السلام مقبل على قوم يحدثهم فسمع مقالة زيد فالتفت إليه فقال: يا زيد أغرك قول بقالي الكوفة أن فاطمة أحصنت فرجها فحرم اللّه ذريتها على النار؟ و اللّه ما ذلك إلّا للحسن و الحسين و ولد بطنها خاصة. فأما إن يكون موسى بن جعفر عليهما السلام يطيع اللّه و يصوم نهاره و يقوم ليله و تعصيه أنت ثم تجيئان يوم القيامة سواء لأنت أعزّ على اللّه عز و جل منه. إن علي بن الحسين عليهما السلام كان يقول: لمحسننا كفلان من الأجر و لمسيئنا ضعفان من العذاب. و قال الحسن الوشاء: ثم التفت إلي فقال: يا حسن كيف تقرءون هذه الآية: "قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ" (هود 46). فقلت: من الناس من يقرأ "إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ" و منهم من يقرأ "إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ" فمن قرأ "إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ" نفاه عن أبيه، فقال عليه السلام: كلا لقد كان ابنه و لكن لما عصى اللّه عز و جل نفاه اللّه عن أبيه كذا من كان منا لم يطع اللّه عز و جل فليس منا و أنت إذا أطعت اللّه فأنت منا أهل البيت. قال الصدوق: حدثنا الحاكم ابو علي الحسين بن احمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي، قال: حدثني ابن أبي عبدون، عن أبيه، قال: لما جيء بزيد بن موسى اخي الرضا عليه السلام الى المأمون و قد خرج بالبصرة و احرق دور العباسيين، و ذلك في سنة تسع و تسعين و مائة فسمي زيد النار، قال له المأمون: يا زيد خرجت بالبصرة و تركت ان تبدأ بدور اعدائنا من بني أميّة و ثقيف و عدي و باهلة و آل زياد و قصدت دور بني عمك؟ قال: و كان مزاحا اخطأت يا امير المؤمنين من كل جهة، و ان عدت بدأت باعدائنا، فضحك المأمون و بعث به الى أخيه الرضا عليه السلام، و قال: قد وهبت جرمه لك، فلما جاءوا به عنفه و خلى سبيله و حلف أن لا يكلمه أبدا ما عاش.
|