• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع :  آيات قرآنية من كتاب المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي (ح 1) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

 آيات قرآنية من كتاب المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي (ح 1)



عن كتاب المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي عن مركز الرسالة: لايضرُّ اعتقاد المسلم بصحة ما بشّر به النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم من ظهور رجل من أهل بيته في آخر الزمان، أن يكون هذا المعتقد موجوداً عند أهل الكتاب (اليهود والنصارى) أو عند غيرهم ممن سبق الإسلام، ولايخرج هذا المعتقد عن إطاره الإسلامي بعد أن بشّر به النبيّ صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وبعد الإيمان بأنه صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم "ما يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إن هوَ إلاّ وحيٌ يُوحى" (النجم 3-4). وأما عن اعتقادات الشعوب المختلفة بأصل هذه الفكرة كما مرّ فيمكن تفسيرها على أساس أنّ فكرة ظهور المنقذ لاتتعارض مع فطرة الإنسان وطموحاته وتطلّعاته، ولو فكّر الإنسان قليلاً في اشتراك معظم الشعوب بأصل الفكرة لاَدرك أنّ وراء هذا الكون حكمة بالغة في التدبير، يستمد الإنسان من خلالها قوّته في الصمود إزاء مايرى من انحراف وظلم وطغيان، ولا يُترك فريسة يأسه دون أن يزوّد بخيوط الاَمل والرجاء بأنّ العدل لابدّ له أن يسود.

وعن تهافت القول باُسطورية فكرة الظهور جاء في كتاب المهدي المنتظر: إنّ النتيجة المنطقية لما تقدم قاضية بتفاهة مزاعم المستشرقين ومن وافقهم باُسطورية فكرة ظهور المهدي في آخر الزمان، ذلك لأن الاُسطورة التي ينتشر الإيمان بها بمثل هذه الصورة، لاشك أنّها سلبت عقول المؤمنين بها، وصنعت لهم تاريخاً، ولكن التاريخ لا يعرف أُمّة خلقت تاريخها أُسطورة، فكيف الحال مع أُمّة هي من أرقى أُمم العالم حضارة في القرون الوسطى باعتراف المستشرقين أنفسهم ؟ والعجيب، أنّ القائلين بهذا يعترفون برقيّ الحضارة الإسلامية وسموّها بين الحضارات العالمية، ولا ينكرون دور الإسلام العظيم في تهذيب نفوس المؤمنين من سائر البدع والخرافات والعادات البالية التي تمجّها النفوس، وتستنكرها العقول، ولم يلتفتوا إلى أنّ أُمة كهذه لا يمكن اتّفاقها على الاعتقاد بأُسطورة، وأغلب الظنّ أنَّ هؤلاء المستشرقين لمّا وجدوا عقائد أسلافهم ملأى بالخرافات والأساطير والضلالات، كبُر عليهم أن يكتبوا عن الإسلام الذي هو أنقى من الذهب الابريز دون أن يُضيفوا عليه شيئاً من أحقادهم، ولهذا وصفوا ما تواتر نقله عن النبي الأعظم صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بشأن ظهور المهدي في آخر الزمان بأنّه من الأساطير. والمصيبة ليست هنا، لأنّا نعلم أنَّ القوم "كَبُرَت كَلِمَةً تَخرُجُ مِنْ أفْوَاهِهِم إن يَقُولُونَ إلاّ كَذِباً" (الكهف 5)، بل المصيبة تكمن في كتابات من تقمّص لباس السيد جمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده ونظائرهما من قادة الإصلاح، مما ساعد على إخفاء حقيقتها وواقعها الذي لم يكن غير الاستظلال بفيء الخصوم، وطلب الهداية ممن غرق في بحر الضلال، من دون تروٍ مطلوب، ولا التفات مسؤول إلى ما يهدّد تراث الإسلام الخالد، ويستهدف أُصوله الشامخة. ومن هنا وجب التحذير من هؤلاء وأُولئك، والاحتراز عن كل ما يُنفَث، أو يُبَثّ، قبل بيان الدليل القاطع على عقيدة المسلمين بالمهدي في فصول هذا البحث.

وعن بعض الآيات المُفَسّرة في المهدي: لا يخفى أنّ القرآن الكريم والسنّة النبويّة صنوان لمشرّع واحد. وعقيدة المسلمين بالمهدي المتواترة عن النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بلا شك ولا شبهة ـ كما سيأتي في هذا الفصل قد أيدها القرآن الكريم بجملة من الآيات المباركة التي حملها الكثير من المفسرين على المهدي المبشَّر بظهوره في آخر الزمان. وإذا ما تواتر شيء عن النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم، فلابد من التسليم بأنّ القرآن الكريم لم يهمله بالمرّة وإن لم تدركه عقولنا، لقوله تعالى: "وَنَزّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وهُدىً ورَحمةً وبُشرى للمُسلِمينَ" (النحل 89). إذن استجلاء هذه العقيدة من الآيات المباركة منوط بمن يفهم القرآن حق فهمه، ولا شك بأنّ أهل البيت عليهم‌ السلام هم عدل القرآن بنصّ حديث الثقلين المتواتر عند جميع المسلمين، وعليه فإنّ ماثبت تفسيره عنهم عليهم‌ السلام من الآيات بالمهدي لابد من الاذعان إليه والتصديق به. وفي هذا الصدد قد وقفنا على الكثير من أحاديث أهل البيت عليهم‌ السلام المفسرة لعدد من الآيات المباركة بالإمام المهدي. وسوف لن نذكر منها إلاّ ما كان مؤيداً بما في تفاسير أصحاب المذاهب الاُخرى ورواياتهم. 1 ـ فمنها: ما نمهّد له بالقول: إنّ أعداء هذا الدين من أهل الكتاب والمنافقين والمشركين ومن والاهم "يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبى اللهُ إلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ ولَوْ كَرِهَ الكافِرُونَ" (التوبة 32). فهذه الآية العجيبة بينت لنا أنّ حال هؤلاء كحال من يريد بنفخة فم إطفاء نور عظيم منبثّ في الآفاق، ويريد الله تعالى أن يزيده ويُبلِغَهُ الغاية القُصوى في الإشراق والإضاءة. وفي هذا منتهى التصغير لهم والتحقير لشأنهم والتضعيف لكيدهم، لاِنَّ نفخة الفم القادرة على إطفاء النور الضعيف كنور الفانوس لن تقدر على إطفاء نور الإسلام العظيم الساطع. وهذا من عجائب التعبير القرآني، ومن دقائق التصوير الإلهي، لما فيه من تمثيل فنّي رائع بلغ القمة في البيان، ولن تجد له نظيراً قط في غير القرآن. ثم تابع القرآن الكريم ليبين لنا بعد هذا المثال، إرادة الله عزَّ وجل الظهور التام لهذا الدين رغم أنوفهم، فقال تعالى: "هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بالهُدى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ" (التوبة 33). والمراد بدين الحق هو دين الإسلام بالضرورة، لقوله تعالى: "وَمَن يَبْتَغ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهْوُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ" (ال عمران 85). وقوله تعالى: "ليُظهِرَهُ عَلى الَّدينِ كُلَّه" (التوبة 33)، أي: لينصره على جميع الأديان، والضمير في قوله تعالى: "ليُظهِرَهُ" راجع إلى دين الحق عند معظم المفسرين وأشهرهم، وجعلوه هو المتبادر من لفظ الآية. وإذا كنا نعتقد حقاً بأنّ القرآن الكريم صالح ليومه وغده، فهل يكون معنى ظهور الدين على سائر الأديان منطبقاً على واقع الإسلام اليوم الذي يكاد يكون مطوقاً بأنظمة المسلمين وسياساتهم؟ وهل لتلك البشرى من مصداق واقعي غير كثرة من ينتمي إلى الإسلام مع ما في هذه الكثرة من تضاد وتناقض واختلاف في العقائد والأحكام ؟ هذا مع أنّ المروي عن قتادة في قوله تعالى: "ليُظهِرَهُ عَلى الَّدينِ كُلَّه" (التوبة 33) قال: (هو الأديان الستة: الذين آمنوا، والذين هادوا، والصابئين، والنصارى، والمجوس، والذين أشركوا. فالاَديان كلّها تدخل في دين الإسلام، والإسلام يدخل في شيء منها، فإنّ الله قضى بما حكم وأنزل أن يُظهر دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون). وفي الدر المنثور: (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، والبيهقي في سننه عن جابر رضي‌ الله‌ عنه في قوله تعالى: "ليُظهِرَهُ عَلى الَّدينِ كُلَّه" (التوبة 33) قال: لا يكون ذاك حتى لا يبقى يهودي ولا نصراني صاحب ملّة إلاّ الاسلام).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=193612
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 05 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12