
منذ ٢٠٠٣، و في كل عام، يُجدد الرئيس الأمريكي تمديد قانون حالة الطوارئ على العراق.
أصل قانون الطوارئ الأمريكي، يعود إلى عام ١٩٧٦، هو قانون سلطات الطوارئ الأقتصادية والدولية، حيث شرّعه الكونغرس الأمريكي في زمن الرئيس الأمريكي جيرالد فورد. غاية القانون هو تمكين الرئيس الأمريكي القيام بأعمال غير مسموح بها عادة داخل الولايات المتحدة. بمعنى آخر؛ يحق للرئيس الأميركي إصدار أوامر تخص التجارة الدولية، وكل ما يتعلق بأي تهديد للأمن القومي الأميركي، وأنه يهدف إلى منح الرئيس الأميركي سلطات معينة خارج القانون الأميركي، بما يتيح له التصرف بالطريقة التي يراها مناسبة ضد تهديدات المصالح الأميركية. كما يسمح للرئيس الأمريكي معاقبة شخصيات وكيانات سياسية.
وهذا ما استند إليه الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش الذي أصدر في ٢٢ أيار ٢٠٠٣، عقب غزو العراق، أمراً بالرقم ١٣٣٠٣ الخاص بإعلان حالة الطوارئ على العراق.
طبقّت الولايات المتحدة قانون الطوارئ على ٨٢ دولة وكيان و أفراد؛ رفعت واشنطن الطوارئ عن ٤٢ دولة وكيان و أفراد، لتبقى ٤٠ دولة وكيان منها العراق.
جاء في قرار ١٣٣٠٣ الذي اصدره الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في ٢٢ آيار ٢٠٠٣ ما يلي:
أنا، جورج دبليو بوش، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، أرى أن التهديد بالحجز أو اتخاذ إجراءات قضائية أخرى ضد صندوق تنمية العراق والمنتجات النفطية العراقية والمصالح فيه والعائدات والالتزامات أو أي أصول مالية مهما كانت طبيعتها والتي تنشأ عن أو تتعلق ببيعها أو تسويقها والمصالح فيها، تعرقل إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن والحفاظ عليهما في البلاد، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراق. يشكل هذا الوضع تهديدًا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، وأنا بموجب هذا أعلن حالة الطوارئ الوطنية للتعامل مع هذا التهديد.
قانون الطوارئ ١٣٣٠٣ يتضمن ستة مواد، تتحدث عن آلية تنفيذ قانون حالة الطوارئ على العراق.
جاء في تمديد حالة الطوارئ في العراق يوم الأثنين، ٢١ آيار ٢٠٢٤، والذي وقّعه الرئيس الأمريكي، جو بايدن: إن العوائق التي تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراق، لا تزال تشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق و الولايات المتحدة.
كان تمديد الرئيس الأمريكي قانون الطوارئ المرقم ١٣٣٠٣ على العراق ضربة جديدة لحكومة السيد محمد شياع السوداني، وبالطريقة التي لا تختلف عن تمديده العام الماضي، ليبعث بايدن رسالة مفادها أن واشنطن تنظر إلى أفعال حكومة بغداد وليس لأقوالها، وهو ما أكدته السفيرة الأميركية ببغداد ألينا رومانوسكي، حيث قالت سابقاً "إن العراقيين لا يريدون دولة تسيطر عليها ميليشيات، وأن الولايات المتحدة لن ترحل عن المنطقة، كما أن العراق يمثل أهمية استراتيجية كبيرة لدى واشنطن”.
تضمنت الرسالة الأمريكية بأن الهدوء النسبي الذي يعيشه العراق هو محل شك، وأن حكومة الأطار التنسيقي ليست موضع إطمئنان، فالعراق يمثل تهديداً إقليمياً، مع سوء الإدارة وضعف مؤسساته و شحة اقتصاده، وغياب القانون و دولة المواطنة، وغيرها انعكست سلباً على وضع العراق.
قد تُثار تساؤلات عديدة عن مضمون القرار ودلالاته ومدى تأثيره على العراق سياسياً وأمنياً، وما هو موقف حكومة العراق والبرلمان منه، في ظل استقرار سياسي كما تصفه حكومة الأطار التنسيقي؟
وجود القوات الأمريكية في العراق تُلزم الرئيس الأمريكي تمديد حالة الطوارئ في العراق. وأن طلب البنك الفيدرالي الأمريكي تطبيق المنصة الالكترونية في التحويلات المالية في البنك المركزي العراقي في تشرين الثاني ٢٠٢٢ هو أحد بنود الطوارئ.
في الوقت الذي مدد جو بايدن الطوارئ على العراق، فهو يحفظ أموال العراق من الدول والكيانات التي كسبت دعوات قضائية ضد جمهورية العراق، كما يحمي صندوق تنمية العراق، ونفطه وصندوق ودائعه، و أمنه القومي. مع كل ما تقدم، التمديد يمثل سيادة عراقية منقوصة، و تدخل في شؤونه المصيرية، وما تمثله السفيرة الأمريكية داخل بغداد ولقاءاتها العديدة بدولة رئيس مجلس الوزراء و حكومته الا تفسيرات على السيادة المخدوشة للبلد.
إستمرار سياسة الهيمنة الأمريكية على العراق، و فرض إرادتها، مع صمت مطبق من حكومة السيد السوداني و البرلمان العراقي، علاوة على صمت من يتبنى شعار إخراج القوات الأمريكية من العراق هو محل حيرة، فلا يوجد له تفسير سوى رضى السيد السوداني وإطاره التنسيقي، والآخرين من السنة والأكراد، على تمديد الوصايا الأمريكية على العراق، و قبولهم بمصادرة القرار السيادي، و دليل على عدم تحمّلهم مسؤولية الدفاع عن الوطن وشعبه.
دأبت مرجعية النجف الأشرف المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيستاني، دام ظله، الدفاع عن سيادة واستقلال العراق منذ اليوم الاول من احتلاله في ١٩ آذار ٢٠٠٣، فطالب السيستاني كثيراً بسيادة القرار العراقي واستقلاله من سيطرة الدول؛ إن كانت إقليمية أو دولية.
جاء في خطبة الجمعة بتاريخ ١١ كانون الاول ٢٠١٥:
"الحكومة العراقية مسؤولة عن حماية سيادة العراق وعدم التسامح مع أي طرف يتجاوز عليها مهما كانت الدواعي والمبررات ، وعليها اتباع الاساليب المناسبة في حل ما يحدث من مشاكل لهذا السبب ، وعلى الفعاليات السياسية ان توحّد مواقفها في هذا الأمر المهم ، وتراعي في ذلك مصلحة العراق وحفظ استقلاله وسيادته ووحدة اراضيه."
|