تتفق نظريات العقد الاجتماعي في امور وتفترق في امور اخرى،في الدول الجمهورية الديمقراطية الرئاسية او النيابية وفي الدول الملكية الدستورية الديمقراطية؛فالاتفاق يكون في تقدير واحترام وصيانة التخويل الذي يمنحه الشعب للحكومة من خلال نوابه في مجلس النواب وعدم الالتفاف عليه لابقاء جميع الشركاء في الوطن في حالة توازن في اداء المهام المخولين بها بموجب الدستور والتشريعات والقوانيين بما يحقق العدالة الاجتماعية في الحقوق والواجبات والحريات للحفاظ على مكانة الحكومة ودورها في العلاقة ما بين الشعب والسلطة.اما الامور المختلف عليها فتكون في شكل النظام الحاكم ونوعه واليات عمله واليات مراقبته.
في النظم الجمهورية الديمقراطية؛يتم منح الشرعية حسب النسبة الاعلى في العمليات الانتخابية فيوكل امر تشكيل الحكومة لكيان معين او لائتلاف مكون من عدة كيانات لتشكيل الحكومة وفق مبادئ فصل السلطات(التشريعية والقضائية والتنفيذية).الانتخابات تمثل المسار الذي يسلكه الشركاء في الوطن للوصول الى العدالة الاجتماعية ومنع استبداد الافراد والجماعات العرقية وكيان او عدة كانات مجتمعة(طبقة حاكمة).
ليس كل تسلم منصب(رئيس او عضو مجلس نواب او وزير او من بدرجتهم او ادنى منهم كوكيل وزير او مستشار او مدير عام)اصبح سياسيا فالسياسية صفة حسن ادارة العمل ان كان العمل خاص نوعي او متنوعي او عام وانما يجب ان يمرر قبل قبل ان يتسلم اي مسؤولية على الغرابيل وبعد خروج نتيجة تقييمه فاما ان يصنف على انه سياسي(اداري ناجح) او مسيس(مساس) او،فالسياسي من ياخذ سفينة الوزارة(المؤسسة) او ياخذ الدولة باكملها من بين الامواج العاتية الى بر الامان او الذي يعود بالخيل الى حالتها الاعتيادية عند اضطرابها بعارض ذاتي او بمؤثر خارجي.فاذا كان القبطان او السائس تنقصه المؤهلات الكافية ولم يتنصر على اضطراباته وارهاصاته الذاتية وذو نفس جامحه غير مروضه فانه يفسد اكثر مما يصلح.
ان اعطاء عامل الولاء اكبر من مساحته المطلوبة النافعة وطغيانه على باقي عوامل ومتطلبات اسناد المسؤولية يقلل من فرص النجاح في المهمة ويجعل الطرفان(الاصيل والمسؤول) في دوامة من الاحراجات امام بعضهما البعض وسرعان ماتنعكس على شاشة بمساحة الدولة والعالم مع توفر وسائل العرض الصفرية الكلفة(الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي).الفارق كبير جدا بين مناهج التربية والتعليم للبشر وبين سلوك كلاب الصيد،فجلب المنافع الضخمة من كنوز الطاقات الكامنة للشركاء في الوطن وتوجيه الثروات المادية بالاتجاه الايجابي يرتبط بالاختيار السليم او بالاعداد الصحيح لمن يتصدى للمسؤولية واعتماد المعايير الاخلاقية الحميدة والعلمية المتفتحة التي تمزج بين الاصالة والحداثة مزجا متوازنا والخبرات الموازية.
طرق الوصول الى السلطة كثيرة ومتنوعة وقد مرت البشرية بها جميعها وخلصت الدول الحديثة الى ان الانتخابات افضل مسار لتحقيق المشاركة الواسعة للشركاء في الوطن ومنح الشرعية للمنظومة الحاكمة من خلال الانتخابات،ويكون الدستور سقفا يتحرك تحته الجميع بعد اقراره من اغلبية المواطنين لحماية التنوع والتعددية ورعايتها.
الفاعلية الايجابية للعقد الاجتماعي ترتبط ببقاء الاغلبية الفائزة(نصف+1) بالانتخابات كيانا مفردا او ائتلاف من مجموعة كيانات والتي يسند اليها مسؤولية ادارة البلاد لدورة انتخابية واحدة تحت سقف الدستور روحا ونصوصا واكمال الهياكل التنظيمية والتشريعات والقوانين المقرة في مواده.
لا تنتزع الصفة الدستورية عن المؤسسات العامة مهما طغت منظومة الحكم ومهما فعلت الحكومات لجعل هذه المؤسسات اجزاء من كيانها وتدور في فلكها ومهما طالت فترة تعطيل الدستور او طالت فترة التجاوز عليه ولا تسقط الحقوق الدستورية للشركاء في الوطن مع تقادم الزمن،هذه متلازمات اقرتها الشرائع السماوية ولا تغادرها العقول الرشيدة التي يعود اليها امر البلاد ولو بعد حين وان تم حجبها او ابعادها عن ادارة الشان العام فسنن الصلاح والاصلاح ماضية في تاريخ الشعوب والامم لانها اراردة الواحد الاحد الذي قرن خلود الانسان ودرجته بعد الموت بصلاحه ونوع وحجم اصلاحه.
يقوم السطويون(افراد وكيانات منفردة او مجتمعة) اما جهلا ذاتيا او باستشارة مضللة او عمدا عن سبق واصرار الى الالتفاف على العملية الديمقراطية واتخاذ الانتخابات مسارا للوصول الى السلطة باي ثمن معنوي ومادي،ابتدءا من تشريع قوانين انتخابية على مقاساتهم وتطبيقها بدون رقابة المؤسسات العامة وتعطيل روح الدستور ونصوصه بالمساواة المشروط في حق الانتخاب وتكافأ الفرص بين المرشحين.مما يؤدي الى تدوير الافراد والكيانات نفسها التي لم تخرق العقد الاجتماعي.
يعمد السلطويون الى عدم اقرار نسبة مشاركة في الانتخابات لتكون بوابة العبور بالعقد الاجتماعي الى التفعيل والتحديث ولتطوير واصرارهم على اي نسبة مشاركة يوازي الجرائم الاخلاقية والوطنية والشرعية الكبرى،التي لا تمحى مهما كانت الشعارات عالية ومهما تضمن خطابات الولاء للوطن واحترام الانسان والحقوق والحريات،فالسلطويون بهذا الفعل يقفون حائلا امام بناء الدولة وهذا بحد ذاته خيانة للامانة وحنث باليمين الدستورية كونه يعزز سلطتهم ونوفوذهم ويعطل الرقابة التشريعية والتنفيذية والادعاء العام ويقيد الحريات ويركز الثروة عند اشخاص وكيانات ويحرم اغلبية منها فيحل الظلم والظلام على كل شبر من تراب الوطن.
الحرمان الذي يحل بالاغلبية من الشركاء في الوطن يجعلهم غير فاعلين في بناء الوطن ويعطل طاقاتهم الكامنة غير المحدودة ويشل ارادتهم فتتحول اوساطهم الى فضاءات منكمشة لا تنفذ اليها اذرع السلطويين ،فينسحب المظلومون عن دورهم في اي انتخابات فتكون الديمقرطية منقوصة عرجاء ويخرج للانتخابات القلة فنرى نسبة مشاركة قليلة لا تتجاوز في احسن الاحوال20%.
نسبة المشاركة معيار اساسي والاهم من ضمن المعايير الاخرى في مقبولية المنظومة الحاكمة والعكس صحيح تماما فحسن الادراة والتسويق السليم للافراد والكيانات وافكارهم ومناهجهم يبعث الامل في نفوس الشركاء في الوطن ويفعل فيهل فعل امواج المياه الساكنة بعد تحريكها فيتوسع قطر التاثير والتاثر ويرتفع مع مرور الزمن وامتداد المسافة،وبنفس الوقت يكون وضع نسبة مشاركة اعلى من 50% كمعيار لنجاح العملية الانتخابية حافزا للافراد والكيانات في الانفتاح وتحديث نفسها وتطويرها وفتح افاق التنافس وتسليط الاضواء على الطاقات البشرية اكثر واكثر وبذل الجهد في البحث عن الخبرات والكفاءات وبناء مراكز البحوث الاستراتيجية البناءة.
السلطة والاموال والتجاوز على الدستور واضعاف المؤسسات العامة والالتفاف على الديمقراطية وتعطيل الرقابة كلها تجتمع في عكس صورة سيئة عن المنظومة الحاكمة داخليا وهو الاهم وخارجيا مما يبني اسوار بين الدولة ودول العالم ويقطع جسور التنمية المستدامة البشرية والعلمية والاقتصادية والامنية وغيرها من مكونات البناء الاستراتيجي الداخلي والخارجي.
اما على المستوى الداخلي،فيزداد انعزال السلطويين عن اقرب الناس اليهم وباشاعتهم ادوات العمل الاني(التكتيكي) والتنافس البعيد عن الاخلاق الحميدة والمخالف للقانون والدستور وتنصيب انفسهم ملوك كاشفين مشرعين افرادا ومجتمعين فانهم يكونوا مفسدين تاخذهم العزة بالاثم فيكونوا بين المغضوب عليهم محرومين من حالة الاطمئنان والسكينة يعيشون عيشة ضنكى رغم ما يحيطهم من البطانات والحواشي ورغم مايملكون من نفوذ واموال وعقارات وعلاقات لانهم مقتنعون ذاتيا بانها كلها مجتمعة لا تعدوا عن كونها سراب او تاتييهم القناعة بعد ان تلقى عليهم الحجة بايات الواحد الاحد ورسله رحمة منه وعدلا منه الذين لا ينقطعان عن ملكوته دائما وابدا،والايات تاتي اما في الملكوت لتؤكد عجز الانسان كالرياح او الصواعق وما على شاكلتها او تاتي على يد مخلوقات صغيرة كالبكتريا والفيروسات او على يد بشر صلحاء او حتى على يد فاسدي مفسدين.
الدولة ظل الله في الحدود التي وصلت بها البشرية عبر حركتها التاريخية والايمان والعمل لها ومن اجلها وفيها ومنها؛ يجعل الشريك في الدولة(الوطن) خالدا اذا بقي بعيدا عن اغواء ابليس الذي بدأت حلقاته في اقناع ادم وحواء(ص) بان الخلود في ثمار شجرة الامتحان الاول،فتدارك ادم وحواء(ص) فشلهم بالامتحان بالاستغفارولم يعودا الى مشورة ابليس واخذوا عبرة من ذلك فسلكا طريق الصلاح والاصلاح الذي يؤدي بهم الى الخلود وليس العصيان والعزة بالاثم الذي سلكه ابليس ومن يتبعه من شياطين الجن والانس.
ان مدارك العقل ومناهج العلوم اللسانية والتطبيقية عند وضعها على هياكل الحلول الرياضية تاخذنا الى ان الدولة ذاتها تلك الشجرة التي يجب اروائها وتغذيتها بافضل انواع الاسمدة وحمايتها والاعتناء بها حتى توفر لنا باذن الله كل ما نحتاجه وما يعجز عن تقديمه نظرائنا من الخلق اوالدولة كسفينة النبي نوح(ص) او كناقة النبي صالح(ص).
|