• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مفهوم الزنا في القرآن الكريم (الزنى، الزاني، الزانية، يزنون، يزنين) (ح 6) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

مفهوم الزنا في القرآن الكريم (الزنى، الزاني، الزانية، يزنون، يزنين) (ح 6)

عن تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: أن الآيات الناهية عن الزنا في كتاب الله تعالى هي قوله في سورة الإسراء "وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً" (الاسراء 32) وأي لسان أصرح من هذا اللسان، والآية مكية واقعة بين آيات المناهي، وكذا قوله"قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ" إلى أن قال "وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ" (الانعام 151)، كلمة الفواحش جمع محلى باللام واقعة في سياق النهي مفيدة لاستغراق النهي كل فاحشة وزنا، والآية مكية، وكذا قوله "قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ" (الاعراف 33)، والآية أيضا مكية، وكذا قوله "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ * إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ" (المؤمنون 5-7)، والسورتان مكيتان، والآيات تحرم المتعة على قول هذا القائل كما تحرم سائر أقسام الزنا. فهذه جل الآيات الناهية عن الزنا المحرمة للفاحشة، وجميعها مكية صريحة في التحريم فأين ما ذكره من التدرج في التحريم والمنع؟ أو أنه يقول كما هو اللازم الصريح لقوله بدلالة آيات المؤمنون على الحرمة: إن الله سبحانه حرمها تحريما باتا، ثم النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله تدرج في المنع عملا بالرخصة بعد الرخصة مداهنة لمصلحة الإيقاع موقع القبول، وقد شدد الله تعالى على نبيه صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله في هذه الخلة بعينها. قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ" (ال عمران 119) الآية سميت الوليجة بطانة وهي ما يلي البدن من الثوب وهي خلاف الظهارة لكونها تطلع على باطن الإنسان وما يضمره ويستسره. قوله تعالى "وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ" (النمل 54) معطوف على موضع"أَرْسَلْنا" في القصة السابقة بفعل مضمر والتقدير ولقد أرسلنا لوطا. كذا قيل، ويمكن أن يكون معطوفا على أصل القصة بتقدير اذكر والفاحشة هي الخصلة البالغة في الشناعة. وقوله"وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ" (النمل 54) أي وأنتم في حال يرى بعضكم بعضا وينظر بعضكم إلى بعض حين الفحشاء فهو على حد قوله في موضع آخر"وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ" (العنكبوت 29)، وقيل: المراد إبصار القلب ومحصله العلم بالشناعة وهو بعيد.

وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)" (النور 2-3) وأشارت الآية في نهايتها إِلى مسألة أخرى لإكمال الإستنتاج من العذاب الإِلهي "وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين". وتشتمل هذه الآية على ثلاثة تعاليم: 1 ـ الحكم بمعاقبة النساء والرجال الذين يمارسون الزنا. 2 ـ إقامة هذا الحكم الإِلهي بعيداً عن الرأفةِ بمن يقامُ عليه، فهذه الرأفةُ الكاذبة تؤدّي إِلى الفساد وانحطاط المجتمع. وتضع الآيةُ الإِيمان بالله ويوم الحساب مُقابِل الرأفةِ التي قَدْ يحس بها أحد تجاه الزاني والزانية ساعةِ إِقامة الحدّ عليهما، لأن أداء الأحكام الإِلهية من غير تأثُرِ بالعواطِفَ دليل على صدق الإِيمان بالمبدأ والمعاد، والإيمان بالله العالم الحكيم يعني أنّ لكل حكم من أحكامه غاية وهدف حكيم، والإيمان بالمعاد يُشعر الإِنسان بالمسؤولية إزاء كل مخالفة. وذكر بهذا الصدد حديث مهم عن الرّسول الأكرمصلى الله عليه وآله وسلّم: (يُؤتي بوال نقص من الحدّ سوطاً، فيقال له: لِمَ فعلت ذلك؟ فيقول: رحمةً لعبادك، فيقال له: أنت أرحم بهم منّي؟ فيؤمر به إلى النار، ويؤتى بمن زاد سوطاً، فيقال له: لم فعلت ذلك؟ فيقول: لينتهوا عن معاصيك فيقول: أنت أحكم به منّي؟ فيؤمر به إلى النّار). 3 ـ أوجب الله حضور عدد من المؤمنين في ساحة معاقبة الزناة ليتعظ الناس بما يرونَ مِنْ إقامة حكم الله العادل على المذنبين، وبملاحظة النسيج الإِجتماعي للبشر نرى أن انحطاط الشخص لا ينحصر فيه، بل يسري إِلى الآخرين، ولإتمام التطهير يجب أن يكون العقاب علناً مثلماً كان الذنب علناً. وبهذا يتّضح الجواب عن السؤال: لِمَ يعرّض الإِسلامُ كرامة إنسان بين الناس إلى الخدش والامتهان؟ فيقال: ما دَامَ الذنبُ سِرَّاً لِمَ يَطَّلِعْ عليه أحَدٌ وَلم يبلُغ القضاء، فلا بأسَ بكتمانِهِ في النفس وإستغفارِ الله مِنْهُ، فإنَّه تعالى يَسْتُرُهْ بلطفِهِ ويُحبُّ مَنْ يَسْتُرهُ، أمّا إذا ظهر الجُرْمُ بالأدِلَّةِ الشرعيّةِ، فلابُدَّ من تنفيذ العقاب بشكل يبطل آثار الذنب السيئة، ويبعثُ على استفظاعه وَبَشاعته. ومن الطبيعي أن يولي المجتمع السليم الأحكامَ اهتماماً كبيراً، فتكرار التحدِّي للحدود الشرعيَّة يُفْقِدُها فاعليتها في صيانَةَ الطمأنينة والأستقرار في النفوس، ومِنْ هنا وجبت إقامة هذا الحَدِّ عَلَناً ليمتنع الناسُ مِن تكرار فاحِشَة ساءَتْ سبيلا. ويجب أن لا ننسى أن كثيراً من الناس يهتم باطّلاع الناسِ على سُوءِ فِعله أكثر من اهتمامه بِما يَنْزِلُ به من العقابِ على ذلك الفِعل الشنيع. ولهذا وجبت إقامة الحَدِّ على الزَّاني بحضور الناس، وهذا الإعلان لإقامة هذا الحدِّ الإِلهي أمام الناس قد يمنع المفسدين مِن الإستمرار في الفَسادِ ويكون بمثابة فرامل قوية امام التمادي في ركوب الشهوات. وبعد بيان حدِّ الزِّنا،

جاء في مجلة النور عن (زنـــا، زنــــى) بلغة الجذور: بعضهم عندما يريد كتابة (زنا) فإنه يكتبها بالألف الممدودة و آخرون يكتبونها بالألف المقصورة أي (زنى) لكن ما هو ضابط كتابة هذه الكلمة؟ قال تعالى: "ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا" سورة الإسراء. ذكر الفيومي في مصباحه أن هناك من يجعل المقصور والممدود لغتين في الثلاثي، المقصور لغة الحجاز والممدود لغة نجد. وقال ابن قتيبة في أدب الكاتب أنه حينما ترد الفعل إلى نفسك أي تسنده إلى ضمير رفع متحرك يتبين لك أصل الفعل إن كان من ذوات الياء أو من ذوات الواو،فتقول: زنيتُ أعاذنا الله وإياكم من الزنى فنعرف بذلك أن لام الفعل ياء فنكتبها على شكل ألف مقصورة،نحو زنى وقضى ورمى. قيل: تكتب بالألف الممدودة إن أريد بها الإسم فنقول مثلا: أحذر الزنا. الزنا هنا مفعول به فهو اسم، وكتب بالإلف الممدودة. و عندما نريد الفعل تكتب بالألف المقصورة فنقول مثلا: هذا الرجل زنى بتلك المرأة. هل هذا هو الضابط أم أنني مخطئ؟ جاء في صحاح الجوهــري ( مادة: ز ن ا ): الزِنَى يمدُّ ويقصر، فالقصر لأهل الحجاز. قال تعالى: "ولا تَقْرَبوا الزِنى". لأهل نجد. قال الفرزدق: ومَنْ يَشرب الخُرْطومَ يُصْبِحُ مُسَكَّرا أَبا حاضرٍ مَنْ يَزْنِ يُعْـرَفْ زِنـاؤُهُ. وقد زنى يَزْني. والنسبة إلى المقصور زِنَوِيٌّ، وإلى الممدود زِنائِيٌّ. وزَنَّاهُ تَزْنِيَةً، أي قال له يا زاني، كقولك: فسّقه وكفّره، قال له: يا فاسق ويا كافر. وتسمّى القردة زَنَّاءَةً. وقولهم: هو لِزِنْيَةٍ وزَنْيةُ: نقيض قولك هو لِرِشْدَةٍ ورَشْدَةٍ، ابن زنا أو ابن حلال. والمرأةُ تُزاني مُزاناةً وزِناءً، أي تُباغي وتسافح. ولمعرفة أصل الألف في الاسم والفعل يحسن اعتماد أكثر من طريقة، فقد يعترينا الوهم إن اعتمدنا طريقة واحدة. فالاعتماد على الرسم وحده قد يوقع في اللبس، فالكوفيون مثلا يكتبون رضى في نحو (رضى الوالدين من رضى الله) والبصريون يكتبونها رضا (رضا الوالدين من رضا الله)، ولو عدنا للفعل نجد الماضي رضي والمضارع يرضى، ولو أسندنا الفعل لتاء الفاعل لقلنا رضيت،فنظن أنها يائية، أما لو عدنا للمصدر (رضوان) لتبينا علة كتابتها رضا عند البصريين، وعرفنا أن أصلها واو، وأما عدم رسمها ألفا في الماضي فلانقلابها ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها، وبقيت هذه الياء عند إسنادها لتاء الفاعل.

جاء في موقع طريق الاسلام عن أيات في السياسة للكاتب مدحت القصراوي: وُجِدَت فئات متعددة من المعادين للإسلام: منهم من يُسِر التكذيب بعقيدة الإسلام أو يبطن الكراهة له (منافقون). ومنهم محبون للفواحش والشهوات (إباحيون) يريدون انتشار الفواحش كقاعدةٍ للحياة "فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ" فُسِّر هنا بالزنا. ومنهم (مرجفون) يشيعون الأكاذيب والشائعات كجهازٍ إعلامي في المدينة لتخويف المسلمين وإضعاف كيانهم السياسي وصد الناس عن الدخول في الإسلام. وقد غض رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه عنهم لفترة ثم عند عِزّ الإسلام وقوته آخر زمن النبوة تغير التعامل معهم عندما تمادوا في غيهم.. الآيات التي نزلت: "لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا" (الأحزاب 60-62). الحكم: الوعيد على هذا العمل السياسي أو الاجتماعي أو الإعلامي المناهض للإسلام والمُهدِّد لكيانه ولجماعته والمحارب لقيمه، هدّدهم بالقتل بقوله: "لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ" يعني لنأمرنك بقتلهم إن لم ينتهوا. كما حكم بلعنهم، فأسقط اعتبارهم الاجتماعي وهدَّد بأن القيادة المسلمة قد تُقدِم على قتلهم.. كما أوضح أن ظهور هذه الفئات القذرة أمر متكرِّر في مواجهة الرسل، وأن الرسل أُمرت بقتلهم في حينها، فهم مشابهون لمن قبلهم، وهناك سُنة في التعامل مع أمثالهم.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=193275
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 05 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12