• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : صلاة الليل .
                          • الكاتب : السيد اسعد القاضي .

صلاة الليل

 

ينتصف الليل.. تنتثر النجوم في كبد السماء.. تنام العيون، وتسكن الأصوات.. تُفتح أبواب السماء بالعفو والرحمة.. ينادي المنادي من قِبل ربّ العزّة: هل من سائل فأعطيه؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟.. يحين للديك الموكّل من الله تعالى أن يضرب بجناحيه ويقول: «سبّوح قدّوس، ربّنا الله الملك الحقّ المبين، فلا إله غيره، ربّ الملائكة والروح»، فتضرب الديكة بأجنحتها وتصيح.

عند ذلك يفيق المؤمن من نومته، فيقوم من رقاده ولذيذ وساده، قائلاً: «الحمد لله الذي ردّ عليّ روحي، لأحمدَه وأعبدَه»، متوجهاً إلى ربه، ملبّياً نداءه،  ملؤه الخشوع لخالقه، وقد اجتمع في قلبه الخوف والرجاء؛ خوف من عذاب الله وأليم عقابه، ورجاء لمغفرته وجزيل إحسانه، وشفتاه تتحركان: «إلهي غارت نجوم سمائك، وهجعت عيون أنامك وأبوابك مفتّحات للسائلين»

ـ إنه يقوم الليل من أجل ماذا؟! لقراءة القرآن؟ أم للدعاء والاستغفار؟ أم لماذا؟.

ـ وأيّ عملٍ آنذاك أفضل من صلاة الليل، وهي تحتوي على القرآن والدعاء والاستغفار، ولها فوائد روحية وماديّة كثيرة، فوائد دنيوية وأخروية، وقد أعدّ الله تعالى لمصلّيها ثواباً عظيماً وجزاءً جميلاً، كما ورد ذلك عن المعصومين (عليهم السلام)، بل ورد أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لرجل لم يؤدّها، قال (عليه السلام) له: «أنت رجل قد قيّدتك ذنوبك».

وقد اختار الله تعالى لهذه الصلاة وقتاً مناسباً، وهو من منتصف الليل إلى الفجر، حيث يكون الإنسان في هذا الوقت ـ عادةً ـ بعيداً عن أمور الدنيا وزخارفها، ولا تُشغله أصوات بني البشر عن التوجّه إلى خالقه، بل حتى إنارة المكان الذي يصلي فيه، ربّما يكون لها دور في انشغال الذهن والانصراف عن التوجّه في العبادة.

وفراغ البال وعدم انشغاله يكونان سبباً من أسباب التوجه والخشوع، ويجعلان القراءة والدعاء والذكر تصدر منه عن وعي وفهم وقصد، لا أنه مجرّد أداء وظيفة قد ألزم نفسه بأدائها.

ومزيّة أخرى ممكن أن نضيفها، وهي أن المصلّي يكون ـ عادة ـ بعيداً عن أعين الناظرين، فلا يدخل قلبه شيء من الرياء وحبّ العبادة أمام المخلوق.

كما أنه تسنح الفرصة للمصلّي ـ في هذا الوقت ـ اختبار نفسه أنه من أهل الرياء أو لا، حيث إن من علامات المرائي أنه ينشط إذا رأى الناس، ويكسل إذا كان وحده.

مضافاً إلى أن القيام قرب الفجر والناس نيام له دور في كبح جماح النفس التي تميل إلى الراحة، وترويض لها على مخالفتها. 

هذا وغيره له انعكاس معنوي على المصلّي، وموجب لصفاء نفسه، وطهارة قلبه، كما أنه له الأثر الكبير في ابتعاد الإنسان عن كلّ ما يحول بينه وبين الله تبارك وتعالى.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=192835
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 04 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13