• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : بحوث ودراسات .
                    • الموضوع :  ما لم يدونه التاريخ عن الإمام علي بن أبي طالب (ع) انه معجزة النبي (صلى ) .
                          • الكاتب : د . راجي العوادي .

 ما لم يدونه التاريخ عن الإمام علي بن أبي طالب (ع) انه معجزة النبي (صلى )

 أعداد
الشيخ حسن بن فرحان المالكي
مفكر أسلامي وكاتب سعودي
تقديم
راجي العوادي
باحث أكاديمي وكاتب عراقي
2013

المقدمة
الآلاف من الكتاب والباحثين من مختلف الأديان والمذاهب كتبوا عن سيرة الأمام علي (ع) لكن تبقى كتابات المفكر الإسلامي السعودي حسن بن فرحان المالكي هي المميزة والمفضلة عند القراء جميعا للموضعية التي اتصف بها وللمنهج العلمي والمنطقي الذي تعامل به مع الأحداث ولقوله كلمة الحق دون تردد او محاباة احد , لم يكن هذا الرجل في يوم ما متحزب الى حزب او منتمى الى مذهب بل هو مسلم على الإسلام الصحيح لا الإسلام  الكاذب المزيف الذي كتبه كعب الأحبار ورواه ووثقه بنو امية .... لقد تخلى المالكي عن مذهبه الحنبلي وأعلن الحرب على المذهب السلفي لذا مَنً الله عليه بان شرح قلبه للأيمان وافعمه بحب اهل البيت عليهم السلام.... اليوم الشيخ ياتي بنتاج فكري جديد يجسد فيه عظمة الأمام علي (ع) الرجل الثاني بعد رسول الله ( صلى ) والذي هو معجزته ونفسه التي بين جنبيه بالمصادق أفضل وأسمى وابلغ تجسيد  .... وانني اشعر غاية السرور والسعادة لتقديمي هذه الدراسة له عسى الله ان يمن علينا بالخير والبركة والمعرفة الوافرة التي وفق لها شيخنا المالكي .


كثيراً من الملامح بل والحقائق قد تستفيدها من تدقيق النظر في الخبر، فتستنطق ما سكت عنه , وقد يكون المستنطق من مجموعة الأخبار أقوى مما صرحت به بعض الأخبار، فهو كالتواتر المعنوي أو قريباً منه ، وسأحاول هنا تطبيقه في موضوع الإمام .
بالإجماع أن الإمام علي بن أبي طالب تربى - حقيقة وليس دعوى - على يد النبي صلوات الله عليه ، من قبل بدء الوحي بسنين واستمر بعد الإسلام وهذا ما لم يتوفر لغيره من الذكور، حتى زيد بن حارثة مولى النبي إنما أتى إلى النبي شاباً مراهقاً هدية له من زوج النبي خديجة بنت خويلد , إذن فهذه الخصوصية من التربية ولملاصقة للنبي صلوات الله عليه من خصائصه الكبرى التي لا يكاد ينتبه لها أحد ، ولها أثرها البالغ على الإمام علي , بل من يوم مولد الإمام علي وهو تحت نظر النبي صلوات الله عليه ، لأن النبي كان يكفله أبو طالب ، وبقي مع أبي طالب في بيته إلى أن تزوج خديجة.
وكان مولد الإمام علي قبل بدء الوحي بنحو ثلاثة عشر عاماً ( وليس سبع سنوات كما يشهره النواصب) وكان ضم النبي له قبل سبع سنوات من بدء الوحي , ومن الطبيعي أن الست السنوات الأولى التي كان فيها الإمام في بيت أبيه أبي طالب كان تحت نظر النبي وحبه واهتمامه فالعائلة واحدة أصلاً.
وكان موطن العائلتين في شعب بني هاشم ( والشعب يمتد من الصفا والمروة اليوم إلى الخلف جهة الشرق) وهو الشعب الذي حوصر فيها بني هاشم فيما بعد.
كان النبي قد ورث بيت أبيه عبد الله ( عند الصفا حالياً) وبيت أبي طالب في الخلف قليلاً جهة الشرق، والشعب صغير أصلاً، وعائلة أبي طالب عائلته , ولذلك عندما تتصور هذا التلاحم والحب بين النبي صلوات الله عليه وبيت أبي طالب فسيكون كبيراً، لدرجة ذوبان العائلتين في عائلة واحدة.
وأما ما بعد الست سنوات الأولى من عمر الإمام علي ، فقد تم انضمام الإمام علي بالكلية إلى بيت النبي قبل البعثة بحوالي سبع سنوات , ومن هنا تأثر الإمام علي تأثراً كبيراً بخلق النبي الكريم العام، وتعبده الخاص، وخاصة في غار حراء، فقد كان يوصل له الطعام هناك ويلبث معه.
ومن هنا فالإمام علي هو الذي ينطبق عليه حقيقة ( تربية النبي صلوات الله عليه ) لأنه فعلاً تربيته من قبل الوحي وبعده، فقد كان له بمنزلة الابن وكان في النبي صلوات الله عليه وسلامه جاذبية كبيرة نتيجة للخلق الكريم فلذلك رفض مولاه زيد بن حارثة العودة مع أبيه وعمه تأثراً بهذا السمو.
فإذا كان هذا الأثر قد حصل في زيد بن حارثة فكيف بهذا الشاب الذي كان تحت عين النبي ورعايته وتربيته منذ الصغر؟ لا شك سيكون في الذروة , وكان الإمام علي يتلو النبي ويتأثر به في كل شيء، منذ سبع سنوات على الأقل ، قبل بدء الوحي ، ولذلك كان يقول ( عبدت الله وصليت قبل الناس بسبع )
فهذا القول للإمام علي - وهو صحيح رواه أحمد وغيره- يحمل على هذه الفترة قبل الوحي وأنه كان يتعبد مع النبي في غار حراء ، فقد كان تام الاتباع لنتصور النبي في بيته بعد الزواج من خديجة مباشرة ، لم يكن إلا أؤلئك الثلاثة 
( محمد - خديجة - علي) بيت صغير ملؤه التأمل والخلق الكريم .
ولنتصور الإمام علي وهو يذهب بالطعام للنبي وهو متعبد في غار حراء ، ألم يكن بينهما حديث عن سبب هذا التعبد؟ عن الخالق وملة إبراهيم الخ ... لابد أن يكون بينهما الأحاديث الطويلة والتأملات في ملكوت السموات الأرض ، وآيات الله ، ودين الأنبياء ، وضلال قريش وشركها ومساوئ أخلاقها.
هؤلاء الثلاثة ( محمد وخديجة وعلي) كانوا بذرة إلهية في شعب بني هاشم ، ملأ الله بهم الدنيا نوراً وهداية وخلقاً وعلماً ومعرفة , هذا البيت الصغير ابتلاه الله ليرفع درجته ، ابتلاهم بعد الوحي بالتكذيب والحصار والوحدة والوحشة والأذى من قريش الفاحشة الجشعة المشركة.
هؤلاء الثلاثة ما اشتد البلاء على قوم كما اشتد عليهم , فخديجة بعد تجارتها العريضة ماتت فقيرة في أواخر حصار الشعب , والنبي ما أوذي نبي مثله , والإمام علي فقد أباه في آخر حصار الشعب , وفقد أمه في المدينة , ثم فقد ركنه الأعظم وهو النبي , ثم فقد ركنه الأصغر فاطمة الزهراء , ونزل به الدهر 
نعود لسيرة الإمام علي في العهد المكي ، ولن أذكر المشهور، وإما استنطق ما لم ينطقه التاريخ ، لأن هذا التاريخ لا يحتمل ذكر كل هذا الفضل .
كان الإمام علي بشهادة النبي ( يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ) وهي شهادة عظيمة تخبر بحقيقة الرجل مهما حاولت قريش التخفيض من منزلته حسدا , هذا الرجل ( الذي يحب الله ورسوله) كان يحب النبي حباً شديداً وعلى هذا فهو يتأذى من كل أذى يصيب النبي وكل سب أو شتم ، فشارك النبي في الأجر بمعنى أنه ما من تضييق أو شتم أو تكذيب أو سفاهة يصاب بها النبي من قريش إلا أصيب بها الإمام علي، ويشعر بها يومياً، وهذه من خصائصه الكبرى 
لا نقول هنا بأن بقية بني هاشم وخلص الصحابة وخاصة من المستضعفين لم يكونوا يتأذون بما يحصل بلى لكنه دون شعور الشاب الملاصق المحب المتابع , لأن الإمام علي اجتمع له أكثر من جانب ربما لم تجتمع لهم,
فالصحابة لا يعرفون كل أذى يحصل للنبي بينما علي معه وفي بيته ويصله كل الأذى .
كما أن تأثر الصديق أخف من تأثر الابن ( وكان علي بمنزلة الابن أو الأخ الأصغر المحب) فأثر الأذى الذي يلحق بالنبي قد لحق به ، وشاركه الأجر.
وهنا أيضاً لا نقول أن الأجر متساوٍ بين النبي وبينه ، ولكن مقدار تأثر الإمام علي بالتكذيب والأذى اليومي الذي كان يحصل للنبي كان الأقوى بعده , وللإنسان أجر بقدر التأثر وقرب الألم، للنفس ثم الأقرب فالأقرب ، ولأجل هذا كان النبي يوصي بقرايته لأنهم وجدوا من الأذى ما وجده للنبي تقريباً , ولأن قريش أهل حسد، فقد أنكروا خصائص الإمام علي عصبية، كما أنكروا النبوة نفسها عصبية وهي أعظم، فلا نستغرب ما أوجدوه من حساسية هنا.
ولذلك استطاعت قريش أن تلتف على النبوة وأهل البيت ، فافتخرت على العرب بالنبي الذي آذته وأخرجته من مكة وحاربته ثم حكمت الناس باسمه , كما التفّت قريش على أهل البيت (ورأسهم الإمام علي) فزعمت أنهم عشيرة النبي الأقربون وأولى الناس به! فحاربت علياً ولعنته وقتلت أبناءه.
كما استطاعت قريش أن تلتف على (تربية النبي للإمام علي) فزعمت أن (كل الصحابة) تربية محمد حتى من حارب النبي ولعن علياً على المنبر! واستطاعت قريش بقيادة الأفجرين (مخزوم وأمية ) أن يعملوا التفافات ثقافية على كل خصائص أهل البيت فيفرقوها في القبائل وينتجوا ثقافة مضادة.
هذه الثقافة القرشية الأموية المضادة لا تجد فضيلة لأهل البيت إلا أشركت الجميع فيها ولا خطيئة لغيرهم إلا أدخلوا أهل البيت فيها.ولذلك لا تكاد قريش تجد فضيلة للإمام علي إلا وقد أوجدوا حولها تشويشاً كثيراً من أحاديث معارضة أو تفريغ الفضيلة من الداخل، فالعصبية شديدة.
ولذلك تجد أعلام هذه الثقافة - كابن تيمية - لا يقر للإمام علي بأي فضيلة ينفرد بها، فلابد أن يُشارك فيها، وكل ذم لآخرين لابد أن يدخل فيه.
وهذه ثقافة العصبية التي توعد الشيطان أن يغوي بها الناس فالعصبية من فروع الكبر والكبر الإبليسي يعترض على الله ولا يرضى بأوامره حسداً وبغيا , بل وصل الأمر بهؤلاء أن قال بعض المعاصرين كسليمان الخراشي ( ما من ذنب ارتكبه معاوية إلا وهو في علي ) وأقره الشيخ صالح الفوزان إلى هذا الحد!
والغريب أن الغلاة من القبائل المختلفة يتبعون ( ثقافة قريش) التي أنكرت النبوة نفسها حسداً ، وأنكرت خصائص الإمام علي وأهل البيت حسداً أيضاً.
والأغرب أن الإمام علي ليس له أية إساءة لهذه القبائل ، لا في قتال مانعي زكاة ولا غيرها، وإنما حربه لقريش في بدر وأحد والخندق وصفين!
على كل حال لن أتشعب لأني أخشى على الجميع وقد تفسد القلوب كما فسدت من قبل لأن ابتلاء الله شديد لا ينهض به إلا من امتحن الله قلبه للإيمان. أعود وأقول: لأهل السنة والحديث فضل كبير في تثبيت فضائل الإمام علي وهذا من فضل الله وتوفيقه لهم وإلا فقد نشؤوا في دول منحرفة عن الإمام. فالفضل لله أن وفقهم لهذا بل حتى النواصب يعترفون أحاط الله بهم وزرع فضائله الكبرى في تراثهم كما زرع موسى في بيت فرعون!
ما سبب هذا الشقاء والجهل والقتل والكراهية عند المسلمين وفيما بينهم؟ من عرف الإمام علي بحق ومراد الله منه وما جرى بعد عرف هذه الأسرار
معرفة سنن الله هي الأصل وقد حصل عليها تشويش من الشيطان حتى نبقى في صراع عن الأولى بالخلافة والأفضل ...وكأن المسألة سلطة فانية!! هذا وهم
نحن لا نفهم سنن الله ، سنن الله كان سيعرفنا عليها الإمام علي لو أن قريشاً خاصة والعرب عامة رضيت بما اختاره الله لها .. هنا الابتلاء
ثم يختبر الله به قريشاً - التي ستقود السياسة والمعرفة الإسلامية إلى يوم يبعثون- لله حكمة في كونه هاشمياً بعد نبي هاشمي ليكتمل الابتلاء
فأخذت بعض الغلاة من المنتسبين إلى هذه القبائل ، أخذوا ثقافة قريش التي تحدرت إلى بني أمية ثم إلى ابن تيمية وحسدوا الإمام علي أن ينفرد بشيء , بل لم يرتضوا أن ينجوا من أي جريمة فعلها معاوية فزعموا - تبعاً لابن تيمية - تلك الفرية التي سطرها الخراشي وقدم لها الفوزان ... هذا نصب بلا شك.
على كل حال فالتضييق على فضل محمد وآل محمد قد بدت بوادره من أيام النبوة نفسها، حتى اضطر النبي صلوات الله عليه للدفاع عن أهل بيته وهو حي.
ومن ذلك الحديث الذي صححه الالأباني في السلسلة الصحيحة - (5 / 222) (ما تريدون من علي ؟ إن عليا مني و أنا منه و هو ولي كل مؤمن بعدي )
فقوله ( ما تريدون من علي ) فيه دليل على كثرة إزعاجهم له بمحاولاتهم تنقص علي وذمه وحرصهم على استخراج أي نقد من النبي له، وهذه عصبية قرشية.
وكأن القصة تكررت وتأذى الإمام علي من ذلك، فطمأنه النبي بقوله ( أنت مني وأنا منك ) كما في (صحيح البخاري - (3 / 1353).... فالقوم مصرون!
ومن هذا الباب قال النبي صلوات الله عليه ( لا يحب علياً إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق) رواه مسلم وأحمد وغيرهما والسبب واضح ..... أتعرفون ما هو؟
 لأنه ( بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة) كما تواتر في الصحيحين وغيرهما فمن زعم أنه يحب موسى عليه السلام لكنه يتقص هارون فقد كذب ونافق.
إذن فالإمام علي في الفترة المكية كان هو الذي وقعت عليه تربية النبي بحق وكان الرجل الثاني الذي يسمع القرآن
 وتأذى بكل أذى أصاب النبي ...
ومن خصائصه الكبرى في العهد المكي أنه صحب النبي في محنته في حصار الشعب ثلاث سنوات لم يشارك الصحابة الآخرون في المعاناة من هذا الحصار.
وهذه المعاناة رغم أنها استمرت ثلاث سنوات إلا أن قريشاً وثقافتها قد عملت على إهمالها من الوجدان وكأن الصحابة كلهم حوصروا في شعب بني هاشم! .. هذا الحصار وفضل البلاء فيه من الجوع والخوف كان خاصاً بالنبي وبني هاشم ولم يشترك من الصحابة معهم في هذا الحصار إلا أبو سلمة وزوجه أم سلمة ... هذه الثلاث سنوات فقط كافية بزيادة صحبة الإمام علي على بقية الصحابة هي صحبة ملازمة في البأساء والضراء ولن يكون النبي ساكتاً طول هذه المدة و طول هذه المدة والقرآن ينزل وحكمة النبي تتدفق لساناً وحالاً، في الصبر وفهم أسرار الله في خلقه وابتلائهم، وعلي يتلقى هذه الثقافة والإيمان.
هذه وحدها كفيلة بتفضيله على من لم يكابد هذا الحصار الطويل ولو من حيث تلقي العلم علماً وعملاً لا سيما وأن القرآن يتكثف نزوله ساعات المحن.
هذا مما سكت عنه التاريخ في العهد المكي ولم أذكر ما ذكره التاريخ من كونه أول من أسلم ونومه في فراش النبي وأدائه الأمانات أيام الهجرة ..
ولم استفرغ كل ما يمكن استنطاقه مما سكت عنه التاريخ من فضائل الإمام علي لأن الواقع يتعبه المنطوق فكيف باستنطاق ما لم ينطق به التاريخ؟
 وعلى كل حال من يتتبع سيرة الإمام علي وقربه من النبي صلوات الله عليه فإنه يجد أن الإمام علي هو الأكثر تأهيلاً لفهم الإسلام والتعبير عنه.
ومن هنا أتى الحديث ( لا يؤدي عني إلا علي) من هذا الباب، والمقصود الأداء الكامل الشامل، أما الأداء الجزئي للأحاديث والسنن فله ولغيره.
وهذا ما وجدناه في ثقافة الإمام علي فهي تشبه ثقافة القرآن فيها معرفة الله والتدبر في الكون ومعرفة السنن الإلهية والإيمان العميق الخ ... وقلما تجد في الثقافة الحديثة هذه الموضوعات مجتمعة ، إذ تجدها فقيرة من التفكر في الكون وفضيلة العقل وسر الابتلاء الخ ، وهذا نقص في تأديتهم لأنه يستحيل أن يكون التفكر في الكون كثيفاً في القرآن وفي ثقافة الإمام علي ثم لا نجده في أحاديث النبي ، فالنبي أعلم وألصق بالقرآن، فما السر؟
 السر هو في القصور في ( التأدية) كان النبي ينضح عن القرآن ، فما كثف القرآن الحديث عنه لابد وأن النبي يفعل ذلك ، لكن لم يؤد عن النبي إلا علي .
المقصود هذا الأداء الكامل بكل موضوعات الرسالة موضوعات الرسالة تبدأ من معرفة الله وتنزيهه وتشمل الكون والعقل والابتلاء وفهم التاريخ الخ ... التأدية التي نقلها غيره من الصحابة لم تكن كاملة ضاع التفكر في الكون
 ومدح العقل والتفكر , وضمر العدل , ولم تعرف الشهادة لله الخ .... هذا قصور واضح .
لا يمكن أن يبقى النبي صلوات الله عليه طوال نبوته لا يمدح العقل والتفكر والنظر مطلقاً حتى قال ابن القيم ( لا يصح في مدح العقل حديث) لماذا؟
 هذه مسألة كبيرة فانتبهوا لها رجاء لوجه الله , واتركوا العصبية التي تعمي عن الحق , فالتأدية الكاملة للدين لابد أن تشمل هذه الأمور.
طيب .... لماذا نجد هذه الأمور مكثفة في القرآن ولم نجدها في كتب الحديث كالعقل وفضله مثلاً , لماذا؟
 هل يعقل أن النبي لم يذكر العقل قط؟ ... لا يعقل !!
لماذا لا يعقل؟ كما ذكرا سابقاً بأن النبي كانت ثقافته القرآن
 وعلى هذا فلا يعقل أن تخلو أحاديثه من ذكر العقل كما زعم ابن القيم في المنار.
إذن من أين أتى الخلل؟ 
 من القصور
 وقد سد الإمام علي هذا القصور في التأدية بتأكيده على موضوعات القرآن ومن هنا جاء ( لا يؤدي عني إلا علي )
ولكن كيف خفيت الأحاديث في موضوعات كبرى حفل بها القرآن الكريم وقد ذكرنا نماذج منها كالعقل والابتلاء والشهادة لله والتفكر في المخلوقات الخ.. ?
هذه لها قصة كبيرة جداً خلاصتها أن لها علاقة بالشيطان نفسه وحرصه على إطفاء أنوار الحيوية لهذه الأمة.
 ومن أهم تلك الأمور ما ذكرناه , فالتفكر في المخلوقات مثلاً هو دين في القرآن الكريم .. لكنه ضامر إلى حد العدم في الأحاديث المنقولة ... مع أن النبي أتته نبوته متفكراً في الغار .
 الشيطان عدو لبني آدم كلهم ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألأا تعبدوا الشيطان)؟ والشيطان يعرف أن التفكر في المخلوقات طريق من طرق معرفة الله وأن التفكر في المخلوقات قد يتيح لنا اكتشافات تريحنا يف الدنيا ونعرف بها سنن الله وقدرته وحكمته بدقة أكثر لذلك لابد من إطفاء هذا النور.
واستطاع الشيطان أن يطفئه في عقولنا ونفوسنا مع وجوده في القرآن وذلك بتضخيم موضوعات العبادات التفصيلية حتى اختلف في كيفية الوضوء والصلاة فاخترع لنا اختلافات في تفصيلات الوضوء والصلاة والصوم الخ... فمن حيلة الشيطان وذكائه أنه أوجد خصومات بين المذاهب هنا ... وأنساهم الأمور الكبرى .
ولذلك فانظروا الموضوعات الكبرى في ثقافة القرآن والفقيرة إلى عد العدم في ثقافتنا وستجدون فيها سعادة الدارين.
التفكر في الخلق مثلاً فعله الأوروبيون بلا وحي وظفوا عقولهم فوصلوا إلى ما وصلوا إليه واخترعوا المخترعات حتى من التفكر حتى الحشرات لماذا؟
 لأن الوحي لا يمنع الناس من أن يتفكروا وإنما يحث عليه لكن الشيطان غطى على ثقافة القرآن بثقاقة روائية ليس فيها هذه الأنوار فكان ماكان ...
إذ أقبلنا على هذه الأحاديث وروايتها ورجالها وأسانيدها وجرح رواتها وتعديلهم والاختلاف فيهم ...الخ وتركنا القرآن للتلاوة في رمضان , وعلى هذا فمن الطبيعي جداً ألا ندرك أهمية ما ذكره القرآن عن منابع الحيوية لهذه الأمة وتنبه لها الآخرون بالعقل - هذه النعمة الكبرى- فسبقونا .
الإمام علي كان من القلائل الذين نقلوا الثقافة القرآنية نقلاً كاملاً من معرفة الله وأسراره في خلقه إلى التفكر في الكون إلى العقل الخ ... لذلك لا يمنع أكثر الناس من الاستفادة من ههذ الثروة إلا ما منع قريشاً من الإيمان بالنبوة
 الحسد وفقط ! والحسد فرع من فروع الكبر وعد إبليس!
فإبليس وعد بأن الأمر الذي أغواه الله بسببه سيغوي به بني آدم ( قال فبما أغويتني لأغوينهم) ... أغواه بكبره
 وهو بهذا الكبر سيغوي بني آدم !
فلذلك يفرع كبره فروعاً , كبر قبلي , وكبر مذهبي , وكبر بلداني , وكبر علمي وثقافي وحسد وفخر ... وهما من فروع الكبر أيضاً.
والمعرفة - أياً كانت- لأنها عطية الله فلا يتم نيلها إلا بتواضع وهذا التواضع المعرفي عند الغربيين هو الذي أنتج فهمهم لأسرار الكون والإنسان ..
فالقضية معقدة وطويلة ومتشابكة جداً ودعوتي للجميع ألا يمنعهم الكبر من الاستفادة من علوم هذا الإمام وخاصة في دقائق الإيمان وكليات المعرفة.
وبما أن الإمام علي معجزة من معجزات النبي صلوات الله عليه - كما قال الواقدي- فسيحرص الشيطان على تشويه معرفتنا به بأحاديث وروايات وخصومات !
ولا يجوز أن نكون ضيقي الأفق ونتحسس من تفضيله فليكن الأفضل فما الضرر القول بتفضيله مع هذه الفوائد والمعارف أفضل من تأخيره مع الحرمان منها إن التعبد بتفضيل فلان وفلان عليه ليس أولى من التعبد بالثقافة القرآنية التي نقلها فالشيطان يريد حرمانك منه من باب خشيتك من تفضيله!
فالتفضيل أصبح عقيدة راسخة عند البعض ولعلها تزيد على أوامر الله بالتفكر وإخباره بسنن الابتلاء وهذا حرمان كبير يقع فيه المنحرفون عن الإمام .
كما أن الشيطان يدخل على محبيه ويدخلهم في شخصنته ، لا في حب عقله وهديه والاهتداء بعلمه في فهم الدين وحسن تأديته للإسلام ونقله له.
الإمام علي أكبر من السنة والشيعة هو قصة كبيرة جداً لم يتم اكتشاف كل جوانبها بعد , وهو - كما قال الواقدي- معجزة النبي صلوات الله عليه.
وقد أشغل الشيطان المتحمسين بتفضيل غيره عليه - وأكرر المتحمسين- ودفعهم لوضع أحاديث على لسان النبي وعلى لسانه تؤكد هذه العقيدة .
ومن ذلك ما نسبوه للإمام علي ( لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري )!وهذا موضوع على الإمام علي لكنهم يتحمسون جداً لنشره !
فالشيطان يروي لهم على لسان الإمام علي تنقيص الإمام وأهل البيت والرفع من أعدائه كتلك الرواية التي تقول ( لا تكرهوا إمارة معاوية )!
فالمشكلة معقدة جداً وعندما أقرأ كتب الغلاة في هذا الموضوع أجد نفسي عاجزاً من أين تأتي هذه الأوهام لكثرة مآتيها وليس لقلتها.
الطيبون من الغلاة لا يعرفون بالعربي الفصيح جهلة بالتاريخ والسير وأحوال الراكنين إلى الظالمين وأما المتعصبون فلو عرفوا سيكتمون ويستمرون !
لذلك فقد أثار الشيطان غباراً كثيفاً حول كل ما يمكن أن يعيد للدين وللأمة الحيوية هذا غباره حول القرآن نفسه
 وحول العقل , وحول الإمام علي أيضا , أغبرة الشيطان كثيفة , وتجد المعاندين يقفون عند كل مرصد , ما أن تفتح لهم نافذة نور حتى يرموك عن قوس واحدة ! هم أولياء الشيطان ومثيرو أتربته !
كان النبي ابتلاء لقريش خاصة لما عرف عنها من عصبية ، فأنكر معظمهم نبوته عصبية وكان الإمام علي ابتلاء إضافياً لهم بعد إسلامهم فأنكروا فضله !
لماذا لم يبعث الله نبياً حسب رغبة قريش في بعث رجل ( من القريتين عظيم )؟ لأن الله لا يطيع الناس إنما يجب على الناس طاعة الله !
تكبر الناس الذي بثه فيهم إبليس جعلهم يطالبون الله بمشاركته في اختيار النبوة ويأتون بالاقتراحات كبراً وعصبية
 كما فعل إبليس من قبل تماماً!
أبليس هو أول من أسس العصبية - كما قال الإمام علي- يعني هو من نار وآدم من طين وهذا الكبر العصبي بثه الله في نفوس قريش ... فتكبروا وتعصبوا .
الله يريد من الناس أن تكون القلوب والعقول خالصة للمعرفة ، وإذا خلصت للمعرفة عرفت الله وعبدته وأقبلت على شرعه هم لا يعرفون سر الله .
وكذلك ابتلى بني هاشم يوم الدار ( أيام إنذار العشيرة الأقربين ) فتكبر أبو لهب عندما قدم النبي علياً واختاره أخاً ووصياً فتكبر أبو لهب .
وهذا مما سكت عنه التاريخ والقصة طويلة فرقها الشيطان في أحاديث وروايات مشتتة مع أن القرآن واضح ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) هي دعوة خاصة قبل ... ثم تلاها الدعوة العامة لقريش في منتدياتهم وليس من فوق جبل أبي قبيس كما اشتهر في الروايات المشتتة المشكلة أن الناس لا يعرفون أثر قريش.
لو جمع الناس أوصاف قريش في القرآن الكريم لعرفوا أنهم لن يؤمنوا ( لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون) 
هذه الآية في حق قريش , القليل آمن . وعودا على بدء
قال الشيخ حسن بن فرحان المالكي .......طلب مني بعض الناس تفسير قول الواقدي ( كان علي بن أبي طالب معجزة النبي ) وهذا القول له معنى صحيح وخلاصته ما يلي: أن أبناءك يعرفون من عيوبك أكثر مما يعرف أصدقاؤك والأبعدون وبما أن الإمام علي كان ذروة في العلم والتقوى والزهد والعدل وحب النبي الخ ... فمعنى هذا أن الإمام رأى من جلال رسول الله وسمو خلقه وصدقه وسيرته ما جعل هذا الإمام يهتز إذا ذكر رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله , فإيمان الإمام علي القوي بالنبوة ، وشدة حبه وتعظيمه للنبي ، يؤكد أن ما تيقنه الأقرب المخالط كان أكبر مما عرفه الأبعد ، وهذا عكس طبيعة الخلق .
فأبناؤنا والمقربون يعرفون من عيوبنا أكثر مما يعرف الأبعدون إلا النبي صلوات الله عليه وهذا ناموس الأنبياء أنك كلما اقتربت منهم جذبوك أكثر , ولي تفسير آخر لكلمة الواقدي وهو أن تفجر الإمام علي علماً وحكمة وفصاحة وذكاء ( وهو تربية النبي وحده تقريباً ) دليل على تربية نبوة.
ولذلك عندما يصل الإمام علي للخلافة ثم يحرم نفسه من اجتماع إدامين (كالزيت والملح)ولا يجمعهما، فالملح عنده إدام، فماذا يعني؟ يعني اليقين ... يعني اليقين بهذه النبوة وبرر الإمام علي فعله بأن الله أخذ على أئمة العدل أن يكونوا كأدنى الناس طعاماً والسؤال: من أين أتت هذه المعاني؟
 لن تأتي هذه المعاني إلا من نبوة فالأنبياء سيرتهم واحدة في الزهد ، في الغنى والفقر، قد أخلصوا أنفسهم لله ، فأستخلصهم ، وألزموا أنفسهم الزهد أما غير الأنبياء من سائر المحتالين فقد يتظاهرون بالزهد ، ثم لما تنفتح عليهم الدنيا يقعون في الثراء وهذا ما لم يفعله النبي ولا الإمام علي .. صحيح أن الزهد في بعض الصحابة والتابعين والأمة أيضاً لكن زهد الإمام علي وتقواه كان له منهج خاص ، هو يعلل بعلل علمية أجمل من الزهد نفسه.
والإمام علي هو القائل (ما جاع فقير إلا بما متع به غني) هذه العبارة فيها خلاصة سنة الله ومعنى ( ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها)! ... نعم فالله قد أعطى كل بني آدم أرزاقهم في الدنيا , ولكن استولى بعض الخلق على أرزاق آخرين , ومن واجب الآخرين أن يطالبوا بحقوقهم من هذه الأرزاق.
مثلما تترك لعائلتك عشرة آلاف عندما تسافر وهذه العشرة آلاف تكفيهم فأنت قد أديت الواجب عليك وبقي على العائلة واجب حفظ هذا المال ورعايته , فإذا فرطت العائلة في المال وأعطته أحدهم ثم ذهب يبذره فالذنب ذنبها لا ذنبك لا سيما وأنك قد أخبرتهم بطريقة صرف هذا المال لكن العائلة عصتك ..
كان الإمام علي مكتملاً وما أن تبحر في صفة من صفاته حتى تظن أنها الأبرز علماً وشجاعة وقرباً ونسباً وزهداً ومروءة وشهامة وصبراً الخ... كان حجة مكتملة ليس لأحد عذر في الانحراف عنه لا من الزهاد ولا أهل العصبية ولا العلماء ولا العارفين ولا أهل المروءة والأخلاق ولا المستضعفين .
لذلك لا يحبه إلا مؤمن شريف ولا يبغضه إلا منافق لئيم وقد حماه الله من حب كل لئيم ومنافق , كما حمى رسوله من قبل, كما سيأتي البيان .
فالذين يحبون النبي من أهل العصبية من قريش يحبونه لأنهم يضنونه صاحب عصبية لقريش والذين يحبونه من أهل العنف يضنونه صاحب عنف فهم لا يحبونه
 لأن أهل العنف والغلو مثلاً .. لو عرفوا أنه ليس بصاحب عنف لما أحبوه لكنهم ارتضوا ما وضعه أهل العنف في سيرته فأحبوه لظنهم عنفه وعلى هذا فقس , فالنبي الحق بكامل صفاته التي منحه الله إياها لا يحبه أهل الغلو ولا اللؤم ولا العصبية ولا الكبر ولا الفخر ولا العنصرية ...الخ ...
لو عرفوا أنه ضد هذه الأمور لما عرفوه فالمنافقون من قريش مثلاً 
( أو النواصب كمحب الدين الخطيب ) يحبه لأنه يظن أنه يحب بني أمية مثلاً! لكن لو اكتشف محب الدين الخطيب أنه مات وهو يبغض بني أمية وأنه قد ذمهم في أحاديث كثيرة لما أحبه فالله يحمي نبيه كما هو - من حب من لا يستحق .
وكذلك الإمام علي قد يحبه بعض النواصب من جهة ويبغضونه من جهات قد يحبونه لظنهم أنه يحب معاوية مثلاً فيبقون له بعض الفضل لهذا السبب!.. مثلما يحبون الحسن لظنهم أنه بايع معاوية وأحبه وارتضى حكمه مختاراً وأنه يذم سيرة أبيه ..الخ.... هم يظنون هذا لروايات وضعها أسلافهم فأحبوه لهذا , ولو علموا رأي الحسن في معاوية , وأنه لما خذله أكثر الناس تركهم لمعاوية وتركه لهم , إملاء له وتمحيصاً لهم وابتلاء للفريقين... لما أحبوه.
وكذلك بعض النواصب يحبون الحسين من جهة وهو ظنهم أنه في آخر ألأمر أراد البيعة ليزيد ورضيه خليفة! ولو علموا كذب هذه الرواية لما أحبوه! فلذلك قد يلعنون يزيد ويترحمون على الحسين ويغتر بهم من لم يدقق غافلاً عن أسباب هذا الحب ، فهم كانوا يتمنون أن يرونه مبايعاً ليزيد! فهم يلعنون قتلته لأنهم حرموهم من هذا المنظر المفرح لهم لو حصل! وحتى يجتمع كل الناس على يزيد! وليس لعنهم لقتلته إلا من هذا الباب فافهموا!... إذن فالذين يحبون النبي أو الإمام علي أو الحسن والحسين من المنافقين وأهل الريب واللؤم إنما يحبونهم لأنهم يظنون فيهم أهواءهم! .... فافهموا! ... حتى الله عز وجل قد حمى نفسه من محبة أهل اللؤم والنفاق والكذب وهم إنما يحبونه لأنهم يظنون أنه أعطى الأمر لبني أمية وقدره برضا! ولو علموا أنه إنما أعطاهم كما أعطى فرعون وأملى لهم ( ليزدادوا إثماً مع إثمهم) لما أحبوا الله .
ويحبونه لأنهم يظنون أنه نصر هؤلاء الظالمين إذن فحب أهل اللؤم والنفاق ليس للشيء كما هو وإنما للشيء المتوهم يحبون ما يتوهمونه من الله ورسوله وأهل البيت والقرآن والحديث الخ....
وعلى هذا فالله قد حمى نفسه ونبيه وأولياءه وكتابه من حبهم حقيقة! وإنما يحبهم المنافقون توهماً بأنهم على عقائدهم! فافهموا السر!
وهذه الأسرار الدقيقة من اللطائف التي لن تجدونها إلا نادراً , فحاولوا أن تتفهموها , وستحل لكم كثيراً من الإشكالات التي كنتم تجهلون أسرارها!
نحن لا نفهم سنن الله ، سنن الله كان سيعرفنا عليها الإمام علي لو أن قريشاً خاصة والعرب عامة رضيت بما اختاره الله لها .. هنا الابتلاء
ثم يختبر الله به قريشاً - التي ستقود السياسة والمعرفة الإسلامية إلى يوم يبعثون- لله حكمة في كونه هاشمياً بعد نبي هاشمي ليكتمل الابتلاء
وذلك لأن الإمام علي - كما قلت- هو قصة كبيرة فوق السنة والشيعة نعم يفهمون منه جوانب مع قلة تعمق ويجهلون منه جوانب أخرى أجل وأرفع. سيطرة (الجانب السياسي) على السنة والشيعة في موضوع الإمام علي وأسهم هذا في ضياع الإمام علي كمعنى وخسر الفريقان كنزاً معرفياً وإيمانياً. ربما يصعب فهم هذا الأمر إلا بربطه بسنن الله في الخلق ربما كان النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله يتمنى لو لم يكن الإمام علي هاشمياً ، لكن حكمة الله وابتلاؤه يأبى إلا أن يجعله هاشمياً اختباراً للعصبية القرشية ثم العربية ويمنحه هذه الخصائص من التربية والعلم والهدى
والجانب السياسي ليس الأسف عليه هو ذهاب سلطة كلا .. لكن أسف الإمام علي عليه أسفاً على الهدى والمعرفة والإيمان وغيرها من المعاني التي ستتناقص! مثلما يأسف الأكفأ بإدارة مدرسة على حرمانه من إدارتها ليس حباً منه للعلو في الأرض ، فهو مؤمن ويعرف ضرر حب العلو ولكن الأسف على ما سيفوت. من هذا الباب كان أسفه على فوات الخلافة ليست مسألة عنصرية وسلطة وهذا ما لا يكاد يحسن عرضه سنة ولا شيعة. تحليلهم شبه جاهلي إلا في النادر من حسنات أهل السنة أنك لا تتيقن فضائل الإمام علي إلا من طريقهم ومن حسنات الشيعة أنهم أبقوا رايته مرفوعة رغم كل المصائب والمحن والاضطهاد. لابد أن يحصل الخلاف في الإمام علي بين إفراط وتفريط فالشيعة في الغالب - غالب جمهورهم - ينصرونه في الجانب السياسي ويتناسون بقية الجوانب. فالجوانب الأخرى (الإيمانية والحقوقية والمعرفية والاجتماعية ) في الإمام علي ، لا تحظى بهذا الاهتمام وتسليط الأضواء والتأسي والدراسات والبحوث !
الإمام علي معنى وليس شخصية تاريخية بارزة فقط ، هو معنى يجمع كل المعاني الجميلة .. هو طريق من طرق معرفة الله. 
هنا سأذكر حسنات السنة والشيعة في موضوع الإمام علي ونقد الشيعة والسنة فيه أيضاً ففي ظني أن الفريقين قد أحسنا من وجه وأساءا من آخر. 
وأول مسألة يجب أن أقولها أن الإمام علي عبد من عبيد الله والعبودية لله أشرف ما يصل إليه الإنسان ، ليس له إلا ما أعطاه الله وتفضل به عليه. 
الثانية : أن الإمام علي شخصية لا تقبل التوظيف. لا لسنة ولا شيعة ولا حتى مسلمين يتم توظيفه للمعاني والحقائق العميقة والحقوق الإنسانية. 
الثالثة : أن أهل السنة بمعناهم الواسع لهم جهد مشكور في تثبيت فضائل هذا الإمام ، فأثبوا فضائله الكبرى بتواتر وهذه حجة الله على الغلاة. 
الرابعة : الإمام علي يعصم من الإلحاد غالباً فمن عرفه بعلم لم تهتز عنده النبوة، ومن لا يعرفه قد يشك في النبوة أو يلحد. فهو معنى لا مجرد شخص
إذن فالذين يحبون النبي أو الإمام علي أو الحسن والحسين من المنافقين وأهل الريب واللؤم إنما يحبونهم لأنهم يظنون فيهم أهواءهم! فافهموا ! حتى الله عز وجل قد حمى نفسه من محبة أهل اللؤم والنفاق والكذب وهم إنما يحبونه لأنهم يظنون أنه أعطى الأمر لبني أمية وقدره برضا! ولو علموا أنه إنما أعطاهم كما أعطى فرعون وأملى لهم (ليزدادوا إثماً مع إثمهم) لما أحبوا الله. ويحبونه لأنهم يظنون أنه نصر هؤلاء الظالمين
كان الإمام علي مكتملاً وما أن تبحر في صفة من صفاته حتى تظن أنها الأبرز علماً وشجاعة وقرباً ونسباً وزهداً ومروءة وشهامة وصبراً. كان حجة مكتملة ليس لأحد عذر في الانحراف عنه لا من الزهاد ولا أهل العصبية ولا العلماء ولا العارفين ولا أهل المروءة والأخلاق ولا المستضعفين، فالذين يحبون النبي من أهل العصبية من قريش يحبونه لأنهم يظنونه صاحب عصبية لقريش والذين يحبونه من أهل العنف يظنونه صاحب عنف فهم لا يحبونه، لأن أهل العنف والغلو مثلاً لو عرفوا أنه ليس بصاحب عنف لما أحبوه لكنهم ارتضوا ما وضعه أهل العنف في سيرته فأحبوه لظنهم عنفه وعلى هذا فقس .


التعليق
لا شك ان الأمام علي (ع) ولد في الكعبة المشرفة ونشا وترعرع في حضن محمد (صلى) هذه حقيقة تاريخية مؤكدة لا يختلف عليها اثنان ولكن النواصب حاولوا ان يسوغوا اراء ويضعوا تفسيرات للتقليل من هذه المكانة والسمو للأمام وبالأخص في مسالة تربيتة في بيت النبي (صلى) فقد أضافوا ان جميع الصحابة هم تربية الرسول (صلى) كما قللوا من أهمية أسلام علي (ع) بأنه اسلم كطفل كما يقول ابن تيمية ... الشيخ حسن المالكي وجهنا الى التفاته جديدة وجديرة في هذه المسالة التي بقت خافية على الكثير من الباحثين , كما ان هذا الرجل صحح كثير من الآراء لغيره فقد وصف الشيخ احمد الكبيسي قبل مدة وجيزة ان الأمام علي افضل شخصية بعد الرسول (صلى) لكنه لم يفلح في الحكم كما في نص قوله [[ سيدنا علي الشخص الثاني بعد محمد (ص) ثم نحن بعد ذلك ابوبكر وعمر وعثمان بعد ذلك كما في البخاري كنا نفاضل بينهما ولا نفضل عليها احد......اين علي ؟ ليس في هذه الخانة ....علي مع النبي واهل البيت وانت تصلي بهم اللهم صلي على محمد وال محمد ...سيدنا علي سيدنا علي في علمه واخلاصه ومكانته وفضله مانزل في احد في القران كما نزل في علي هذا العلي الكريم العظيم الذي هو مفخرة في الحرب والسلم ما افلح في الحكم ....]]
لكن شيخنا المالكي لا يقبل منقبة للامام الا ان تكون بالكمال والتمام لذا صحح العبارة الاخيرة للشيخ الكبيسي بالاتي :
[[ كان الإمام علي في عهد النبي ناجحاً على المستوى السياسي والإداري والقضائي والعسكري في ولايته على اليمن وقيادته الجيوش ، فالفشل من الناس ، بل من سبقه من الخلفاء لم يكن لهم تجربة أدارية في عهد النبي الكريم ، فلم يتولوا ولاية ، ولم يقودوا جيشا ، فالأمام علي - سياسيا- هو الأكفأ ، وكان محمودًا من النبي في ولايته على اليمن في السنة العاشرة من الهجرة والذين يطالبونه بالمداهنة واتخاذ المضلين عضدا هو أعلم منهم ]]
الإمام علي (ع) أكثر الصحابة أهلية للخلافة علمًا وفضلاً وزهدًا وشجاعةً وبيتًا بل وتجربة سياسية وقضائية وإدارية وعسكرية , فقد ولي اليمن كله.
إذن لو توحد المسلمون حوله لما وقع للدين ما وقع ولكن هي الأهواء وحب السلطة لدى عرب قريش التي جعلتهم يذمون بني هاشم وفضلهم .
وأخيرا اود تصحيح عبارة لا ستاذي الشيخ المالكي وردت في الصفحة 12 من هذه الدراسة حيث قال : فالشيطان يروي لهم على لسان الإمام علي تنقيص الإمام وأهل البيت والرفع من أعدائه....والأصح ان تكون العبارة :
[ انهم يفترون على لسان الامام علي تنقيص الأمام وأهل البيت والرفع من أعدائه لان الشيطان يغويهم او يروي لهم ] 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=192364
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 04 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12