اضطلعت وسائل التواصل الاجتماعي بدور مهم ومثير للجدل في التحولات التي تكتسح العالم ، من خلال انتشار استخدامها في مختلف جوانب الحياة وتحولها بأعتبارها اداة للحوار التفاعلي المباشر واللحظي ، وإلى شبكة مترابطة لتناقل وتدفق المعلومات حول العالم بين عدد كبير من المشتركين في تلك الوسائل ، وتجتذب مئات الملايين من الاشخاص من ثقافات مختلفة ودول متعددة ، حيث يمكن من خلالها نشر قيم الحوار والتسامح ، وتناول العديد من القضايا الحياتية والمجتمعية من خلال العدد الكبير الذي يتابع هذه المواقع ، وكذا إلغائها الحدود المكانية والزمانية بين المستخدمين ، اضافة الى إلغائها مركزية المعلومة ورسمية نشرها وتدفقها .
لذلك تتميز وسائل التواصل الاجتماعي بتناميها كقنوات فاعلة وجديدة الاسلوب في التدفق المعلوماتي ، خارج مؤسسات النظام الرسمي الذي كان يسيطر بشكل تام على تدفق المعلومات ، وأحدثت هذه الميزة انعكاسات كبيرة على قواعد حرية النشر والتعبير ، وتدعيم الفكر الديمقراطي ، وحقوق الانسان ، كما شكلت تحديا للآليات السلطوية المعنية بالرصد والمراقبة .
فقد تحولت وسائل التواصل الاجتماعي الى منصات لنشر الاخبار ، حيث لم تعد تلك الوسائل أدوات تتيح للمستخدمين نشر تعليقاتهم الشخصية ومشاركة الاخرين فيها فقط ، بل اصبحت عند عدد كبير من المستخدمين منصات لنشر الاخبار والاحداث في العالم ، فهي مثلت اغناء للمحتوى الرقمي بما تحويه من مزيج ثري ووافر من النصوص والصور وملفات الصوت ولقطات الفيديو ، هذا المحتوى متعدد الوسائط انتشر بشكل هائل خلال السنوات الماضية عاكسا تعدد الثقافات والمستويات والاذواق ، كما وفرت وسائل التواصل الاجتماعي ، بيئة افتراضية آمنة للتجمع والحوار والنقاش والنقد والتعبير عن واقع الاحداث ، من دون الحاجة الى الالتقاء على ارض الواقع ، كما تميزت بالقدرة على دمج الاتصالات السلكية واللاسلكية والبيانات الواحدة بأشكال مختلفة ، واضافت خاصية جديدة لايوفرها الاعلام القديم ، وهي التفاعل ، وما بعد التفاعل ، والتفاعل هو قدرة وسيلة الاتصال الجديدة على الاستجابة لحديث المستخدم تماما كما يحدث في عملية المحادثة بين شخصين ، لذلك هذه المميزات عملت على الانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي ، واحدثت طفرة مدهشة وسريعة من حيث تنوعها واعداد مستخدميها الذين اصبحوا يعتمدون عليها للتواصل المهني والشخصي ، كما اسهمت في جعل الانترنت منبرا للحوار بين فئات المجتمع ، ومساهمتها في المتغيرات المتلاحقة التي يشهدها العالم .
واخيرا نقول استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي اعادة تشكيل العمل الاتصالي والاعلامي في المجتمعات المعاصرة ، وساهمت في التدفق المعلوماتي والاعلامي السريع بمحتواه المتنوع والفني وبصورة لم يسبق لها مثيل .ِ