- لا يخفى أنّ كل منطقة تستمد مكانتها مما حباها الله به من خصوصية .. أو من ساكنها وقاطنها .. أو من مقام ومدفن !!
فكما تقول الكلمة الشهيرة ( المكانُ بالمكين ) أي شرف المكان بشرف صاحبه ..
فمكة المكرّمة حازت بركتها من وجود البيت العتيق فيها .. ومقام النبي إبراهيم "عليه السلام" ودعاءه لها ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ) ..
والمدينة المنوّرة (يثرب) حازت مكانتها من هجرة الرسول الخاتم "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم" إليها فصارت مسكنه ومسجده ومدفنه .. ومدفن ابنته الطاهرة وابناءها البررة "عليهم أفضل التحية والسلام"
إذن كيف بأرضٍ حباها الله بأن مرّ عليها إبراهيم الخليل "ع" واشتراها من ساكنيها فصارت - على بعض الأخبار - ملكاً له !!
ثمّ على مرّ العصور صار ساكنَها أبو الحسن عليّ بن أبي طالب "عليه السلام" فكانت عاصمةً له ومنبر وعظه وحكومته ؟! ثمّ من بعد ذلك صارت مدفناً له !!
- كيف وقد ورد أنه "عليه السلام" اشتراها مما بين ( النجف إلى الحيرة إلى الكوفة ) بأربعين ألف درهم وأشهد على ذلك !! لعلمه أنها ستكون مدفنه ومدفن شيعته ومحبيه ووادي سلامهم ..
( راجع: تاريخ النجف الأشرف - عبد الرزاق حرز الدين )
- كيف وإنّها كانت مَقامَ ومُقامَ الأنبياء والأولياء .. خصوصاً صاحب العصر والزمان الوليّ المنقذ "أرواحنا فداه" وستكون عاصمةً له بإذن الله "عجّل الله فرجه الشريف" !!
- كيف وإنّها صارت مدفن الأنبياء والأولياء والأتقياء والصلحاء وعلى رأسهم آدم ونوح وهود وصالح "عليهم السلام" !!
- كيف وإنّها معقل العلم والحوزة الشريفة والمرجعيات الدينيّة وحاضرة التشيع وعاصمة الثقافة الإسلامية في العالم !!
- إلى غير ذلك من تواجد المساجد الكبرى والأولى تأريخياً والأشرف على وجه الأرض !!
إنّ النجف في سالف العهود كانت صغيرةً لا تتجاوز بضع كيلومترات حول الحرم المطهّر وكان ساكنوها متعلقين بقداستها ومحافظين على قدسيتها قدر الامكان ..
إذ كانت عبارة عن مدينة علمية دينية صغيرة .. حتى كان يُقال : إن بقّال النجف فقيه .. لاختلاطه بأهل العلم والفضيلة واكتسابه روحيّة العلم والمعرفة من أنفاسهم المباركة ..
ثم بعد ذلك توسعت جغرافياً وسكانياً ..
فصارت منارَ العلم وشعاع المعرفة ومصباح الهداية ومقصد المسترشدين ومصدر الواعظين وملهمة العالمين .. وإليها توجهت أنظار الملايين ..
اذا صارَ لزاماً - وعبر العصور - الحفاظ على مكانتها وصون هويتها وحفظ سمعتها من أن تنالها أيدي المغرضين وأنفس الشياطين ..
فهي أرض السلام ووادي الأمن والأمان والأرض التي باركها الله وجعل المبيت فيها سكناً وطمأنينة ..
وكما روي عن الصادق "ع" : ( المبيت عند علي "ع" يعدل عبادة سبعمائة عام ) و ( الصلاة عند قبر أمير المؤمنين "ع" بمائتي ألف صلاة ) و ( من كان له دار بالكوفة فليمسك بها - هذه مدينتنا ومحلتنا ومقر شيعتنا - اللهم ارم من رماها وعاد من عاداها .. أربع بقاع ضجت إلى الله يوم الطوفان البيت المعمور فرفعه الله إليه والغري وكربلاء والطوس .. أول بقعة عبد الله عليها ظهر الكوفة لما أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم فسجدوا على ظهر الكوفة )
ثم - لا يخفى - أنّ كل ما يمسّ المدن المقدسة وعناوينها .. ويقتحم المنظومة الدينيّة والقيميّة والأخلاقية التي جاء بها رسول الله "ص" وبعده أخوه وباب مدينة علمه "ع" وأبناؤه المعصومين "عليهم السلام" .. بحيث يؤثّر ويجرّئ الفاسقين وضعاف الدين على ارتكاب المنكر واجتناب المعروف ..
- على نحو التجاهر والعلنيّة - يعدّ هتكاً للحرمة السماوية وتجرّوءاً على النظم الملكوتية وتعديّاً على مكانة المدن وإرثها الحضاري والتاريخي ..
وقانا الله شرّ الأهواء والفتن ونزغ الشياطين .. من الجنّ والناس أجمعين .. وحرس نجفنا وأهلها من كل معتدٍ أثيم .. ببركة أمير المؤمنين ..
والحمد لله ربّ العالمين ..
صفحة قدسية النجف مسؤوليتنا اضغط على الرابط هنا
|