• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : على ضفاف الانتظار(89) .
                          • الكاتب : الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي .

على ضفاف الانتظار(89)

الذكوات البيض
هنا عدة نقاط:
النقطة الأولى: معنى الذكوات:
الذكوات: جمعُ ذكوة، والمُرادُ بها هُنا ربواتٌ بيض، تشبيهًا لها بذكوةِ النار، أي سناها وشعلتها. 
فهي بمعنى المكانِ المُرتفعِ الواضح.
وعند الذكواتِ بُنيَ الغريان، وهما بناءان مصبوغان بناهما النُعمانُ بن المنذر. 
وبينَ الذكوات دُفِنَ أميرُ المؤمنين. 
وتُعرَفُ اليومَ إحداها بجبلِ الديك، وتقعُ في شمال القبر الشريف، والثانيةُ في جنوبه الشرقي وتُعرَفُ بجبل النور، والثالثةُ في جنوبِه الغربي وعُرِفَتْ أخيرًا بجبل شرفشاه... 
أقول: هكذا ذكرَ المؤرخون، وقد يصعبُ اليومَ تحديدُ مكانِ الذكواتِ أو الغريين تحديدًا إلا على نحوِ الإجمال.
النقطة الثانية: الذكوات هي موضع عبادة المهدي:
وردَ في بعضِ الرواياتِ أنَّ الذكواتِ البيضَ ستكونُ موضعَ عبادةِ الإمامِ المهدي وخلوته، فقد وردَ أنَّ المُفضّل قال للإمامِ الصادق: يا سيدي، فأينَ يكونُ دارُ المهدي، ومجمعُ المؤمنين؟ قال: يكونُ ملكُه بالكوفة، ومجلسُ حكمِه جامعها، وبيتُ مالِه ومقسمُ غنائمِ المُسلمين مسجد السهلة، وموضعُ خلوته الذكوات البيض من الغريين. 
النقطة الثالثة: تخصيص وقت للعبادة:
اللافتُ للنظرِ في هذه الروايةِ أنّها في الوقتِ الذي أشارتْ إلى الجهاتِ الإداريةِ التي يتولاها الإمامُ المهدي من إدارةِ الحكومةِ، والحكمِ بينَ الناس، وإعطاءِ الناسِ مُستحقّاتِهم المادية، هي أشارتْ أيضًا إلى أنْ سيكونُ للإمام وقتُه الخاصُّ الذي يقضيه بعيدًا عن صَخَبِ الحكومة والانشغال بها، فهو رغمَ إدارته لحكومةٍ تُديرُ وتحكمُ الأرضَ كلها، إلا أنّه لا ينسى أنْ يُخصِّصَ وقتًا خاصًا للخلوةِ مع اللهِ (تعالى)، يُناجيه ويُعظِّمُه ويتوسّلُ إليه.
وهذا يُشيرُ إلى أنّه يعملُ على تقسيمِ وقتِه بصورةٍ متوازنةٍ بينَ أمورِ إدارةِ الدولةِ وبينَ علاقتِه الخاصّةِ باللهِ (جل وعلا).
النقطة الرابعة: تقسيم الوقت:
إنَّ هذا يعني لنا، أنَّ علينا أنْ نُقسِّمَ أوقاتنا بصورةٍ متوازنة، بين أمورِ الدنيا وأمورِ الآخرة، علينا أنْ لا ننسى أنه مهما انشغلنا بأعمالنا وعيالنا وكُنّا مُنهمكين بها، فإنَّ لأرواحِنا علينا حقًا في جعلِها مطمئنةً بذكرِ الله (جل وعلا).
علينا أنْ نُريحَ أرواحَنا بذكرِ الله (تعالى) في خلوةٍ بعيدةٍ عن المُنغِّصاتِ والمُكدِّراتِ والانشغالات، كما يفعلُ مولانا صاحبُ العصر والزمان.
ولنتذكّرْ ما وردَ عنِ الإمامِ الكاظمأنّه قال: «اجتهدوا في أنْ يكونَ زمانُكم أربعَ ساعات: ساعةً لمُناجاةِ الله، وساعةً لأمرِ المعاش، وساعةً لمُعاشرةِ الإخوان والثقاتِ الذين يُعرِّفونكم عيوبَكم ويُخلِصون لكم في الباطن، وساعةً تخلون فيها للذّاتكم في غيرِ مُحرَّم، وبهذه الساعةِ تقدرون علىٰ الثلاثِ ساعات» .
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=191456
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 02 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14