• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الشرط المسبق .
                          • الكاتب : باسل سلمان .

الشرط المسبق

في برنامج بالعراقي على قناة الحرة عرض يوم الاربعاء 15/12/2010 كانت الحلقة مخصصة للشهادات و الوثائق المزورة ، و كما هو الحال في جميع اللقاءات او الندوات الحوارية العراقية على تلك القناة فان الاراء انقسمت الى وجهتي نظر بعثية و لا بعثية ، مثل وجهة النظر البعثية شخص يدعى الناصر دريد ، حيث جسد هذا الشخص العقلية البعثية في التفكير و طرقهم الغريبة في المقارنة بين الحالات التي لاتقبل المقارنة . 
فمثلا و كعادة البعثيين المسكونين بهاجس الاجثاث يقارن المذكور بين العفو عن القيادات البعثية و العفو عن المزورين و هما حالتان متباينتان تماما و لا تقبلان المقارنة كما اشار لذلك لاحقا احد محاوريه و هو الاستاذ طارق حرب فمن يقتل ليس كمن يزور لكن المذكور لم يفهم تلك الاشارة .
 و في الوقت الذي راح فيه يطالب باقصى و اقسى العقوبات بحق المزورين فانه يقترح شمول القيادات البعثية بعفو مماثل لما حصل في جنوب افريقيا ، بالرغم من التباين الشاسع بين النموذجين في كل شيء ، فالجرائم البعثية كانت جرائم مخالفة للقانون الذي يعترف به النظام اما ما كان يحصل في جنوب افريقيا فانه كان يحصل تحت غطاء القانون السائد انذاك و هو قانون التمييز العنصري الذي يعطي للابيض حقوق لايسمح بها للاسود لكنه في النهاية قانون الدولة الذي لا يسمح بتجاوزه ، كما ان التغيير الذي حصل في جنوب افريقيا جاء بمبادرة من النظام الحاكم و ليس رغما عنه كما حصل مع النظام البعثي الذي ازيح بالقوة و مع ذلك لم يعترف او يتنازل عن اي جريمة من جرائمه مهما بلغت بشاعتها ، ناهيك عن معنى العفو بالمفهوم البعثي و هو العودة الى تسلم السلطة و هذا ما لم يجرؤ عليه اعتى اساطين الفصل العنصري . 
لا يتوقف تصلب النظام البائد و ازلامه الذي يمثل المذكور نموذجا صارخا لهم عند عدم الاعتراف بجرائمه و ادانتها ، لكنه يتعدى ذلك الى تجريم ضحاياه ممن اجبرهم النظام على الاصابة بالامراض و الاوبئة النفسية و الاجتماعية بل و حتى الاخلاقية و التي ليس اسوءها ممارسة التزوير . 
و هنا نحب ان نعرف راي المذكور ببعض حالات التزوير التي اثارت عنده التقزز 
1- طالب ذكي و مجتهد و متفوق لكن شخصيته انقيادية لان والده كان شخصية قاسية ، جاءت القوات الامنية الصدامية و انتزعته من القاعة الدراسية قبل شهور من تخرجه و لم يطلق سراحه الا بعد سنتين ، حيث عاد للالتحاق بالكلية مرغما نزولا عند رغبة والده لكنه ترك الكلية و لم يستطع الاستمرار رغم انقياديته و اذعانه لسلطة والده ، و هو يرى زملائه من البعثيين ممن هم دونه ذكاءا و اجتهادا يتخرجون و يخرجون في بعثات للحصول على شهادات عليا ، بعدها انقطعت عني اخباره و لحد الان ، لكني صادفت حالات معدودة مماثلة ، زوروا شهاداتهم و برعوا في اختصاصهم و تفوقوا على زملائهم من اصحاب الشهادات المعترف بها بعثيا .   
2- طالبان متجاوران في السكن تخرجا في نفس السنة من نفس القسم احدهما تقديره جيد و الاخر تقديره مقبول ، انتمى الثاني الى حزب المذكور بعد ظهور النتائج ليقبل في بعثة الى الخارج و يعود بعد فترة حاملا شهادة الدكتوراه اما جاره الذي اصبح مدرس في الثانوية فقد تحول الى شخصية سلبية سوداوية تفنن في جميع انواع التزوير و استثمر ذكاءه بطريقة غريبة حيث راح يعد و يبيع شهادات الماجستير و الدكتوراه لاصحاب الحظ السعيد من حملة الشهادات السليمة ، و قد يكون المذكور او احد اقاربه منهم .
3- خريج مرحلة ثانوية لم يستطع الالتحاق بالكلية الطبية لفرق بسيط باجزاء الدرجة لان قسم من اقرانه حصلو على درجات اضافية خاصة منحها النظام انذاك و لان نسبة من المقاعد كانت محجوزة لطلبة عرب لم يقبل نظرائهم من العراقيين ممن حصلوا على نفس الدرجات في جميع كليات و معاهد العراق ، فدخل صاحبنا مرغما كلية اخرى لكنه انقطع عن الدراسة قبل نهاية السنه الاولى لانه اصيب بالكابة . 
في الحالة الاولى نرى قمع الدولة انتج مواطنا مزورا وفي  الثانية نجد ان الحوار متبادل أي ان تزوير الدولة جوابه تزوير المواطن اما الحالة الثالثة فان تزوير الدولة جوابه هزيمة المواطن .
ان مستوى الفساد الذي بلغته سلوكيات السلطة البعثية اسقط كل المقاييس و اهدر الثقة بالعدالة الاجتماعية ، و مهد لاشاعة الفساد المزمن و تعميمه على كل مرافق الدولة و المجتمع ، لكنه بلغ ذروته في ما حصل من تجاوزات النظام على القوانين و السياقات و الضوابط الرسمية و الاجتماعية عندما منح راس النظام نفسه و ازلام عصابته  اعلى النياشين و الرتب العسكرية ، كما ازال الكثير من المحددات و الضوابط العلمية ، مما فتح الطريق لعناصر حزبه من الاميين المتملقين و البلداء و بتزوير رسمي للحصول على ارقى  الشهادات و الالقاب العلمية التي لم تكن متاحة الا لاصحاب العقول النيرة و الخبرة الطويلة و الجد و الاجتهاد . 
يقول المذكور ان  النظام الحالي تفوق على صدام الذي كان يكتفي باصدار قوانين العفو دون محاولة تقنينها و هو ما يحصل الان في ظل العراق الديمقراطي متغافلا ان اهم مظاهر الديمقراطية و النظام الديمقراطي هي سن القوانين و الالتزام بها ، اما ما لم يستطع المذكور فهمه فهو ان العفو الذي يصدر عن المزورين ياتي من خلال النظر اليهم كضحايا لنظام مارس ابشع انواع القهر الطائفي و العنصري خارج انتماء المذكور .
اما العفو الذي يطالب به المذكور عن نفايات النظام فهو امر كفله مجلس الامن الذي ربط خروج العراق من الفصل السابع برفع الاجتثاث عن اقذر تلك النفايات كشرط مسبق .
اخيرا نطالب قادة العراق بتوسيع الصفقة لتشمل الغاء الديون الكويتية و اعتذار النظام الكويتي عن اسناده لجرائم العصابة البعثية بحق العراقيين مقابل رفع الاجتثاث ، تحسبا لاحتمال كبير باستخدام النظام الكويتي لورقة رفع الاجتثاث كذريعة لرفع سقف الديون . 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=1911
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 12 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14