بمناسبة ذكرى ولادة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ذات الرقم ( ١٢٠٠ ) ، سنشرع إن شاء الله بسلسلة من الأوراق البحثية تحت عنوان [ المهدي - المعتقد والمستند - ] ، سنتطرق فيها الى أهمّ تفاصيل العقيدة المهدوية عند مدرسة أهل البيت عليهم السلام مع مستنداتها الخاصّة التي أكسبتها الحجّة والمشروعية ..
سنتخذ طريقة ( المتن والتعليق ) الحوزوية ، وسيكون المتن هو ما كتبه الشيخ محمد رضا المظفر طاب ثراه في كتاب ( عقائد الإمامية ) تحت عنوان فرعي ( عقيدتنا في المهدي ) ، وسنحاول البناء على ما كتبه قدس سره بحثاً وتوسعةً وبقدر ما يوفقنا الله لذلك .. وسنضع المتن بين قوسين [ .. ] ويليه التعليق الخاص بالمقطع المختار .. نسأل الله العون والقبول :
[ إن البشارة بظهور المهدي من ولد فاطمة في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاُ وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً ثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله بالتواتر ، وسجلها المسلمون جميعاً فيما رووه من الحديث عنه على اختلاف مشاربهم ] عقائد الإمامية ص٧٥
بهذا المقطع ابتدأ الشيخ المظفر حديثه عن العقيدة المهدوية ، وأن كلامه وبشكل واضح موجّه للمسلمين دون غيرهم ، لأن هدف كتاب ( عقائد الإمامية ) وبتصريح المؤلف في المقدّمة هو : " محاولة رفع الغيوم المتلبدة التي حجبت طويلاً بين الطائفتين الإسلاميتين الكبيرتين : أهل السنّة والشيعة .. " .
ولهذا فإنّ أول سلاح يشهره الشيخ المظفر هو ( الخبر المتواتر ) ، وهو أقوى دليل عند المسلمين بعد القرآن الكريم .
والخبر المتواتر ، هو الخبر الذي ينقله في كل جيل عدد كثير من الرواة يمتنع تواطئهم واتفاقهم على الكذب .. وبالتالي فهو يفيد العلم اليقيني ( القطع ) ، وهو أعلى درجات الحجية .
وهذا التواتر المدّعى تارة يثبت بالتتبع والاستقصاء ، وأخرى يثبت بإقرار الطرف الآخر ، والثاني هو الطريق الأقصر ولا يقل قيمة عن الأول إن لم يكن أقوى في مقام المخاصمة .. ومما نختاره من إقرار هو :
على أثر الحادثة التي حصلت في المسجد الحرام بمكة في الأول من محرم عام ١٤٠٠ للهجرة ، حيث أقدم جماعة وبينهم شخص يدّعي بأنه الإمام المهدي وعلى إثرها تم تصفيتهم من قبل الحكومة السعودية .. صدرت من الشيخ عبدالله بن زيد المحمود ( رئيس المحاكم الشرعية في دولة قطر ) رسالة في إنكار المهدي المنتظر .
تصدّى للرد عليه الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد ( عالم دين ومُحدّث سعودي وعضو هيئة التدريس بالجامعة الأسلامية ، له صور وترجمات وكتابات على الانترنت ) في مجلة الجامعة الإسلامية . ومما جاء في ردّه :
" وعلى أثر وقوع هذا الحادث المؤلم لقلب كل مسلم ، حصلت بعض التساؤلات عن خروج المهدي في آخر الزمان وهل صحّ فيه شيء من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأوضح بعض العلماء في الاذاعة والصحف صحة كثير من الاحاديث الواردة في ذلك .. ومنهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز رئيس ادارات البحوث والدعوة والارشاد ، فقد تحدّث في الاذاعة وكتب في بعض الصحف مبيناً ثبوت ذلك بالأحاديث المستفيضة الصحيحة .. وحصل في مقابل ذلك أن أصدر فضيلة الشيخ عبد الله بن زيد المحمود رئيس المحاكم الشرعية في دولة قطر رسالة .. نحا فيها منحى بعض الكتّاب في القرن الرابع عشر ممن ليست لهم خبرة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة صحيحة .. وفيهم مَن تعويله على الشبهات العقلية وكذّب بكل ما ورد في المهدي وقال كما قالوا أنها أحاديث خرافة وأنها وأنها ..
وقد رأيت كتابة هذه السطور مبيناً اخطاءه وأوهامه في هذه الرسالة وموضحاً أن القول بخروج المهدي في آخر الزمان هو الذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة وهو ما عليه العلماء من أهل السنة والأثر في القديم والحديث إلا من شذ .. " مجلة الجامعة الاسلامية العدد الأول السنة الثانية عشرة - محرم ، صفر ، ربيع اول ١٤٠٠ للهجرة - . يتبع
|