بعثة النبي في غار حراء في السابع والعشرين من رجب واحدة ، ولكن يمكن تحليلها الى الكثير من البعثات الضمنية ، بحيث أن كل واحدة من هذه البعثات منظور لها من حيثية معيّنة ، بل يستطيع كل منّا أن ينتزع موضوعاً نبوياً رسالياً ويجعل هذا اليوم بعثة له ، وهذا ينفع في التركيز على جوانب مهمة في البعثة قد تخفى أو تذوب في العنوان الكلي لها .. فمثلاً :
١. بعثة الأخلاق : وهذا نستفيده من قوله صلى الله عليه وآله ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .
٢. بعثة الرحمة : من قوله تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .
٣. يوم القراءة العالمي : كما أطلق عليه أحد الفقهاء المعاصرين ، باعتباره اليوم الذي نزل به قوله تعالى ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) ..
٤. ويمكن أن يكون يوم اللغة العربية ، قال تعالى ( إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ) ، ويقول تعالى ( وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِ ) ، يقول طه حسين : " والقرآن بعد هذا كله هو الذي حفظ اللغة العربية أن تذوب في اللغات الأجنبية التي تغلبت على اللغة العربية بحكم السياسة في عصور كثيرة وظروف مختلفة " .
٥. وهو كذلك يوم التحوّل والإنقاذ من الجاهلية الى الإسلام ، وهذا أوضح من أن يُذكر ، قرآناً وسنّةً ، يروى أنه لما بلغ رسول الله بوجود نزغة جاهلية بين الأوس والخزرج أرادت أن تندلع الحرب مرة أخرى بسببها قال مخاطباً المسلمين : ( يا معشر المسلمين ! الله ، الله .. أبدعوى الجاهلية ، وأنا بين أظهركم ، بعد إذ هداكم الله إلى الإسلام ، وأكرمكم به ، وقطع به عنكم أمر الجاهلية ، واستنقذكم به من الكفر ، وألَّف به بينكم ، ترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً .. ) .
فبالتالي هو يوم بعثة كل حكم أو عقيدة أو خُلق او أدب أو موضوع اسلامي ، فيمكن لكل أحد أن يختار ما يناسبه ويجعل من يوم البعثة عيداً لما يختار .. والحمد لله على نعمة الاسلام أولاً وآخرا .. وكل عام وأنتم بالف الف خير
|