جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن موبقا و يوبقهن "وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا" ﴿الكهف 52﴾ موبقا اسم، مَوبقا: مهلكاً، أي محبساً. أو موعداً. مَوْبِقًا: مهلكا أو واديا في جهنم. واذكر لهم إذ يقول الله للمشركين يوم القيامة: نادوا شركائي الذين كنتم تزعمون أنهم شركاء لي في العبادة؛ لينصروكم اليوم مني، فاستغاثوا بهم فلم يغيثوهم، وجعلنا بين العابدين والمعبودين مهلكًا في جهنم يهلكون فيه جميعًا. قوله سبحانه "أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ" ﴿الشورى 34﴾ يُوبِقْهُنَّ: يُوبِقْ فعل، هُنَّ ضمير، يوبقهن: يهلكهم. أو يحبسهن. و المَوبق: المحبس. و كل شيء حالَ بين شيئين. يُوبِقْهُنَّ: يهلكهن أي أهل السفن. أو يهلكِ السفن بالغرق بسبب ذنوب أهلها، ويعفُ عن كثير من الذنوب فلا يعاقب عليها. جاء في معاني القرآن الكريم: وبق وبق: إذا تثبط فهلك، وبقا وموبقا. قال تعالى: "وجعلنا بينهم موبقا" (الكهف 52) وأوبقه كذا. قال تعالى: "أو يوبقهن بما كسبوا" (الشورى 34).
عن تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (وبق) "موبقا" (الكهف 52) مهلكا بينهم وبين الهتهم، ويقال: موبق واد في جهنم، ووبق هلك يهلك، و "يوبقهن" (الشورى 34) أي يهلكهن. قوله جل جلاله "سفه نفسه" (البقرة 130) قال يونس: بمعنى سفه نفسه، ويقال: أهلكها وأوبقها. جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: "وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ" أي: بين المؤمنين والكافرين "مَوْبِقًا" (الكهف 52) وهو اسم واد عميق فرق الله به سبحانه بين أهل الهدى وأهل الضلالة عن مجاهد وقتادة وقيل: بين المعبودين وعبدتهم موبقا أي حاجزا عن ابن الأعرابي أي فأدخلنا من كانوا يزعمون أنهم معبودهم مثل الملائكة والمسيح والجنة وأدخلنا الكفار النار وقيل: معناه جعلنا تواصلهم في الدنيا موبقا أي مهلكا لهم في الآخرة عن الفراء وروي ذلك عن قتادة وابن عباس فالبين على هذا القول معناه التواصل والمعنى أن تواصلهم وتوادهم في الكفر صار سبب هلاكهم في الآخرة وقيل: موبقا عداوة عن الحسن فكأنه قال عداوة مهلكة وروي عن أنس بن مالك أنه قال الموبق واد في جهنم من قيح ودم.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: وله: "وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا" (الكهف 52) الموبق بكسر الباء اسم مكان من وبق وبوقا بمعنى هلك، والمعنى جعلنا بين المشركين وشركائهم محل هلاك وقد فسر القوم هذا الموبق والمهلك بالنار أوبمحل من النار يهلك فيه الفريقان المشركون وشركاءهم لكن التدبر في كلامه تعالى لا يساعد عليه فإن الآية قد أطلقت الشركاء وفيهم ولعلهم الأكثر الملائكة وبعض الأنبياء والأولياء، وأرجع إليهم ضمير أولي العقل مرة بعد مرة، ولا دليل على اختصاصهم بمردة الجن والإنس وكون جعل الموبق بينهم دليلا على الاختصاص أول الكلام. فلعل المراد من جعل موبق بينهم إبطال الرابطة ورفعها من بينهم وقد كانوا يرون في الدنيا أن بينهم وبين شركائهم رابطة الربوبية والمربوبية أوالسببية والمسببية فكني عن ذلك بجعل موبق بينهم يهلك فيه الرابطة والعلقة من غير أن يهلك الطرفان، ويومىء إلى ذلك بلطيف الإشارة تعبيره عن دعوتهم أولا بالنداء حيث قال: "نادوا شركائي" والنداء إنما يكون في البعيد فهودليل على بعد ما بينهما.
عن کتاب من هدى القرآن للسيد محمد تقي المدرسي: قوله تعالى "أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ" ﴿الشورى 34﴾ أو يوبقهن: أي يهلك السفن بأن يجعل الريح عاصفة حتى تغرقها، والإيباق الإتلاف والإهلاك. وإذا أراد الله أن يبتلي أحدا أو ينزل عليه العذاب فهو قادر على ذلك وبطرق متعددة، فهو تارة يوقف الرياح لتقف السفن التي نستقلها، أو ربما أرسلها بشدة فإذا بها تهيج أمواج البحر فتبتلع سفننا، وإلى جانب هذه القدرة الإلهية توجد في الطرف الآخر الأسباب والمقومات لإنزال النقمة، وهي ذنوبنا التي نكتسبها كل يوم "أَوْ يُوبِقْهُنَ" (الشورى 34) يغرقها، ويهلك من فيها "بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ" برحمته ولطفه، لذلك ينبغي المبادرة إلى الاستغفار ليل نهار حتى نأمن من سطوات الرب الجبار، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام (تَعَوَّذُوا بِالله مِنْ سَطَوَاتِ الله بِاللَّيْلِ والنَّهَارِ. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: ومَا سَطَوَاتُ الله؟ قَالَ عليه السلام: الأَخْذُ عَلَى المَعَاصِي).
|