• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كربلاء برؤية جديدة ح13 .
                          • الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي .

كربلاء برؤية جديدة ح13

كانت الحلقة السابقة تبحث عن شخصية ابي مخنف ..

بعد مزيد من الدراسة حول هذه الشخصية يتبين لنا أسرار مهمة , وروايات كثيرة نسجت على هذا الاسم , تاريخ مزيف كتب باسمه , لم يسلم الرجل من أجهزة الإعلام الأموي والعباسي ومن جاء بعدهم .. أليك بعض الآراء الموثقة في كتب المؤرخين عن جريمة تزوير كبيرة , المدونة في التاريخ الإسلامي ..

هذه الوثائق تبين حقيقة التزوير التاريخي باسم أبي مخنف ... أبو مخنف هو ، لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف الازدي شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ,له كتب عديدة ومن بينها كتاب مقتل الحسين (ع) كما هو مشهور بين الناس ..

هذا المقتل يتناول موضوع ثورة الإمام الحسين (ع) وأحداثها وقصة استشهاده (ع) . ولا يوجد ( هذا المقتل في أعصارنا مستقلاً ككتاب بأيدينا)، ولكنه يأتي ضمن تاريخ الطبري توفي سنة 310 هجرية . رويت أحداث واقعة كربلاء عنه خاصة ...ومقتله الذي بيد الطبري يعتبر من أقدم النصوص التاريخية في موضوع وقعة كربلاء وثورة الإمام الحسين (ع) وهو من المراجع التاريخية ..

تعليق على الرواية {{ يظهر جليا إن مقتل الحسين{ع} الموسوم بابي مخنف ليس كتابا مستقلا , ولا يوجد نسخة منه ككتاب مستقل , بل هو نص مستخرج من تاريخ الطبري – هذا يعني إن المقتل المشار أليه كراس ضمن تاريخ الطبري وليس كتابا مستقلا}} .. وهذه قضية غاية في الأهمية لان وفاة أبي مخنف عام 157 هـ . { ولم يكتب عن مقتله احد طيلة تلك الفترة , ولم يراه احد , ولا توجد نسخة مستقلة في عالم التأليف _ إذن هو نص ضمن تاريخ الطبري وتم طباعته بعنوان مقتل أبي مخنف }} ..!!

لنعود إلى تاريخ الكتاب الموسوم بمقتل أبي مخنف .... لكنه يوجد كتاب تحت أسم ( مقتل أبي مخنف ) طبع مرات عديدة في بومباي وبغداد والنجف وإيران ، وأيضاً طبع مع الجزء العاشر من بحار الأنوار . ( هذا المقتل طبع بعهد ناصر الدين شاه ويبدأ من الصفحة 356 مع العلم أن تاريخ كتابة الجزء العاشر من البحار طبع سنة 1286 هجرية ) .لان الملك ناصر الدين شاه تولى السلطة في إيران عام 1265 هـ وتوفي مقتولا عام 1313 هـ فيكون بين كتابة الجزء العاشر لو صح أن طبع بزمانه عام 1286 هـ وبين تاريخ وفاة أبي مخنف عام 157 هـ ـ بحدود 1111 سنة ...ألف ومائة سنة ونيف ,ولما كان الطبري لم يحصل على نسخة مستقلة .. فمن أين حصل الملك القاجاري عليها ..؟ ... إذن لا بد إن صاحب بحار الأنوار اعتمد المقتل كما جاء في الطبري ...

الوثائق المهمــــــــــة

 

أصبح يقينا أن هذا المقتل مجهول المؤلف وأيضاً زمن التأليف ، والراجح عند أهل الخبرة... أن المقتل الحالي غير المقتل المأخوذ عن لوط بن يحيى المشهور بأبي مخنف ذلك المؤرخ الجدير ، والذي مرت ترجمته عن النجاشي والسيد الخوئي رحمهما الله .. والذي ورد ذكره في النصف الأول من القرن الثاني الهجري . إذ أن بين النقلين تفاوتاً واضحاً ، مضافاً إليه فأن هذا الكتاب الأخير يحتوي على مطالب باطلة مما تجعله دون حدود الاعتبارات اللازمة في الكتب التاريخية ،وفيه روايات لا يقبلها العقل , ولا يرضاها المنطق , والمبالغة فيه واضحة جدا , وجدير أن يسمي (المقتل الجعلي الموضوع ) حتى يفرق بينه وبين المقتل المعتمد الوارد في كتاب الطبري . قال الشيخ النوري في تعليقه على مقتل أبي مخنف : ( أبو مخنف لوط بن يحيى من كبار المحدثين في الأخبار والسير والتواريخ ، ومقتله معتمد لدينا ونقل عنه أعاظم العلماء قديماً ، ومقتله الأصلي خالي من العيوب والمنكرات ، وأما ما ينسب إليه من هذا المقتل المتداول والذي يحتوي على منكرات ومخالفات لأصول المذهب ، فأن حتماً دسها في داخله الأعداء والجهال تبعاً لأهوائهم المريضة, مما يجعله ساقطاً من الاعتبار والوثوق.. ونرى في أعصارنا من هذا المقتل نسخاً متفاوتة زيادة ونقصاناً ) ( [1]) ..

الوثيقة الثانية : يقول المحدث القمي ( .. لوط بن يحيى أبو مخنف توفي سنة 157 هجرية مؤرخ مشهور له كتاب ( مقتل الحسين ) الذي نقل عنه أساطين العلم ، ((ولكنه مفقود الآن ولا توجد منه نسخه واحدة)) ، وأما الذي بين أيدينا من المقتل فينسب إليه في حين ليس له ولا لأحد من المؤرخين المعتمدين ... ومن أراد تصديق ذلك فليقابل ما في هذا وما نقله الطبري وغيره عنه ..) ..( المحدث القمي – الكنى والألقاب – طبع بيروت [2]) ([3]نفس المهموم – ص 5 طبع ايران ):

- المحدث القمي - نفس المهموم – ص 5 طبع ايران

( ما ورد في المقتل المنسوب لأبي مخنف لم يرد في المصادر الأخرى ..) .. وهاتان الوثيقتان الواردتان عن المحدث القمي الشهير تؤكدان بطلان ما نسب إلى المقتل المزعوم لأبي مخنف , ويؤيد كلامه ما ذهب أليه الشيخ النوري الوارد أعلاه ..

الوثيقة الثالثة : تعود لعلم من أعلام الشيعة هو السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي { صاحب كتاب المراجعات } للعلامة عبد الحسين شرف الدين في رده على سؤال عن نسبة هذا الكتاب إلى أبي مخنف واعتبارها باطلة..قال: ( أن كتاب مقتل الحسين والمتداول بأيدي الناس والمنسوب لأبي مخنف يشتمل على قصص لم يطلع عليه أبي مخنف لأنها نسبت الكذب إليه ).( [4] )...

هذه جولة قصيرة في رأي ثلاثة من المحققين في التاريخ فيما نسب لمقتل أبي مخنف ، وقد أكد جميعهم بأن نسبته إليه باطلة لما يحتوي على مطالب وقصص كاذبة تخالف أصول المذهب . ومنه يتبين أن المقتل الصحيح لأبي مخنف ليس متداولاً بين الأيدي .وإنما النسخة الموجودة مزيفة ..

إذن هذا المقتل لا يعتد بمروياته , ولا بقصته عن ثورة كربلاء العظيمة .. وهو لا يعدو كونه أحد الموضوعات ، ولو رجعنا للطبري وقراءة ما ورد فيه بعنوان مقتل أبي مخنف لوجدنا بين ما جاء عن الطبري وهذا المقتل فارقاً شاسعاً لا يخفى على القاريْ اللبيب ..كالفرق بين السماء والأرض , وعليه فنحن نرد هذا المقتل كما رده من قبل أساطين العلم, والبيان ولا نعتد بما جاء به . من خلال هذه الجولة يتبين إن التزوير متعمد , والنصوص وضعت مطابقة لأهواء الأمويين للتنصل من جريمة قتل الإمام أبي عبد الله الحسين {ع} وإلقاء وزر الجريمة على الشيعة في الكوفة والبصرة والقادسية وكربلاء .....

المحصلة النهائية في الجولة الاستطلاعية في آراء المحققين , وتناول الاختلافات الواردة في المقتل المزعوم , وتاريخ الطبري , وما طبع بعدها , يتبين لنا بعد التحقيق كيفية هذا المقتل نقول : أن عبارة نوم الإمام (ع) عند قبر جده (ص) ليلة الوداع , أنما وردت في كتاب المقتل الذي طبع ببغداد كما في الصفحة 13 ــ 14 ولكن الطبري لم ينقل لنا هذه الحادثة ... فمن أين جاء الكاتب بالرواية ..؟ أليس هذا دليل إنها من نسيج الخيال , الغاية منها استجلاب البكاء والدمعة , وتصوير الحسين {ع} انه ينام على القبر يأتيه جده بالمنام يأمره بالخروج إلى العراق ..إذن لولا هذا الأمر من النبي{ص} وهذه الرؤيا لما ثار الإمام {ع}..

هناك روايات مشهورة في المقتل , لا يوجد لها نص عند الطبري , ما يذكره ابن شهر أشوب يظهر أنه أخذ هذه الحكاية عن المقتل المنسوب لأبي مخنف والذي كتب في القرن السادس الهجري ، وفي حين لم يتوجه أبن شهر آشوب إلى غاية هذا الكتاب وأهميته ولذلك نقل عنه مطالب كثير منها قوله : ( قال أبو مخنف : أنه لما سقط الحسين (ع) إلى الأرض ،وصار يجود بنفسه , حمل جواده على معسكر الأعداء فقتل منهم مقتلة عظيمة ثم عاد إلى الحسين يمرغ أنفه بدم الحسين متجهاً إلى المخيم محمحماً باكياً )([5]).

وقد ورد هذا النص في المقتل المنسوب لأبي مخنف مع بعض الاختلاف البسيط كما في الصفحة 83 من طبعة بغداد ولكنه عند أبن شهر آشوب ؛ أن جواد الحسين قتل أربعين رجلاً ، في حين وردت العبارة في نسخة بغداد : أن جواد الحسين قتل خلق كثير .. وهذا الاختلاف في المتون هو ما نبه إليه الشيخ النوري بقوله : ( وقد وقع الاختلاف في نسخة زيادة ونقصانا ..) أن هذه المخارق والقصص التي امتلأت بها المقاتل لا تقوى أمام الدليل العلمي العقلي الذي يستهدي إلى الأمور عبر مخارجها المعقولة والمنطقية ، وليس سرأً أن هذه الخزعبلات جاءت بلسان القصاصين وأهل الحكاية أمثال الاسفرائيني الذي قال : أن جواد الإمام قتل من جيش ابن سعد عدة كبيرة تارة بأسنانه وأخرى برجليه..( [6]) ..

 


[1] - الشيخ المحدث النوري – اللؤلؤ المرجان ص 156 و 175 .. طبع إيران

[2] - المحدث القمي – الكنى والألقاب – طبع بيروت

[3] - المحدث القمي - نفس المهموم – ص 5 طبع ايران

[4] السيد عبد الحسين شرف الدين – مؤلفو الشيعة في صدر الإسلام ص42 طبع بيروت

[5] - ابن شهر أشوب – المناقب ج 4 ص58 – طبع إيران ...

[6] - الاسفرائيني – نور العين ص 28 طبع إيران

 

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=190214
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 01 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13